الرأس هي دايمًا العضو الحساس عند جميع المخلوقات، وهي نقطة الضعف اللي لو حصل فيها أي مشكلة فده ممكن يؤدي فورًا للوفاة، لكن بالرغم من كده فيه مخلوقات بتقدر إنها تستمر على قيد الحياة حتى بعد فصل راسها تمامًا عن جسدها، بعضهم بيعيش لفترة زمنية ممكن توصل لساعات أو أيام وبعدين يموت، والبعض الأخر بيعيش حياته بدون رأسه.
الثعبان الذي لا يموت
في ولاية تكساس الأمريكية كان جيرمي ساتكليف (Jeremy Sutcliffe) وزوجته بيستعدوا لاقامة حفل في بيتهم، و بدأت زوجته ترتب الحديقة وكانت بتزيل الحشائش من حوالين الأزهار، لكن فجاة بين الحشائش ظهر قدامها ثعبان طوله تقريبا 122 سم، في الوقت ده صرخت بأعلى صوتها وجِه زوجها بسرعة، وضرب الثعبان بمجرفة حديدة وقطع راسه تمامًا، وبعد فصل راس الثعبان عن جسده بالكلية وبعد ما إتأكدوا من زوال الخطر بدأت الأوضاع في المكان تهدى وتستقر، لكن فجأة وبعد حوالي 10 دقايق بدأ جيرمي يصرخ بصوت عالي، ولما جت زوجته علشان تشوف اللي بيحصل لقت إن راس التعبان المقطوعة عضت زوجها، وعلطول بدأ يدخل في غيبوبة ونوبات صَرع، وتم نقله للمستشفى وإتحط على جهازالتنفس الإصطناعي وحالته كانت خطيرة للغاية، لدرجة إنه اتعالج بحوالي 26 جرعة مضاد للسم، في حين إن اللدغة العادية بيتم علاجها بجرعتين لأربع جرعات فقط.
قصة جيرمي مش أول حادثة تم تسجيلها للدغات ثعابين تم قطع رؤسها، في حادثة كمان مسجلة لشيف صيني بيدعى بينج فان (Peng Fan) كلنا عارفين إن الصينيين بياكلوا أي شئ تقريبا، وعلشان كده مش هنستغرب لما نعرف إن الشيف ده كان بيطهي كوبرا في المطبخ بتاعه، الشاهد إنه بعد مافصل راسها عن جسمها، وأثناء ما كان بيرمي الراس في سلة المُهملات، راس الكوبرا فتحت فمها ولدغته، والغريب في الأمر إن ده كان بعد ذبحها بـ 20 دقيقة تقريبًا، ومن المؤسف إن الشيف مات بعد الواقعة الغريبة دي.
الباحثين بيقولوا إن الثعابين فِعلا عندها القدرة على العض، وحقن السم حتى بعد قطع رؤسها بساعة كاملة، وأحيانًا بعد فترة زمنية أطول من كده، بالرغم من إنها ميتة وجميع وظائف الجسم متوقفة تماما، لكن دماغها بتقدر تستجيب وتعض أي جسم جنبها، وتفسير الظاهرة الغريبة دي بيكمن في كون الثعابين من ذوات الدم البارد.
حيوانات الدم البارد بما فيه أنواع من الزواحف والبرمائيات، النوعية ده من الحيوانات بيحصلوا على الدفئ من عوامل خارجية زي أشعة الشمس والأسطح الدافئة، وبالتالي مش بتحتاج تستهلك طاقة للحفاظ على حرارة جسمها داخلياً، وعلى عكس الثدييات اللي بيموتوا على طول بمجرد قطع راسها، الثعابين مش بتحتاج أكسجين كتير لإمداد دماغها، وبتقدر تستمرعلى قيد الحياة لفترة معينة حتى بعد فصل راسها تماماً عن جسمها.
الدجاج
لو شوفت قبل كده فرخه وهى بتدبح تلاقيها بتجري وبتتنطط في كل حتة لحد ما تنزف و تموت، عشان كده المسئول عن ذبح الفراخ بمجرد ذبحها بيضعها فى وعاء وتفضل تخبط داخل الوعاء من غير ما تبهدل المكان، لو فرخة فضلت تعمل ده لفترة طويلة فالسبب في كده وعلى غير المتوقع بيكون خطأ بشري بواسطة الشخص اللي بيقوم بذبح الدجاجة، في الغالب بيتم قطع الجزء الأعلى من الرأس، واللي بيحتوي على الجزء الأمامي فقط من المخ أما المخيخ وجِذع الدماغ والمسؤولين عن الوظائف الأساسية وتنسيق وتنظيم النشاط العضلي، بيبقوا سالمين وقادرين يقوموا بمهامهم، وعلشان كده في بعض الأحيان الدجاج مش بس ممكن يقدر يتنفس ويعيش لِعدة دقايق بعد ذبحه وخلاص، ولكنه ممكن يعيش لفترة زمنية توصل لأكتر مِن سَنة بحالها، والحقيقة هو مش في بعض الأحيان ولا حاجة، وده لأن في حالة مسجلة بالفعل، لدجاجة استمرت عايشة 18 شهر كاملين بعد الذبح، وده في حادثة مسجلة من أكتر من 75 سنة وبالتحديد في 10 سبتمبر عام 1945 في ولاية كولورادو (Colorado) الأمريكية لـديك اسمه (مايك).
كان في مزارع بيدعى لويد أولسن (Lloyd Olsen) كان بيحاول إنه يدبح ديك في مزرعته علشان يقدمه لحماته على العشا، والديك مامتش في الأول كان بيتصرف زي الدجاج اللي مقطوع راسه، وبعدها بدأ يستعيد توازنه ويتحرك بشكل طبيعي جدًا، وده لأن قطع الراس تم بشكل خطأ والفأس ما اصابش الوريد الوداجي (jugular vein) وكان متبقي جزء كبير من الدماغ، وفضل الديك عايش بعدها لمدة 18 شهر، وكان الديك مايك عايش حياته عادي جدًا والمزارع كان بيأكله في المرىء عن طريق قطارة، وكان بيتنفس بصورة طبيعية برده من المرىء، مايك دَخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية واكتسب شهرة واسعة جدًا، كانت بتدر للمزارع آلاف الدولارات شهريًا، وفي النهاية مات الديك سنة 1947م، والمدهش في الأمر إنه مامتش بسبب النزيف مثلا ولا حاجة، ولكنه مات نتيجة الاختناق من حبوب الذرة، يعني كان ممكن يستمر في الحياة لفترة أطول من كده عادى، والباحثين في جامعة يوتا (University of Utah) اخدوا الجثه وحاولوا يكتشفوا ايه السبب بالظبط اللي خلي الديك مايك يعيش طول الفترة دي، واتضح وجود جلطة دموية في رقبته منعت النزيف حتى الموت، الجدير بالذكر إن في ناس كتير حاولت تقلد أولسن ودبحوا الدجاج بتاعهم بطريقة مشابهة علشان يحصلوا على الشهرة والمال، ولكن الدجاج كان بيموت بعدها بمدة قصيرة.
الحشرات
معظم المخلوقات بيتنفسوا من أنفهم وفمهم واللي بيتحكم في العملية دي هو الدماغ، وقطع الرأس بالنسبالهم هيؤدي لنزيف حاد ويقل ضغط الدم اللي بينقل الأكسجين للخلايا والأنسجة، الصراصير بقى عندهم دورة دموية مفتوحة، مفيش أوعية دموية ولا ضغط دم عالي ولا واطي، وعلشان كده بعد قطع رؤوسهم على طول بيحصل تجلط والنزيف بيقف، أما بقى قصة التنفس فهم مش بيتنفسوا من الرأس اساساً، وإنما في ثقوب على أجسامهم بتدخل الأكسجين للأنسجة مباشرة، يعني كده مفيش نزيف ولا في مشكلة في التنفس ولا الحركة، لكن المشكلة الوحيدة اللي بتقابل الصراصير بعد قطع رؤسهم هي التغذية، هيعيش إزاي من غير أكل، الصراصير مش هتعرف تاكل من غير استخدام رؤوسهم وعلشان كدا الصراصير مقطوعة الرأس بتموت في النهاية من فرط الجوع، ولكنها بتقدر تعيش لأسابيع إعتمادًا على الوجبة اللي في جسمها بالفعل، نفس الموضوع بالظبط بينطبق على الذباب، ولك أن تتخيل إن الذبابة مزعجة لدرجة إنك لو قطعت راسها، هتقدر برده تطير وتتنفس وتزن حواليك وتمارس حياتها بشكل طبيعي لمدة توصل لأسابيع.
الذبابة بتتنفس بامتصاص الاكسجين من على سطح جسمها، زيها زي باقي الحشرات بتتنفس من خلال فتحات في أجسامها اسمها الفتحات التنفسية، وبتقود الفتحات دِي الأكسجين عبر نظام معقد من الأنابيب وبتضخه في الجسم، وده بيمكنها للعيش بدون راسها لأيام أو حتى لأسابيع، وفي النهاية سَبب موتها بيكون الجوع، ونفس الشئ برده بينطبق على النحل بالظبط.
وعلشان كده ماتفكرش تمسك نحلة لسه ميتة، لأنها غالبًا ممكن تلدغك، هي مش هتطير ولا هَتتحرك ولا هتتنفس بس هتلدغك، عملية اللدغ بتحصل بشكل تلقائي بدون تدخل من المخ والأعصاب اللي موجودة بتستجيب لأي مؤثر خارجي، وبيبدأ جهاز اللدغ يشتغل بشكل طبيعي حتى والنحلة ميتة.
الضفادع
في القرن الـ 19 أجرى عالم الأعصاب ديفيد فيرير ( David ferrier) تجربة على الضفادع وقام بازالة دماغهم من جسمهم تمامًا، ووجد إن الضفادع اللي من غير دماغ بتستجيب لـ اللمس وبتتحرك وتقفز في الماء بشكل مماثل تقريبًا للضفادع العادية، لفترة زمنية مُعينة، والسبب في كده بيكمن في ردود أفعال انعكاسية مالهاش علاقة بالدماغ، والضفادع مش بس تقدر تعيش من غير دماغ كمان في انواع منها بتستطيع العيش حتى بعد التجميد، الضفادع اللي موجودة في الأماكن الباردة بتقدر تتكيف مع البيئة اللي حواليها، فبمجرد تساقط الثلوج مع بداية فصل الشتاء، بيبدأ الكبد يفرز كمية كبيرة من الجلوكوز المتخزنة جواه، والدم بينقلها لكل خلايا الجسم، والجلوكوز ده هو مَربط الفرس في الموضوع، لأنه هو اللي بيخلي الخلايا تحتفظ بكمية من المية جواها، تحميها من الجفاف والانكماش عند التجمد، وفي الحالة دي القلب بيتوقف عن ضخ الدم، والتنفس بيقف ومابيبقاش في أي استهلاك للأكسجين، ومش بس كده بل كل أعضاء جسمه بتبقى غير نشطة يعني ظاهريا ميت، لكن بحلول الربيع بيبدأ الجليد في الذوبان، والدم بيتدفق في جسم الضفدع مرة تانية، والقلب بيشتغل وكل الأعضاء والأجهزة بتستعيد نشاطها وبيمارس حياته بشكل طبيعي.