كل شعوب العالم عندهم قصص وحكايات بيحكوها بينهم وبين بعضهم، وكل حكاية من الحكايات دي بيكون ليها الطابع الخاص بيها والتفاصيل الملائمة مع ظروف وطبيعة البلد اللي نشأت فيها.
والقصص دي بيكون في منها القصص الحقيقية، ومنها الأساطير اللي ما لهاش أي أساس من الصحة، ومنها القصص اللي في الأصل حقيقية، لكن الناس ضافت عليها شوية بهارات وأحداث خيالية كنوع من سد الفراغات في القصة، وملء الأجزاء الساقطة اللي مش محدش يعرفها.
وعلى الرغم من إنها تبان مش حقيقية وخرافات حضرية، إلا إنها على الأغلب بيكون ليها أصل واقعي أو علمي بيتم اكتشافه مع التحقيق.
قصر هامبتون كورت Hampton Court
أكيد كلنا سمعنا عن القصور الأثرية المسكونة بالأشباح، وكمان سمعنا أساطير وحكايات متداولة بين أهالي المناطق اللي فيها القصور دي، عن أحداث وخوارق بتحصل داخلها، وواحد من أشهر القصور المشهورة بأساطير الأشباح والخوارق هو قصر “هامبتون كورت Hampton Court” الملكي الإنجليزي الواقع في منطقة Richmond في لندن.
قصر هامبتون هو قصر ملكي أثري والعيلة المالكة مش مستقرة فيه من عام 1694م، ولكن قبل ما القصر يكون مكان أثري -وأثناء ما العيلة المالكة كانت ساكناه-، حصلت فيه بعض الحوادث خلت الناس تقول أن القصر ده مسكون بالأشباح.
الحوادث دي متعلقة بأسرة الملك هنري التامن بالتحديد، اللي بيشاع إن أشباح اتنين من زوجاته بيظهروا في قصر هامبتون، الشبح الأول هو شبح زوجته التالتة “جين سيمور Jane Seymour” اللي ماتت أثناء ولادتها لإبنهم إدوارد السادس، وزوجتة الخامسة ” كاثرين هوارد Catherine Howard” اللي اتحكم عليها بقطع رأسها إثر ارتكابها لجريمة الزنا، والأساطير بتقول إن الناس والعمال في القصر بيسمعوها بتصرخ؛ دا كله بقى غير الناس اللي بتقول إن فيه شبح أصلًا للملك هنري نفسه ساكن في القصر، ده غير ممرضة الملك إدوارد السادس.. مووال، وحتى إن العاملين في القصر اكتشفوا شبح لامرأة بتفتح أحد الأبواب أثناء مراجعتهم لكاميرات المراقبة.
وطبعًا علماء النفس والباحثين ما سكتوش، وفحصوا القصر بشكل دقيق عشان يتأكدوا من الأساطير اللي بتتحكي عنه دي كلها؛ وعلى غير المتوقع الأساطير دي طلعت حقيقة ومش أساطير ولا حاجة، والناس فعلًا بتحس بأشباح في القصر لكن مش الأشباح اللي إحنا عارفينها.
لما الباحثين فحصوا قصر هامبتون اكتشفوا إن القصر فيه مجال كهرومغناطيسي عالي جدًا مقارنة بالأماكن اللي حواليه وبالأماكن الطبيعية اللي بنعيش فيها، وبناءًا عليه حبوا يختبروا تأثير المجال الكهرومغناطيسي العالي ده على الناس، ولقوا إن الطاقة الكهرومغناطيسية دي بتغير في فسيولوجيا الجسم، وبتأثر على أماكن معينة في الدماغ زي الفص الصدغي مثلًا وبتسبب أنواع من الهلوسة، وبالتالي بمجرد دخولك قصر هامبتون، الطاقة الكهرومغناطيسية دي هتحسسك أن فيه حاجة غلط بتحصل.
لكن مع ذلك مش كل الناس بتحس بنفس الشعور؛ لإن مش كل الناس عندها نفس الاستجابة للطاقة الكهرومغناطيسية، والدراسة اللي شرحت التجربة دي اتنشرت في المجلة البريطانية لعلم النفس من قبل دكتور “ريتشارد وايزمان Richard Wiseman” أستاذ علم النفس البريطاني وزملائه.
أما بقى بالنسبة للفيديو اللي التقطته كاميرات مراقبة القصر؛ فهو من الأساس مشكوك في أمره، واعتقد البعض إن الفيديو مفبرك اتعمل خصيصا لزيادة النشاط السياحي في القصر على حس أساطير الخوارق، لكن مع ذلك الدكتور “مايكل بيرسنجر Michael Persinger” أستاذ علم النفس الأمريكي الكندي بيقول إننا ما نقدرش نجزم إن الأشباح مش موجودة، ومن الممكن يكون أصلًا الأشباح بتتكون من الطاقة الكهرومغناطيسية اللي بتأثر على الدماغ.
وبناءًا عليه فبغض النظر عن إن اللي موجود في قصر هامبتون ده أشباح أو مجرد طاقة مغناطيسية؛ إلا إن الظواهر الخارقة اللي اتحكى عنها ما طلعتش أساطير ولا حاجة.
الرجل الأخضر الشبح
في غرب ولاية “بنسلفانيا Pennsylvania” في الولايات المتحدة الأمريكية، اتربى أجيال من القرن الماضي على أسطورة Charlie No-Face المشهور باسم (الرجل الأخضر الشبح)، والأسطورة بتحكي إن تشارلي ده راجل مشوه الوجه وما عندهوش عين أو فم أو أنف أو أذن أو حتى ذراع، والسبب في تشوه تشارلي أو الرجل الأخضر -حسب الأسطورة- هو إنه في صغره شاف عش لطائر على عامود كهرباء وفضوله أخده إنه يشوف العش ده من قريب؛ فتسلق على العامود ده عشان يوصل له؛ فالكهربا صعقته ووقع على الأرض فتشوه جزء كبير من جسمه، ومش بس كدا بل إن الصاعقة الكهربية الشديدة اللي اتعرض لها؛ أدت لتلوين جلده باللون الأخضر فأطلقوا عليه اسم الرجل الأخضر.
الأسطورة بتحكي كمان إن تشارلي لما كبر سكن في بيت مهجور وما اتعرفش عنه حاجة غير إنه بقى بيظهر في الولاية على هيئة شبح، وبيتحكي عنه للأطفال كأحد الأساطير الحضارية الموروثة.
لكن المفاجأة بقى إن الرجل الأخضر تشارلي No face طلع رجل حقيقي وما هواش شبح أسطوري ولا حاجة، وإن القصة اللي اتحكت عنه دي كلها قصة حقيقية فيما عدا بس إن جلده لونه أخضر أو إنه شبح.
وتشارلي No face هو راجل اسمه “ريمون روبنسون Raymond Robinson” الطفل اللي أصيب بجروح شديدة في عمر 9 سنين إثر حادث كهربائي اتعرض له لما تسلق عشان يطلع على جسر Morado، عشان يشوف عش طائر موجود عليه، ومن المؤسف إن الجسر دا كان عليه خط تروماي فيه خطوط كهربائية عالية الجهد أصابته وأدت لفقدان عينه وأنفه وذراعه الأيمن.
ودا الشئ اللي خلاه بيخاف يخرج من البيت وفضل عايش دايما فيه طول عمره مع أقاربه، لحد ما كبر روبنسن واشتغل مع أقاربه دول في صنع المحافظ والأحزمة كوظيفة يعيش منها من غير ما يضطر يخرج من البيت ويثير الذعر في الشارع من مظهره الأليم أوحتى أنه يتعرض لنظرات مسيئة، وعاش روبنسن حياة كئيبة ما بيقدرش يخرج فيها من البيت يشم هوا إلا في عز الليل والظلام عشان الناس ما تشوفهوش، ولما كان حد بيشوفه بالليل كان بيخاف منه ويبعد عنه؛ فاتخلقت أسطورة تشارلي أو الرجل الأخضر، وبقت أحد طيات التراث الشعبي في ولاية بنسلفانيا.
وجه مرعب في المرآة
كتير بنشوف فيديوهات على اليوتيوب الصورة المصغرة بتاعتها عبارة عن شخص باصص في المراية والانعكاس بتاعه شبح مرعب، ونلاقي الشخص اللي في الفيديو طافي النور ومولع شمع حواليه وباصص في المراية وبيقول Bloody Mary أكتر من مرة، ولكن ما فيش أي حاجة بتحصل، والفيديو بينتهي بخيبة أمل لينا كمشاهدين ولصاحب الفيديو اللي عمل التجربة.
ولو مش فاهم إيه اللي صاحب الفيديو عمله ده، فهو ببساطة بيعمل تطبيق عملي لأسطورة Bloody Mary، اللي بتقول إنك لو قولت كلمة Bloody Mary أكتر من مرة في المراية هيظهر لك وش مرعب، أو وش الملكة ماري، والوش ده ممكن يكون ودود معاك ويقول لك إيه اللي هيحصل لك في المستقبل أو ممكن يقتلك.
وعلى الرغم من إن الموضوع يبان عبثي وسخيف والفيديوهات اللي اتعملت عنه خير دليل؛ إلا إن الأسطورة دي مبنية في الأساس على حقيقة، وهي بتقول إننا هنشوف وش غريب في المراية لو فضلنا مركزين نظرنا على انعكاس صورتنا فيها لمدة كام دقيقة في الضوء الخافت -حتى لو ما قولناش Bloody Mary- وقولنا الشحرورة.
والظاهرة دي اختبرها دكتور “جيوفاني كابوتو Giovanni Caputo” أستاذ علم النفس من جامعة Urbino، ولما شاف بالفعل وش غريب مش وشه في المراية لكنه قريب من شكله، قال إن دا بيحصل نتيجة خلل في نظام التعرف على الوجه في الدماغ لسبب غير معروف، والظاهرة دي اتسمت بتأثير كابوتو نسبة ليه، أما بقى لو كنا عايزين نعرف تفسير لأسطورة بلودي ماري يفسر لنا اللي قاله كابوتو؛ فممكن نرجع بالزمن شوية لعام 1804م لما الطبيب السويسري “اجناز تروكسلر Ignaz Troxler” أطلق مصطلح تأثير تروكسلر، اللي بيقول فيه إننا لما بنبص على أي حاجة ونحط تركيزنا البصري عليها؛ المخ بيلغي تلقي أي إشارات عصبية من أي شيء تاني حواليها وهنشوفها هي بشكل أدق، ومع مرور الوقت وفي لحظة من الزمن بيتكيف دماغنا على المنبهات اللي بتوصل له من الشيء ده؛ فتقوم الخلايا العصبية بإلغاء إرسال إشارات للدماغ؛ فنشوف الصورة بعد كدا بشكل ضبابي ومشوش.
وعلى نفس الوتيرة لو بصيت في المراية ودققت النظر فيها هتشوف وشك بالكامل بشكل غريب نتيجة تركيز المخ على تفاصيل دقيقة في شكلك عمرك ما تطرقت ليها قبل كدا، ولو فضلت مطول شوية هتحس إن ده مش أنت ولو طولت أكتر هتشوف تشوه كبير في الإنعكاس، وبعض الناس ممكن يبدأ دماغهم في الهلوسة البصرية، ودلوقتي أنت تقدر تجرب الظاهرة دي بنفسك، ولو لسة خايف بلاها المراية يا سيدي، يكفي بس إنك تدقق نظرك على علامة الزائد (+) اللي في الصورة اللي قدامك دي لمدة 10 ثواني.
بالرغم من أن الصورة ملونة في الأصل إلا أن تركيزك في علامة الزائد إلا أن الألوان اللي حواليها بتبدأ تتلون للرمادي، ولو دققت أكتر هتحس إن الصورة بدأت تغمق وتفتح أو هتحسها بتتحرك بطريقة غريبة، وهو ده بالظبط اللي بيحصل لك في المراية؛ فتحس إنك شوفت وش غريب.
أما بالنسبة بقى لفيديو اليوتيوب لو تفتكره، فاليوتيوبر غالبا ما حصلش معاه حاجة لإنه ماكانش مدقق نظره كويس في انعكاسه وكان مركز مع الكاميرا عشان يجيب مشاهدات.