كلنا لما بنخلص أكل سواء وجبة غدا أو عشا أو حتى أي أكلة تانية بين الوجبات، بنبدأ نسأل نفسنا سؤال ثابت ما بيتغيرش: هو إحنا هنحلي بإيه؟
وحتى في العزومات والتجمعات العائلية داخل البيوت، دايمًا بيتردد بينهم جملة شهيرة وهي : استنوا يا جماعة علشان الحلو هينزل دلوقتي، بل إن المطاعم نفسها بإختلاف أنواعها لازم بيحطوا في المنيو بتاعهم قسم كامل خاص بالتحلية.

ليه جسمنا بيحتاج أصلاً حلويات أو سكر؟

رغبة أجسامنا في إننا نتناول الحلويات أو السكر بوجه عام بتعود لعدة أسباب :
أول سبب فيهم هو إن الجسم بيبقى محتاج طاقة إضافية علشان يهضم الطعام نفسه!، يعني إحنا لما بنتناول أي وجبة وخصوصًا الوجبات صعبة الهضم زي اللحوم أو الخضروات اللي فيها ألياف عالية، وقتها الجسم بيبقى محتاج كمية كبيرة من الطاقة علشان يقدر يهضم الوجبة دي، وهنا بيبدأ يلجأ لـ حيلة شهيرة وهي إنه يبعت رسالة للدماغ ويقوله أنا عاوز حاجة فيها سكريات، طيب اشمعنى السكريات؟ لأنها ببساطة من المواد اللي بتتهضم بسرعة ومصدر سريع للطاقة، يعني صاحبنا اللي لسه مالي التنك على الآخر والمعدة بتاعته عمالة تحارب مع الأكل، بمجرد ما يضرب قطعتين حلويات شرقي، السكر اللي في الحلويات يتهضم بسرعة ويدي إيحاء للجسم بإنه عنده طاقة، ويقدر يقوم بمهام الهضم بكل سهولة.

وجبتك الأخيرة لها دور في مدى رغبتك بالتحلية!

السبب التاني بيكمن في نوعية الأكل اللي أكلناه في أخر وجبة، لو واحد أكل وجبة فيها كمية كبيرة من المخبوزات والفطائر أو طبق رز كبير أو طبق مكرونة كبير، فالحاجات دي كلها نشويات، وبترفع مستوى السكر في الدم بشكل كبير، اللي بيحصل بقى جوا الجسم بعد الأكلات دي تحديدًا، هو إنه بيحب يحافظ على مستوى السكر عند الحد اللي وصله، ومايحبش إنه يقل عن الحد ده تاني، وعلشان كده بيبدأ يحفز الدماغ ويطلب منه سكريات أو نشويات تاني، لكن بجرعات أكبر، وده بدوره بيخليك لما بتخلص وجبة الغدا مثلا، بتحس إنك مش مكتفي بالأكل بدرجة مرضية وإن في حاجة ناقصة، والحاجة دي بتكون في النهاية قطعة حلويات، ومن الأشياء المُتعلقة برده بنوعية الطعام هي الأطعمة المالحة، لو بتاكل أطعمة فيها أملاح صريحة، زي البطاطس المقلية مثلا اللي بيكون مرشوش عليها ملح وتوابل، أو لو بتاكل أطعمة معلبة وبتحتوي على صوديوم معالج، ف الأكلات دي بتخليك تشتهي السكريات علشان تحِد من الملوحة بتاعتها، بل ان فيه سبب كمان متعلق بـ كيمياء الدماغ!

التحلية بتبسط الدماغ!

السكريات أو الكربوهيدرات بوجه عام، بتعزز من إفراز المواد الكيميائية المسببة للسعادة زي السيروتونين Serotonin والدوبامين اللي بيساعدوا في تحسين المزاج والشعور بحالة جيدة، بالإضافة إن الجسم بيدي إشارة للبنكرياس بإنه يزود من افراز الإنسولين علشان يتعامل مع كمية السكر الكبيرة اللي دخلت للجسم، والحاجات دي بتخلينا نشتهي السكريات أكتر، لكن طبعًا كل الجرعات دي سواء السيروتونين أو الدوبامين أو حتى الإنسولين ، بيبدأوا بعدها بشوية يقلوا بشكل كبير جدًا، أقل حتى من المستوى اللي كانوا عليه قبل تناول السكريات، وده بيفسر الظاهرة الشهيرة اللي بتحصلنا لما ناكل طبق حلويات مثلا ونبقى مبسوطين جدًا في البداية ومستمتعين، لكن بعدها بشوية نبدأ نحس بتأنيب الضمير أو إننا ليه أكلنا الكمية دي كلها، لأن الموضوع ده بيكون بسبب التغير المفاجيء في نسب الهرمونات داخل الجسم.

أنا عايز مكافأتي

أخيرًا بقى في عامل نفسي بحت متعلق بموضوع التحلية بعد الأكل، الحلويات في عقولنا مرتبطة دايمًا بالمكافأت والمناسبات السعيدة، ومرتبط في عقولنا كمان نتيجة العادات والتقاليد بإن دايمًا في تحلية بعد الأكل، فده بدوره بيكوِّن في النهاية شِيء أشبه بالبرمجة العصبية جوا دماغنا، بتخلينا نطلب الحلويات بشكل تلقائي بعد تناول الوجبات، وكأن الأكل بالنسبالنا مش هيكتمل بدون تحلية أو سكريات، بل إن إرتباط الحلويات بالسعادة تعدى لمراحل أبعد من كده بكتير، وبقت الحلويات هي الرفيق الوفي لأي شخص بيعاني من مشكلة نفسية أو عاطفية أو حتى إجتماعية، ويمكن من أكبر الأمثلة على كده هو إن في عدد كبير من الناس لما بيمروا بأزمة عاطفية مثلا بيلجأوا أحيانًا لإنهم ياكلوا حلويات بشكل مكثف، لدرجة إنهم بيزيدوا جدًا في الوزن بسبب إقبالهم المكثف على الحلويات.

إدمان وأمراض مزمنة

طيب دلوقتي خلينا نسأل سؤال مهم جدًا، هل أصلا عادة التحلية بشكلها المألوف بالنسبالنا تعتبر عادة صحية؟
الإجابة قطعاً لأ.
السكر من أكتر الأطعمة اللي بتسبب خطر على صحة الإنسان، بتصل خطورته في بعض الأحيان لخطورة التدخين والإدمان!.
السكر هو مصدر للسعرات الحرارية الفارغة اللي بدون قيمة غذائية، وده نظرًا لأن أدواره في الجسم محدودة جداً، وعلشان كده بيساهم في تراكم الخلايا الدهنية وبيؤدي لزيادة الوزن والإصابة بالسمنة بالإضافة لضعف جهاز المناعة، والحاجتين دول هم أهم الأسباب اللي بتؤدي إلى الإصابة بمعظم الأمراض المزمنة، زي “السُكري، وأمراض القلب، وضغط الدم” وغيرهم، وعلشان كده دايمًا خبراء وأخصائيين التغذية بينصحوا بالتخفيف والإبتعاد عن السكر.
لكن المفارقة العجيبة بقى هي إن السكر بالرغم من أضراره المتعددة، إلا إنه مهم في بعض الوظائف زي إنه مصدر طاقة رئيسي للدماغ، واللي مابيقدرش يستفيد من مصادر الطاقة الأخري بسهولة اللي زي الدهون والبروتينات، وعلشان كده صعب جدًا إن الإنسان يتجنب السكر تمامًا أو إنه يمتنع عنه مرة واحدة على الأقل.
يعني من الأخر كده، الجسم محتاج السكر أو “التحلية بوجه عام” ولكن بكميات محدودة ومنظمة، لأن الإفراط في أي شىء بيسبب عواقب خطيرة.
طيب دلوقت بعد ما عرفنا إن السكر خطر، نعمل إيه علشان نتغلب على شهيتنا المفتوحة تجاه الحلويات بعد الأكل؟

حلول سهلة وفعالة

الحقيقة في كام استراتيجية بسيطة ممكن نستخدمهم، وأول خطوة فيهم هي الفصل الزمني بين وجبات الطعام وبين الحلويات، يعني لو أنت شخص متعود تحلي بعد الأكل على طول، فحاول إن يبقى في وقت بين الأكل وبين التحلية مش أقل من ساعة، عشان تبدأ تبرمج جسمك أنه ما يعملش ربط تلقائي إنه لازم بعد أي وجبة يبقى في حاجة طعمها مسكر، ومع الوقت جسمك هيبتدي يتعود على الفاصل ده.
نقطة مهمة تانية وهي الخلط بين الجوع والعطش، في علاقة مهمة بين السوائل اللي بتدخل للجسم وبين رغبته في استهلاك السكر، بمعنى إن الجسم لما بيكون حاسس بالجفاف، في الحالة دي بيشتهي السكريات جدًا بشكل وهمي، وبيبقى معتقد إنها هتحل مشكلة الجفاف، والعكس صحيح، كل ما شربنا سوائل أكتر كل ما كان الجسم رطب أكتر، وبالتالي كل ما إشتهائه للسكر يقل، وعلشان كده دايمًا الخبراء بينصحوا إن لو الشخص حَس برغبة ملحة بعد الوجبات الأساسية بإنه عاوز ياكل سكريات، فكل اللي عليه في الوقت ده هو إن يشرب كوباية مياه، وبعدين يستنى شوية لمدة خمس أو عشر دقايق، ولو لقى بعدها إن الشعور ده اختفى، ف ده كده معناه إن الرغبة دي كانت وهمية والجسم كان عطشان مش أكتر، أما بقى بعد مرور العشر دقايق لو رغبة الحصول على السكريات مازالت موجودة، فده معناه إن الجسم فعلا بيشتهي السكريات، وبالتالي مافيش مانع في الحالة دي إننا ناكل حلويات بكمية قليلة، كمان بخصوص النقطة دي، في دراسات بتقول إن الرغبة في تناول طعام معين، ممكن تتلاشى أو تنتهي في خلال من 3 إلى 5 دقايق، يعني لو أنت وصحابك قاعدين وفجأة هبت في دماغكم إنكم عاوزين تاكلوا فطيرة شوكلاتة، فلو قعدتوا شوية ما تتكلموش في الموضوع واتلهيتوا في أي حاجة، وبعدين جيتوا تفتحوا الموضوع تاني، في الحالة دي تحمسكم للفكرة هيكون أقل بكتير. وده لأن العقل بيكون متمسك بالأفكار بشدة في الدقايق الأولى، وبعد كده تمسكه ده بيقل تدريجيًا، وعلشان كده لو حسيت برغبة مُلحة بعد الأكل بإنك عاوز تاكل حلويات، ممكن تقعد كام دقيقة تلهي نفسك بأي شيء تاني، هتكتشف إن الفكرة بقت غير مُلحة بالنسبالك، والحيلة دي ممكن تطبقها في حاجات كتيرة جدًا في يومك بعيدًا عن الأكل.
بعد كده بقى مهم إننا نتجنب المشروبات اللي بتحفز الجسم على تناول السكر زي “الشاي والقهوة”، وده لأن المشروبات دي بتكون مُرة المذاق، وبالتالي أغلب الناس بتحليها بالسكر، وفيه ناس كتير بتحليها بكميات كبيرة من السكر، وفيه ناس تقولك لأ مش هحليها بس هاكل معاها حاجة مسكرة، وبالتالي تقليل المشروبات دِه هتكون عامل مساعد جداً لتقليل نسبة السكر اللي بتستهلكها.

تحلية سليمة

وأخيرًا بقى يفضل طبعًا إننا لو محتاجين فعلا نحلي، فنخلي التحلية دي طبيعية، فواكه وثمار طبيعية وعسل نحل، لأن السكريات اللي من النوعية دِه أقل ضررًا من السكر الأبيض المعروف، ولو بنحب الشيكولاتة فخلينا في الشيكولاتة الغامقة، لأنها بتحتوي على كمية قليلة من السكريات، وغنية بالعناصر الغذائية المفيدة زي الماغنسيوم والبوتاسيوم والحديد، وكمان بتشبع رغبتك في تناول الحلويات.