الماموث والنمر السميلودون والميجالدون وغيرهم كتير من الحيوانات المنقرضة من المواد اللي ليها جمهور كبير جدًا من متابعي القصص والأفلام، بينما على الجانب الآخر بدأت مجموعة كبيرة من العلماء أنهم يسخروا كل جهودهم عشان يلاقوا طريقة يرجعوا بيها الأنواع دي من الإنقراض، لكن ياترى إزاي، إزاي ممكن حد يقدر يرجع حيوان كان منقرض.

الانقراض السادس

بُيقدر العلماء إنه خلال تاريخ الأرض الطويل تنوعت الكائنات الحية لغاية ما وصلت لحوالي 5 مليار نوع مختلف من المخلوقات، إلا أنه برضه وخلال التاريخ الطويل ده فكل اللي اتبقى من أعداد الكائنات دي لا يزيد في الوقت الحالي عن 10 مليون نوع فقط لاغير، أما السبب في انخفاض الأعداد للدرجة دي فبيرجع لحدوث 5 انقراضات كبيرة قضت تقريبًا على 99 % من كل الأنواع اللي عاشت على الأرض، كل مرة كانت بتحصل كارثة طبيعية بتقضي على ملايين الأنواع، ويمكن تكون أشهر الكوارث دي هي كارثة النيزك اللي ضرب الأرض من 66 مليون سنة، واللي راح معاها أعداد كبيرة من الكائنات أشهرها طبعًا الديناصورات بكل أنواعها، والمهم يعني إن كل الانقراضات الخمسة اللي فاتت دي كان الإنسان ملوش أي يد فيها؛ وده ببساطة لأن الانقراض الخامس والأخير كان خلال العصر الطباشيري من ملايين السنين، لكن البشر دلوقتي شغالين في حملة تخريبية على نطاق واسع واللي أدت في النهاية لبدء موجة الانقراض السادس، فمع تدمير الغابات وموائل الكائنات الحية ونشر التلوث والصيد الجائر وكل البلاوي دي؛ بدأت بالفعل الكارثة اللي بيطلق عليها الباحثين “الانقراض الهولوسينى Holocene extinction”، فالباحثين بيؤكدوا على وجود حوالي 20% من الكائنات الحالية أصبحوا بالفعل على حافة الانقراض، بالإضافة كمان إلى إن الموضوع ممكن يكبر فلو مقدرش الإنسان إنه يحمي نسبة الـ 20% دول؛ بالتأكيد هيتعرض التوازن البيئي للاختلال وهتبدأ كل الكائنات الغير معرضة للانقراض بما فيها الإنسان نفسه تكون هي كمان عُرضه للأخطار، وعشان كدا بدأت تظهر القوانين واللوائح اللي بتحد من الآثار التخريبية قدر الإمكان، وبدأت كمان الأبحاث والجهود العلمية في إنهم يحاولوا يرجعوا الحيوانات اللي انقرضت.

جهود العلماء والدي اكستنشن

على عادة العلماء بتبدأ التجارب في الأغلب على الفئران، فكانت البداية هي محاولة تجميد مجموعة من ذكور الفئران وبعدين تم استخلاص عينات من السائل الحيوي، وفي النهاية تم التخصيب مع واحدة من الإناث الحية، ومع توالي المحاولات قدرت واحدة من الإناث إنها تنجح في الحمل والإنجاب، وطبعًا بالنسبة للعلماء كان حدث علمي كبير؛ وده لأنهم اعتبروا إنهم ساهموا في تجربة الإنجاب من أب ميت، وعلى الرغم طبعًا من بساطة التجربة وإن علميًا الأب مكانش ميت ولا حاجه، إلا إن طبعًا التجربة فتحت آفاق كبيرة وتطلعات أكبر؛ فبدأ العلماء يتساءلوا عن إمكانية إحياء بعض الحيوانات المنقرضة وخاصة نوعية الحيوانات اللي بتبقى محفوظة في التربة الصقيعية من العصر الجليدي الأخير، وبالفعل بدأت المحاولات واشتهرت الأبحاث اللي من النوع ده بإسم الـ De Extinction أو القضاء على الانقراض، لكن طبعًا في الوقت ده ما أمكنش الحصول على العينات المناسبة لإجراء التجارب؛ ونتيجة لكده انصبت محاولات العلماء على الكائنات الحية غير المنقرضة نفسها، وطبعًا كانت التجارب دي بتهدف إلى جانب التدريب العملي إنها على الأقل تدي العلماء الثقة والتطمينات على مستقبل الحيوانات الموجودة بالفعل، يعني حتى لو منجحتش التجارب إنها تساعد على بعث المنقرض من الحيوانات فيبقى على الأقل قدرت إنها تحافظ على الكائنات المهددة بالانقراض؛ ونتيجة للمجهودات دي كلها نجح العلماء في أواخر القرن الـ 20 في تجربة إستنساخ النعجة دولى سنة 1996، واللي من وقتها بدأ عصر جديد للبيولوجيا وهو عصر الهندسة الوراثية.

وعل البوكاردو

مع التقدم اللي شهدته علوم الهندسة الوراثية رجع للعلماء الحلم القديم في استعادة بعض الحيوانات اللي انقرضت بالفعل، لكن كانت مشكلة العلماء العويصة منين يجيبوا أم بديلة عشان يزرعوا فيها البويضة المخصبة؛ فعملية “الاستنساخ” بتعتمد من الأساس على أن العلماء ياخدوا المادة الوراثية للحيوان اللي عايزين “يستنسخوه” وبعدين بيخصبوا بيها بويضه خالية من الكروموسومات وبعدين يزرعوا البويضة دي في رحم الأم البديلة؛ لإنتاج النسخة المطلوبة، وبما إن الحيوان انقرض فمن الطبيعي ميكونش في أي أم بديلة، لكن طبعًا أحلام العلماء مش بيبقى ليها حدود، وطالما التمويل المالي موجود يبقى التجارب هتستمر أيًا كانت العقبات، وعشان كده أصر العلماء إنهم يجربوا يزرعوا البويضة المخصبة في رحم أقرب أقرباء الكائن المنقرضة؛ فاستمرت التجارب لغاية ما قدر مجموعة من الباحثين في سنة 2009 أنهم ينجحوا في استنساخ وعل البوجاردو، واللي يعتبر أحد أنواع الماعز اللي كان بيعيش على الحدود الإسبانية الفرنسية وانقرض قبليها بعشر سنين، وعلى الرغم من 500 محاولة مع 500 بويضة تمت زراعتها في رحم 500 ماعز مسكين نجحت عنزة واحدة بس في الحمل وظهر المولود المستنسخ للنور، لكن مع الأسف المخلوق التعيس ده مقدرش يعيش إلا 10 دقائق بالظبط ومات بعدها نتيجة لولادته بتشوه في الرئة، وأصبح ماعز البوكاردو التعيس ده هو صاحب 2 من الألقاب الفريدة في عالم الكائنات الحية، فهو صاحب لقب أول حيوان منقرض يرجع للحياة، وصاحب لقب الحيوان الوحيد اللي انقرض مرتين.

تصحيح المفاهيم

على الرغم من مأساة وعل البوجاردو، إلا أنه طبعًا مكانش من المنتظر من العلماء أنهم يستسلموا بسهولة، خصوصًا أنه كان فيه صدى إعلامي كبير فمكانش ادام الباحثين إلا أنهم يحاولوا تصحيح المفاهيم بقدر الإمكان، فمبدئيًا كده الباحثين نفسهم بدأوا حملة تصحيح العبارة من الأساس، فواحد زي البروفيسور جورج تشرش الأستاذ بجامعة هارفارد بيقول: “إنه من الخطأ إطلاق لفظة الإحياء أو العودة من الانقراض على التجارب، إنما التعبير الصحيح من الممكن يكون الانقاذ الجيني أو الانعاش البيولوجي”، فمن الأصل كل تجارب العلماء بتجرى على المواد الحية، بالإضافة كمان إلى إن استخدام كل تقنيات الهندسة الوراثية مش بتنتج في النهاية كائن طبق الأصل من الكائن المنقرض، فعلى سبيل المثال بيحاول العلماء إعادة حيوان الماموث المنقرض بالاستعانة برحم أم بديلة من مجموعة الفيلة الآسيوية، وبالتالي ففي حالة نجاح التجارب مش هيبقى المعنى الحقيقي هو أن الماموث رجع من الانقراض، لكن في الواقع فالمخلوق المستنسخ ده من الممكن إننا نطلق عليه إسم (المامو-فيل) أو (الفيل – موث)، إنما هو في النهاية مش هيبقى فيل ولا ماموث.

الحمض النووي

زى ما قلنا فالنوعية المفضلة من الحيوانات المنقرضة عند العلماء هي المحفوظة في التربة الصقيعية، يعني بالبلدي كدا “الحيوانات المتجمدة من يوم ما ماتت”، وياريت لو ليهم أقارب أحياء من الدرجة الأولى، زي مثلاً حكاية الماموث دي اللي حاولوا يستنسخوه مع أقاربه من الفيلة، وعمومًا في عام 2013 حددوا 24 نوع من الحيوانات المنقرضة المرشحة لإجراء التجارب عليها، ومن الجدير بالذكر إن مسألة إنتخاب الـ 24 نوع دول من الحيوانات مكانتش لمجرد الأسباب اللي قلنا عليها، إنما بقى أهم سبب على الإطلاق واللي من غيره مكانش ينفع الموضوع من الأساس، هو إختيار بعض الحيوانات اللي مازال من المحتمل إحتواء جثثها على بقايا من الحمض النووي، فاللي تبين للعلماء إن الحمض النووي في أحسن الظروف المناسبة من الممكن إنه يصبر ويستمر في بقايا الجثث لمدة 6.8 مليون سنة، ولا شك طبعًا إنها مده كبيرة جدًا لكنها في النهاية مش هتشمل كل المخلوقات؛ فحاجه مثلاً زي الديناصورات اللي انقرضت من 66 مليون سنة مش هيكون أدامها أي فرصه لإعادتها من الانقراض؛ وده طبعًا بسبب التحلل الكامل لاحماضها النووية، ومن هنا بدأ العلماء يحطوا تعريف علمي جديد للانقراض واللي أصبح معناه مش مجرد إختفاء نوع من الأنواع إنما هو على وجه الدقة مرور الوقت الكافي لتحلل مادتها الوراثية.

تهديدات واخطار وفوايد

الحقيقة قضية إعادة بعض الحيوانات المنقرضة دي زيها زي غيرها بتشهد انقسام بين الباحثين، فبعضهم بيعتبر إن الإنسانية بتحتم عليهم إن البحث العلمي يساعد على حماية الكائنات من الانقراض، ده غير أن الحفاظ على بعض المخلوقات الحية مفيد للبشر نفسهم، وعندك حاجه مثلاً زي الإنفلونزا الإسبانية فالنوع ده من الفيروسات قدر إنه يقضي على حوالي 50 مليون إنسان؛ لعدم توفر العلاج وقت انتشاره، لكن العلماء والباحثين قدروا إنهم يعيدوا إنتاج النوع ده من الفيروسات في المعمل ويخضعوه كمان للأبحاث وبناءًا عليه أنتجوا عقاقير مضادة، لكن المعترضين على النوع ده من الأبحاث شايفين أن ممكن تحصل أخطاء أخلاقية ومعملية اللي من الممكن تنتج المسوخ والكوابيس مش العلاجات، وبالمناسبة فده فعليًا كان أحد الأسباب اللي خلت البعض يعتقد إن وباء كورونا العالمي كان نتيجة التصنيع في المعامل، بالإضافة بقى إن البعض بيتساءل عن جدوى إنتاج حيوان زي الفيل الماموثي ده، وهل ياترى هيتحط في حديقة حيوان في بلد حارة ولا يرجعوه يعيش في سيبيريا لوحده، ده غير بقى إن كل الكائنات المحتمل استنقاذها دي هتعاني بلا أدنى شك من ندرة التباين الجيني؛ وده ببساطة لأن العينات اللي تم الاعتماد عليها في عملية الإنعاش دي على الأغلب هتبقى من جثث محدودة جدًا إن لم تكن جثة واحدة بس؛ فعملية إنك تلاقي كائن حي سليم المادة الوراثية دي مش حاجه سهلة، فكل جثة أو جزء من جثة بتمثل حدث علمي فريد، ففي النهاية هيضطر العلماء لاستخدام عينات متشابهة وهي الطريقة اللي عادة بيكون محكوم عليها بالانقراض لمرة تانية مهما كانت الرعاية، والحقيقة الموضوع فيه خلاف كبير ومازال غير محسوم حتى الآن.