في الأونة الأخيرة إنتشر جدل كبير جدًا بخصوص تطبيق واتساب، واللي طبقًا لاحصائيات مارس 2020 عليه 2 مليار مستخدم نشط شهريًا على مستوى العالم، دلوقتي بمجرد ما بتفتح تطبيق الواتساب بتظهر قدامك رسالة بتطلب منك إنك تحدث سياسات الخصوصية الجديدة وتوافق عليها، والموضوع ده بقى هو اللي أثار كل الجدل؛ لأن سياسات الخصوصية دي بتدي للواتساب صلاحيات جريئة مكنش بيمتلكها قبل كده.
وبناءًا عليه، الناس على مواقع التواصل الإجتماعي بدأوا ينتقدوا سلوك الشركة، بل إن عدد كبير من الناس قرروا إنهم يسيبوا واتساب ويتجهوا لتطبيقات آخرى زي تطبيق (سيجنال) واللي بيحفظ خصوصيتهم بصورة أفضل، وإنضم للناس دي عدد من المشاهير، زي (إيلون ماسك Elon Musk) مؤسس شركتي تسلا وسبيس إكس، واللي كتب على تويتر (Use Signal استخدم سجنال)، بل إن مؤسس موقع تويتر نفسه، (جاك دورسي Jack Dorsey) دعى الناس هو كمان بإنهم يسيبوا واتساب، ويتجهوا لـ (سيجنال).
فـ ياترى بقى إيه الحكاية، إيه سياسات الخصوصية الجديدة اللي شركة واتساب عملتها، وليه أصلا عملوا كده، وهل فعلًا الشركة هتجيب ورا عن الموضوع ولا لأ؟
محتوى الرسالة
“يقوم تطبيق واتس آب بتحديث شروطه وسياسات الخصوصية الخاصة به، بالضغط على موافقة، فإنك توافق على الشروط وسياسات الخصوصية الجديدة، والتي تسري في 8 فبراير 2021 وبعد هذا التاريخ، ستحتاج إلى قبول هذه التحديثات لمتابعة استخدام واتس آب يمكنك أيضاً زيارة مركز المساعدة إذا كنت تفضل حذف حسابك”، ده جزء من نص الرسالة الصادمة اللي وصلت لمعظم مُستخدمي تطبيق واتساب في الكام يوم اللي فاتوا، وبيقولوا فيها إن قدامك فرصة لحد يوم 8 فبراير الجاي علشان توافق على الشروط بتاعتهم، وبعد التاريخ ده، أي شخص ما وافقش على الشروط فـ ببساطة كده مش هيقدر يفتح حسابه على واتساب مرة تانية، ومش بس كده ده كمان بعد مرور فترة زمنية معينة، الحساب بتاعك هيتحذف تمامًا، المحادثات المهمة بتاعتك والصور والفيديوهات والملفات والوسائط وغيرهم كل دول هيتمسحوا، وهيختفوا تمامًا، لكن لو مش عاوز كل ده يحصل وافق على الشروط وإنت ساكت وماتعملش دوشة.
ودي النبرة اللي شركة واتساب إستخدمتها أو بين قوسين كده (شركة فيسبوكFacebook ) واللي بتملك واتساب، وموضوع أزمة الخصوصية مش أول مرة يحصل من وقت انضمامها للفيسبوك، والموضوع حصل أكتر من مرة خلال السنوات الأخيرة، وخلينا نوضح الموضوع.
شركة واتساب هي شركة إتأسست في عام 2009 بواسطة (بريان أكتون Brian Acton)، و(جان كوم Jan Koum)، والإتنين دول كانوا موظفين سابقين في شركة (ياهو Yahoo)، لكنهم إنفصلوا عن الشركة وبدأوا مشوارهم في تأسيس التطبيق الخاص بيهم، ألا وهو تطبيق الواتساب.
لكن مع حلول شهر فبراير من عام 2014، شركة (فيسبوك Facebook) الغنية عن التعريف، تقرر إنها تشتري تطبيق واتساب؛ عشان بكده تكون المالك لـ تقريبًا أشهر تطبيقين في عالم التواصل الإجتماعي على الإطلاق، وهنا بقى بدأ واتساب يخضع لسياسة وقوانين فيسبوك، المعروف عنها من زمان بإنها مثيرة للجدل.
التجسس على المعلومات الشخصية
خلينا نقول كدا بشكل صريح أن معظم البيانات على واتساب بتتاخد مننا من زمان، والشركة بتطَّلع عليها بشكل أو بأخر، وده طبيعي والمفروض ما نستغربوش، لكن الفكرة إن الموضوع مكنش مُعلن؛ وده ببساطة لأنه كان شيء غير قانوني، وبيتم بدون موافقة المُستخدمين، وحصل أكتر من واقعة وضحت إنه بيتم التجسس على المعلومات الشخصية لمُستخدمي التطبيق بدون علمهم، وتم تسريب صور ومقاطع فيديو ومعلومات متبادلة من محادثات عدد من الأشخاص على واتساب، والموضوع خرج من إطار الأفراد ودخل في إطار المؤسسات بل وكمان الحكومات، الحكومة الهولندية مثلًا من عدة سنوات طالبت شركة واتساب إنهم يغيروا من طريقة عملهم وجمعهم للبيانات، بصورة تتناسب مع القواعد واللوائح في هولندا، ده غير عشرات الدول اللي حاجبة التطبيق أصلًا داخلها، وصحيفة الجارديان البريطانية نشرت أكتر من تقرير بيتهموا فيه واتساب بإنه بيتجسس على المستخدمين، وبيتطَّلع على بيانتهم وكذلك على المحادثات الشخصية اللي بينهم، لكن طبعًا القائمين على واتساب طول الوقت بينكروا كده وبيقولوا “إحنا مستحيل نقرأ محدثات المستخدمين بتوعنا.. ده إحنا أصلًا بنحبهم وبنحافظ على سريتهم”، وأصلًا بعد ما بيقولوا كده بتظهر تسريبات بتوضح عكس كلامهم تمامًا، وحصل أكتر من مُقضاة للشركة، والقائمين عليه إشتبكوا مع المحاكم القضائية أكتر من مرة.
الشاهد في الموضوع بقى إن واتساب أو فيسبوك يعني، زهقوا من الحوار ده، وكانوا عاوزين يتخلصوا منه تمامًا؛ لأن القواضي اللي زي دي بتعور الشركات جامد سواء في تعويضات مالية أو خلافه؛ وعشان كده الشركة مؤخرًا قررت بكل بجاحة إنها تمَّشِي الموضوع ميري “مش إنت بتشتكيني عشان بستخدم بياناتك في التسويق والإعلانات من غير ما أقولك، طب أنا بقى هخليك تمضي إقرار بنفسك بإنك موافق وإنت في كامل قواك العقلية، بإننا نستخدم بياناتك ومعلوماتك وصورك وغيرها من الأشياء الخاصة بيك، وهنديها للمُعلنين عشان يعرفوا يبيعوا لمين ويبعولوه إيه”.
وده حرفيًا اللي واتساب عملته، نزلوا في أخر تحديث ليهم إنهم عاوزين حضرتك توافق على إنهم ياخدوا معلومات عنك في حالة لو إستخدمت واتساب والمعلومات دي زي موقعك الجغرافي داخل المدينة أو البلد اللي إنت فيها، ومعلومات عن نوع موبيلك وطرازه ونظام تشغيله وسرعة شبكة الواي فاي المتصل بيها، بل وكمان نسبة شحن البطارية، ومعلومات عن جهات الإتصال وعن الأشخاص اللي بتكلمهم بإستمرار، ومعلومات عن أي جروب أو مجموعة إنت متواجد فيها، وده زي اسم المجموعة وصوركم الشخصية ووصف المجموعة، وعمليات الدفع والأنشطة التجارية اللي بتتم على التطبيق، ومقدار الوقت اللي بتقضيه على الواتساب، وأخر مرة تواجدت فيها، وغيرها كتير من المعلومات المهمة المُتعلقة بالمستخدم.
ليه واتساب عملت كده؟
الشاهد في الموضوع إن كل الحاجات اللي قولناها دي، مش هتبقى مجرد معلومات الشركة عارفاها عنك وخلاص، لأ دول هيدوها للمُعلنيين التابعين لفيسبوك، والسؤال اللي بيطرح نفسه دلوقتي، هو ليه شركة واتساب عملت كده، إيه الهدف من الجدل الكبير اللي أثاروه ده؟، والحقيقة الإجابة على السؤال ده هي إجابة مادية بحتة؛ لأنهم ببساطة بيعملوا كل ده بهدف زيادة الأرباح من خلال المُعلنيين.
شركة فيسبوك ليها باع طويل مع بيع بيانات مستخدميها للمُعلنين، لكن مش كل حاجة بتدور على الفيسبوك فيه ناس كتير بيتواصلوا من خلال الواتساب ويتفقوا إنهم عاوزين يشتروا الحاجة الفلانية، أو يقولوا لبعض إنهم بيحبوا النوع الفلاني من البراندات، وغيرها من الحاجات اللي تخص المنتجات، وحتى لو ما قالوش كده صراحة فممكن نستنتج من خلال رسائل شخص معين إنه بيدور على منتج بعينه، أو إنه عاوز يشتري حاجة معينة، أو بيحب شئ معين.
كل دي أشياء مهمة جدًا جدًا من وجهة النظر التسويقية؛ ولأن فيسبوك عاوزين يستحوزوا على تقريبًا 100% من الفرص التسويقية اللي ممكن يستفيدوا منها ف كان واتساب هو الإختيار المناسب، وهو اللي ممكن يرفعلهم من كفاءة الإعلانات.
واتساب بعد ما فيسبوك إشترته، فتح ليهم باب معلومات، ولو أخدنا المعلومات بتاعت واتساب وحطيناها على المعلومات اللي في فيس بوك فـ إحنا كده عندنا تقريبًا كل المعلومات اللي عاوزين نعرفها عن أغلب البشر، وبالتالي مهمة إستغلالك في عملية التسويق، وإستهدافك ووضعك في المكان التجاري المناسب، هتكون غاية في البساطة.
ودي بقى من الأخر كده القصة اللي فيسبوك عاوزين يعملوها من طقطق لسلامُ عليكم، واتساب عليه كم مهول من الداتا والمعلومات الخاصة بالمستخدمين، والداتا دي بالصلاة على النبي كده تلزمهم بالذوق أو بالعافية.
أفضل البدائل لـ واتساب
ردًا بقى على المهزلة دي، معظم النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي قرروا أنهم يدوروا على بديل تاني للواتساب، وأحد أبرز البدائل دي، هو تطبيق (سيجنال signal) اللي معظم الأشخاص على السوشيال ميديا إنتقلوا إليه بالفعل.
وتطبيق (سيجنال signal) ده هو واحد من أكتر التطبيقات أمانًا في الوقت الحالي، وبمعايير خصوصية أفضل بكتير جدًا من الموجودة في واتساب حاليًا، وبيوفر ميزة التشفير لجميع المحادثات سواء النصية أو الصوتية ومكالمات الفيديو، ومفيش عليه إعلانات ولا آليات تتبع، وبالمناسبة نفس مؤسسي تطبيق واتساب الأصليين هم برده مؤسسي تطبيق سيجنال، و(بريان أكتون Brian Acton) مؤسس واتساب، ساهم في إنشاء التطبيق.
الشاهد بقى أن في الفترة بين 5 يناير لحد 12 يناير عمليات تنزيل تطبيق سجنال على أبل وجوجل زادت بمعدل 60 ضعف، وأرقام التحميل تخطت حاجز الـ 17 مليون عملية تنزيل، وكذلك تطبيق (تليجرام Telegram) هو أيضًا تخطى 15 مليون عملية تنزيل في نفس الفترة.
في الوقت اللي فيه عمليات تنزيل الواتساب تراجعت بشكل ملحوظ، واللي حصل بقى في يوم 15 يناير، شركة واتساب من خلال صفحتهم الرسمية على الفيسبوك نشروا تحديث مفاداه أنهم جابوا ورا وقالوا نصًا كدا “يا جماعة محدش هيتعرض للحجب ولا حاجة يوم 8 فبراير الجاي، ومفيش حد حسابه هيتحذف زي ما قلنا، وكمان مش هناخد منكم معلومات ونضمها للفيسبوك، أحنا بنهزر يا جماعة إيه منعرفش نضحك معاكم شوية، ومعاكم مهلة لحد شهر مايو الجاي عشان تشوفوا السياسات الجديدة ونعرف رأيكم فيها”.
وطبعًا الشركة تراجعت عن القرار الهجمي اللي كانوا عاملينه ده؛ لأنهم عارفين أنهم هيخسروا قد إيه لو الناس بدأت تسيب الواتساب وتروح للتطبيقات التانية.
والعالم الافتراضي مش كبير، مين مثلًا كان يصدق إن الشات من خلال (الياهو Yhoo) يختفي، وما يبقاش ليه أي وجود