هواتفنا المحمولة في الوقت الحالي بقت جزء لا يتجزأ من يومنا، وبقى صعب جدًا إن أي حد فينا يقدر يكمل يومه من غيرها.
الموبايل حرفيًا بنعمل بيه كل حاجة، بقينا نستخدم الموبيل في شغلنا، ودراستنا، وكمان في اختيار السلع والحاجات اللي عاوزين نشتريها أو نبيعها، وحتى في الأوقات اللي بنقرر نرفه فيها عن نفسنا، بيكون برده من خلال الموبايل!
فـ تحس كده إنه بقى عامل زي الضل بتاعنا بالظبط، روحنا، جينا، نمنا، الموبيل معانا، ونمنا دي بقى بالتحديد، محتاجين نحط تحتها مليون خط!
سمعنا كلام كتير بيحذر من النوم جنب التليفون، لكن ياترى إيه صحة الكلام ده؟
وهل ممكن أعراضه توصل للسرطانات لاقدر الله!؟ ولا الكلام ده مجرد تهويل وخلاص؟
أرقام مخيفة
الدراسات اللي تمت على استخدام الهواتف المحمولة بتأكد إن حوالي من 71% لـ 90% من الشباب بيناموا وتليفوناتهم قريبة منهم، وتقريبًا تِلت العدد ده من الأشخاص بيناموا والتليفون على السرير نفسه، و 74% من الأباء أو كبار السن بيمسكوا الهاتف بتاعهم قبل مايناموا بساعة أو أقل، وفي دراسة تم إجراءها على الأطفال في المملكة المتحدة اكتشفوا إن 57% من الأطفال بيناموا وفي موبيل قريب من السرير بتاعهم، وفي البداية كده خلينا نجيبها على بلاطة ونقول إن قرار وجود التليفون معاك وقت النوم هو أصلاً قرار غلط،
أول سبب هو إن الموبايل بيأثر بالسلب على دورة النوم الطبيعية، وده راجع لإن وجود الموبايل معاك وقت النوم بيكون عامل مُشتت، لأن بيبقى من السهل جدًا إنك تنشغل وتركز مع اللعبة اللي بتلعبها، أو في تقليبك في فيس بوك أو تويتر، أو حتى إنك تكون بدأت محادثة مع أي حد من صحابك، وكل دي عوامل بتلهيك تمامًا عن النوم وبتاخد من وقته الطبيعي، وبتفضل طول الليل صاحي بدون أي هدف، وللأسف بتكون النتيجة النهائية إنك بتنام متأخر وبتصحى بدري إما بحكم شغلك أو مسؤولياتك، وده طبعًا تأثيره بيكون كبير جدًا على عقلك وتركيزك، وعلى صحتك الجسدية، وخلينا بقى ندخل للسبب اللي بعد كده.
الضوء الأزرق
السبب التاني بيكمن في مُشكلة الضوء الأزرق، إستخدامنا للأجهزة الاكترونية بوجه عام زي الموبايلات أو اللاب توب أو الكمبيوتر أو حتى التلفزيون، بيأثروا بشكل سلبي على معدل نومنا بسبب الضوء الأزرق اللي بيخرج من كل الأجهزة دي، النوم مرتبط بشكل أساسي بمستقبلات الضوء الموجودة في العين، والباحثين اكتشفوا إن المستقبلات الموجودة في شبكية العين، بتلقط الضوء اللي بتتعرض له، وبعدين بتبعت إشارات للمخ علشان تحدد نسب إفراز هرمون “الملاتونين” Melatonin، والمعروف عنه دوره المهم جدًا في عملية النوم، وبيخلي الإنسان يدخل في حالة الإستراخاء والنعاس، الشاهد إن إنتاج وإفراز الهرمون ده في المخ بيرتبط بتوقيتات اليوم الطبيعية، الهرمون بيزيد تلقائيًا في الليل وبيقل جدًا في وقت النهار، أو بمعنى أصح الهرمون بيزيد لما مابيبقاش في ضوء، وبيقل جدًا في وجود الضوء.
المُدهش بقى إن الباحثين إكتشفوا إن الموضوع ده بيحصل بشكل مُكثف مع الضوء الأزرق تحديدًا دونًا عن غيره، وعلشان كده بمجرد التعرض للضوء الأزرق من أي جهاز إلكتروني زي الموبايلات مثلا فالمستقبلات اللي في العين بتبدأ تبعت إشارات للمخ، وتخليه يوقف إفراز هرمون الملاتونين، وبكده الضوء الأزرق بيحرمنا من الهرمون اللي بيسبب الإسترخاء والنعاس، واللي بشكل مباشر بيقلل معدل نومك عن المعدل الطبيعي.
وللسبب ده بينصح الباحثين والأطباء، إننا نقلل تمامًا من تعرضنا للضوء الأزرق بالذات في الساعات الأخيرة قبل النوم، ومش بس في وقت النوم نفسه، لأن حتى في الساعات الأخيرة دي لو إتعرضنا فيها لكمية كبيرة من الضوء الأزرق، العين بتدخل في حالة إرهاق شديد وبالتالي ده بيأثر على جودة نومنا، طيب لو إنت واحد شغلك الأساسي بيكون على اللاب توب أو الموبايل، هل معنى كده إن مفيش حل نقدر بيه إننا نقلل من الأضرار دي؟
حلول ذكية لازم يبقى عندك علم بيها
لحسن الحظ في بعض الحلول اللي ممكن بيها نقدر نتفادى شوية من حجم الضوء الأزرق اللي بنتعرضله بإستمرار، زي مثلاً خاصية مرشحات الضوء الأزرق واللي بيطلق عليها في بعض الأجهزة (الوضع الليلي أو الـ Night Light أو الـ Eye Care) وبالأنظمة دي هتلاقي اضاءة جهازك بتتحول لضوء مائل للون الأصفر بشكل كبير، وده بيكون أقل في درجة الحساسية شوية بالنسبة للعين، لكن طبعًا في حالة إنك مش مضطر تستخدم الأجهزة دي قبل النوم، فحاول قدر الإمكان إن الساعة الأخيرة قبل نومك تكون خالية تمامًا من أي نوع من الشاشات، طيب هل الموضوع بيتوقف لحد كده؟
مخاطر التعرض للإشعاع
من أكبر المشاكل اللي مُمكن تواجه أي شخص بيستخدم الموبايل، هي التعرض للإشعاعات، وعلشان كده أكتر جملة كلنا بنسمعها وبنقرأها في الأخبار وعلى وسائل التواصل، هي إن الموبايلات بتسبب السرطان!
وهنا بقى تحديدًا في حالة جدل، وده لأن في عدد كبير من الدراسات منهم المؤيد للموضوع ده ومنهم المُعارض، وخلينا نبدأ مع أول دراسة واللي تمت عن طريق البرنامج الوطني لعلم السموم التابع للحكومة الأمريكية National Toxicology Program، وكان هدف الدراسة الأساسي إنهم يتعرفوا على الآثار الصحية الناتجة عن التعرض للإشعاع من الهاتف المحمول تحديدًا، واللي عملوه الباحثين هو إنهم عرضوا مجموعة من الفئران لإشعاع الترددات الراديوية RFR (radiofrequency radiation) بنسب مختلفة، والنتائج كانت إن الباحثين وجدوا دليل واضح على وجود أورام في قلوب ذكور الفئران اللي إتعرضت للـ RFR ، بالإضافة لأدلة تانية على وجود أورام في أدمغتهم وكذلك في الغدد الكظرية، بس الغريب إنهم وجدوا أعراض مختلفة ومتضاربة تمامًا عند إناث الفئران، وده معناه إنه مكنش واضح بالظبط هل الأورام اللي ظهرت دي ناتجة عن التعرض للترددات اللاسلكية RFR ولا بسبب حاجة تانية، ومع ذلك بيأكد القائمين على البحث إن النتائج دي لا تمنع من وجود بعض المخاطر المنخفضة لما بنحط الموبايل على الرأس أو الجسم، يعني مثلاً لو أنت بتتكلم في التليفون مدة طويلة يبقى من الافضل انك تستخدم headphone تتكلم منه ويبقى الموبايل في جيبك او فى الشنطة.
الصحة النفسية والجسدية
وفي دراسة تانية، جمع مجموعة من الباحثين بيانات أكتر من 700 مراهق من سويسرا اللي كانت أعمارهم بتتراوح بين 12 و 17 سنة على مدار عام كامل، وده علشان يفهموا علاقة استخدام الهواتف المحمولة بالصحة النفسية والجسدية.
وبرهنت نتائج الدراسة على وجود تأثير كبير للإشعاعات على النصف الأيمن من الدماغ بين المراهقين اللي كانوا بيحطوا موبايلاتهم على الأذن اليمنى عند إجراء المكالمات، لكن الدراسة أكدت إن استخدام الرسائل النصية، أو التصفح بوجه عام على الموبايل ماكانش ليه نفس التأثير، ومع تضارب الأراء؛ أكدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية USFDA، إن خلال ال 30 سنة الأخيرة واللي فيهم عدد مهول من الدراسات والأبحاث ماتمش الربط بين التعرض لطاقة التردد اللاسلكي من استخدام الهواتف المحمولة بالمشاكل الصحية زي الإصابة بالسرطان، والسبب في كده هو إن موبايلك كل اللي بيصدر منه عبارة عن مستويات منخفضة من الإشعاع غير المؤين، وده زي اللي بيخرج من الراديو والتلفزيون، لكنهم بيقولوا برده إن المشاكل الصحية ممكن تظهر مع إستخدامنا الطويل لموبايلتنا.
طيب هل معنى الكلام ده إننا نستخدم موبايلتنا ونخليها جانبنا وإحنا نايمين طالما مابنستخدمهاش، الإجابة ببساطة لأ، لأن إشعاعات الهاتف المحمول بتنبعث أيضاً حتى في الأوقات اللي مابنعملش فيها مكالمات، طالما الموبايل موجود جانبنا ومفتوح، وخصوصًا لما بيكون متوصل بالنت، وإنك تغير نظام الموبايل لوضع الطيران مش هو الحل الأفضل على عكس ما بيعتقد عدد كبير مننا، لأن الوضع ده كل اللي بيعمله إنه بيقلل من إشعاعات الهاتف المحمول، لكنه مابيمنعش تماما انبعاثها، والحالة الوحيدة اللي تعتبر نفسك فيها آمن هي لما تقفل موبايلك تمامًا، أو إنك تسيبه في مكان بعيد عنك وقت نومك، ولو كنت عايز تقلل من تعرضك لإشعاع خلال اليوم عمومًا، فحاول لو هتعمل مكالمة ماتمسكش الموبايل في إيدك، ولو هتقدر تعمله سبيكر وتحطه في مكان قدامك، أو إنك تستخدم سماعات ويكون الموبايل بعيد عنك.
انفجار الموبايل
وأخيرًا من ضِمن النقاط الحساسة جدًا اللي حابين ننوه عنها وعن مخاطرها، هي إنك تسيب الموبايل جانبك وهو بيتشحن.
فبغض النظر عن الإشعاعات، إلا إن الموضوع كان سبب في حوادث كتير، ويمكن أشهرهم الحادثة اللي حصلت في عام 2019 واللي راح ضحيتها الفتاة صاحبة الـ 14 عام Alua Asetkyzy، وده بعد ما إنفجر موبايلها جنب راسها واللي كان بيتشحن جانبها طول الليل، واللي أثبتوا المحققين إن السبب في إنفجار الموبايل هو الحرارة العالية اللي نتجت عن وجوده في الشاحن لوقت طويل جدًا، وحوادث تانية كتير زي دي إتسببت في حرائق وحالات وفاة.
اقتراح سهل وعملي
وفي النهاية بعيدًا عن الكلام النمطي، خلينا نقترح عليك إقتراح مُمكن تبدأ بيه النهاردة، حاول تسيب موبايلك في أوضة تانية وأنت داخل تنام، ولو كنت مضطر تظبط منبهك، فحاول تسيبه على بُعد متر منك أو أكتر، وفي الحالة دي هتبقى ضربت عصفورين بحجر؛ أولهم إن طبعًا موبايلك بعيد عنك وإنت نايم، وتاني حاجة هي إنك هتضطر تقوم تقفل منبهك لما يرن، وبالتالي هتفوق ومش هتضطر تعمل غفوة زي كل مرة، ويمكن في البداية مش هتلاحظ فرق كبير، لكن تأكد إنه مع مرور الوقت هيساعدك في تحسين قدرتك على النوم وإنك هتنام في هدوء، و مع ضغوط حياتنا المستمرة، إحنا محتاجين ننام بشكل صحي وطبيعي.