تخيل معايا كده تبقى ماشي في شارع لوحدك بالليل وفجأه تلمح مجموعة من البلطجية جايين من على آخر الشارع ومفيش حد في الشارع غيركو مش عارف تعمل إيه، فتقوم متحول لشجرة أو لعمود نور،
أو يدخل عليك حرامي بالليل وانت برضو لوحدك فتقوم واخد شكل ولون البطانيه اللي على السرير، واللي بقولهولك ده مش أفكار خيالية ولا حاجه، وده بيحصل فعلًا مع كائن آخر بيشاركك نفس العالم، والتنكر بالنسباله جزء لا يتجزأ من أسلوب حياته، كائن يعتبره العلماء ملك التنكر، وإحنا هنا مش بنتكلم عن التنكر شكلًا بس ولكن التقمص التام لشخصية الحيوان اللي بيقع عليه الاختيار.
منقار الاخطبوط
قبل ما نتكلم عن “الاخطبوط المقلد the mimic octopus”، خليني قبل ما أكلمك عنه أعرفك على عيلته الأول واللي هتساعدك تعرف عنه أكتر، الأخطبوطات هي كائنات بحرية رخوة من رأسيات القدم اللي بتضم مخلوقات زي الحبار والسبيدج العملاق.
ومعنى أنه مُصنف من الرخويات انه معندهوش عمود فقري، ومفيش حاجه تتحكم في ليونته، وعشان كده الأخطبوط بيقدر يحشر جسده بالكامل في أضيق وأصغر الحفر، ولكن بشرط واحد، الحفرة اللي عايز يحشر فيها نفسه لازم تتسع لمنقاره، أيوة الاخطبوط له منقاره.
وبالرغم من إننا عادةً بنربط وجود المنقار بالطيور، إلا أنه مش هما بس اللي بيمتلكوا منقار، جميع الرأسقدميات بما فيهم الاخطبوط بيمتلكوا منقار.
منقار الأخطبوط بيشبه منقار الببغاء، بيتكون من جزئين، جزء علوي وجزء سفلي، نقدر نعتبرهم فكين، وعشان تعرف مدى صلابتهم يكفي إنك تعرف انهم مش بس قادرين على تمزيق لحم الفرائس لكن كمان قادرين على كسر شئ صلب جدًا زي صدف المحار.
وبيقع منقار الاخطبوط في الجزء السفلي من جسمه، يعني جبنا اخطبوط وبصينا عليه من تحت وهو فاتح رجليه، هنلاقي نقطة بيلتقي فيها الأذرع كلها هي دي مكان المنقار وبتمثل فم الاخطبوط.
ولو فاكر إن ده أغرب حاجه عرفتها عن جسم الاخطبوط، يبقى أنت متعرفش الجهاز القلبي الوعائي بتاعه، الأخطبوط بيمتلك 3 قلوب، قلبين بيضخوا الدم للخياشيم وقلب واحد بيضخ الدم لباقي الجسم، ده غير بقي إن الأوعيه الدموية مبيجريش فيها دم أحمر زينا لأ، الدم اللي بيجري في أوعية الأخطبوط لونه أزق، بيجي من بروتين غني بالنحاس اسمه “هيموسيانين Hemocyanin”، البروتين ده لما بيتأكسد بيتحول للون الأزرق، وهو المسئول عن نقل الاكسجين من الرئتين لمجرى الدم ثم لخلايا الاخطبوط.
الجهاز العصبي للاخطبوط
الجهاز العصبي للاخطبوط بيتكون من المخ وشبكة من الأعصاب، تلت الأعصاب دي موجود في المخ والتلتين الباقيين مُتشعبين في باقي جسم الاخطبوط، وهنا تلتين الأعصاب واللي بتمثل جزء كبير من الجهاز العصبي مبتاخدش أوامرهم طول الوقت من المخ، بمعني لو بترنا ذراع من أذرع الأخبوط وعرضناه لمثير عصبي هيظل عنده القدرة إنه يستجيب حتي بعد انفصاله عن المخ لمده متقلش عن ساعة كاملة، وده لأن كل ذراع من أذرع الاخطبوط بيمتلك نظام تحكم خاص بيه مكون من 400 ألف خلية عصبية بيتحكموا في حركته واستجابته للمؤثرات الخارجية بغض النظر بقى عن إذا كان متصل بجسم الاخطبوط ولا لأ.
ومش بس الذراع اللي بيعلن التمرد، ده كمان الماصّات بتتصرف بناءًا على عوامل تانيه بعيدة عن سيطرة المخ، وفيه أوقات كتير المخ مبيبقاش عنده أي فكره عن مكان تواجد كل ذراع دلوقتي بالظبط.
ومن الحاجات العجيبة اللي تخص الماصات إن عندها القدرة على الإحساس بالمواد الكيميائية المختلفة وتمييزها، وده اللي بيخليها تتعرف على المواد الكميائية اللي بيفرزها جلدها وتميزه عن جلد الكائنات الأخرى فتفضل كل ذراع بعيده عن التانية، وده بالرغم من إنه مش المخ هو اللي مسيطر، والميزة دي كمان بتخليها تقدر تشم وتتذوق.
مخلوق وحيد الإنجاب
بالرغم من ذكاء الاخطبوط زي سعه حيلته إنه يقدر يحشر نفسه في أي مكان أو يغير لونه كتمويه عشان ميبانش، أو يتنكر في شكل حيوانات تانيه عشان يبعد المفترسين عنه، إلا إن معظم أنواعه مش بتعيش أكتر من سنتين، وياريت ده بسبب تغيرات البيئة مثلًا أو تهديد حيوان تاني لحياته، لأ، الأخطبوط نهاية حياته في الغالب بتكون على إيد شريك حياته.
حياة الاخطبوط بتنتهي بمجرد ما يتجوز، الأنثي بعد عملية التزاوج هي اللي بتقتل الذكر، لأنه بمجرد انتهاء التلقيح بتتعامل معاه إنه وجبه دسمه تتغدى عليها مش أكتر، ولو ملحقش ينفد بجلده بسرعة، بتخنقه باستخدام 3 دراعات وبعدها تتغذى عليه، وللأسف يعني نادرًا ما بتقدر الذكور تهرب منها.
نيجي بقي للأنثي، بعد ما الجريمة خلصت، بتضع البيض وتفضل ترعاه وتاخد بالها منه لحد ما يفقس، بتعمل حاجه غريبة جدًا طول فترة حضانة البيض، بتمتنع عن الأكل تمامًا، لحد ما تضعف تمامًا وتموت مع آخر بيضة بتفقس بنجاح، وبكده يُصنف الأخطبوط كمخلوق وحيد الإنجاب، يعني بيضع بيضه مره وحده بس في حياتها وتموت بعدها.
ساحر المحيط
بالنسبة لكتير من المفترسين الاخطبوط يبان وجبة سهلة؛ لأنه معندوش أجزاء صلبة في جسمه تردع مفترسيه زي صدفه صلبة أو أشواك حاده أو غيره، لكن الخبر السئ بالنسبة لهم هو أن الأخطبوط مش فريسة سهلة أبدًا على الإطلاق، ومش معنى أنه معندوش أشواك حادة ترعب مفترسيه فده مش معناه إنه ميقدرش يمثل إنه عنده، رحب معايا بملك التنكر وساحر المحيط.
في عام 1998 في جزيره “سولاوسيSulawesi” التابعة لاندونيسيا، أكتُشف الاخطبوط المقلد، وغالبًا مكتشفهوش قبل كده؛ بسبب مهارته العالية في التنكر، بيعيش الأخطبوط المقلد في الأعماق الرملية الضحلة بالقرب من مصبات الأنهار واللي بتبقى معروفه بكترة الحيوانات المفترسة فيها، طيب إزاي ممكن يتحرك بأمان وسط الوحوش دي.
معظم الأخطبوطات لما بتتعرض للهجوم بتتبع أسلوب يخليها أقل وضوحًا زي إنها تستخبى بين الصخور أو في الحفر، لكن الاخطبوط المقلد مبيعترفش بالبديهيات، ماشي بمبدأ الهجوم خير وسيلة للدفاع، بيبرز نفسه أكتر في شكل كائنات سامة ملفتة للنظر زي ثعبان البحر أو سمكة التنين، بيتنكر بطريقه تخليه يشبه جدًا الحيوان اللي اختاره، مش بس بياخد شكله أو لونه، لكنه بيقلد طريقه حركته وبيتقمص شخصيته، مثلًا عشان يقدر يتحرك براحته بعيد شوية عن الأعماق، بيتنكر في شكل سمكه الـ”سمكة التنينlionfish “، السمكة دي بتتميز بأشواكها الحاده والسامة جدًا اللي بتتنشر حواليها فالمفترسين بتتعامل معاها بمبدأ “ابعد عن الشر وغنيله”، فيقوم الأخطبوط المقلد يغير من شكل دراعاته؛ عشان تبان زي الأشواك ويفردها حواليه، ده طبعًا بعد ما يكون غير لونه للون السمكة الأبيض في بني، وينطلق محاكي أسلوبها في السباحة.
والأمر مبيقفش عند السمكة دي، عندك سمكة الدامسل، واللي معروف عنها إنها من الأسماك الصغيرة اللي بيفترسها ثعبان البحر، واللي يصادف إنها من مفترسين الأخطبوط، هي صحيح حجمها صغير إلا إنها سامه جدًا، فهنلاقي الأخطبوط بيتنكر في شكل عدوها اللدود “ثعبان البحر”، بيحفر حفره ويدفن دراعاته الـ 6 فيها ويسيب بس دراعين ممدودين عكس اتجاه بعض على الرمل، ويبدأ يتلوى زي ثعبان البحر ده، طبعًا برضو بعد ما يكون غير لونه للون الأبيض في أسود المشهور بيه ثعبان البحر، وبكده يبعد عنه سمكة الدامسل.
ساعات الاخطبوط بيغير شكله ويتنكر في شكل السمكه “المفلطحةflatfish ” ويغير لونه لـ لونها القريب للون الرمل، ويقلد طريقتها في العوم بسرعة ويقرب جدًا من قاع المحيط، بيرجع الاخطبوط دراعاته كلها وراه ويضغطهم بحيث ياخدوا الشكل المفلطح لجسم السمكة وزعانفها وينطلق.
دول كانوا 3 كائنات بحريه من ضمن 15 كائن بحري يقدرالاخطبوط المقلد يتنكر في هيئتهم بسرعه وسلاسه، تَنكر لا يقتصر على الشكل الخارجي فقط، لكن كمان تقمص شخصياتهم وتقليد حركاتهم.