على مر التاريخ ودايماً ما كان للحيوانات دور أثناء المعارك، الجمال والبعير لعبوا دور حيوي في نقل الجنود والعتاد، والخيول تحديداً لعبت دور حيوي في ترجيح كِفة على كِفة في العصور القديمة، لكن في الحقيقة ان البشرية من قديم الازل، وقدرت تحول عدد من الحيوانات لأسلحة فتاكة أقوى من أي سيف وأدق من أي سهم.
كلاب مضادة للدبابات
ما بين جميع الحيوانات على الارض، لعل الكلاب هي أقدمها وأهمها على مستوى مساعدة البشر،من الاستفادة بيها في الرعي والحراسة، للبحث والإنقاذ أو حتى المطاردة، لكن في أربعينيات القرن الماضي، الاتحاد السوفيتي أخد مستوى الاستفادة من الكلاب لمستوى تاني خالص.
مع زحف الألمان في اتجاه موسكو عام 1941، كانت القوات السوفيتية في وضع لا تحسد عليه مع افتقادهم لأسلحة فعالة مضادة للدبابات، وبدافع اليأس، قرروا يستخدموا الكلاب كأسلحة في مواجهة دبابات العدو!
الفكرة ببساطة اعتمدت على ربط شحنة متفجرات عبارة عن 12 كجم من الـ TNT، وتدريب الكلاب على الزحف تحت الدبابات والعربات المصفحة وغيرها من الأهداف العسكرية، ومع الإصطدام من أسفل العربة يحصل الانفجار.
وبالرغم من استخدامها بشكل عملي في مطلع الاربعينيات، إلا ان السوفيت بدأوا تدريب الكلاب المضادة للدبابات فعلياً في تلاتينيات القرن الماضي، وبشاعة التدريب كانت لا تقل شئ عن بشاعة الفكرة وتنفيذها، فكانوا بيجوعوا الكلاب بالأيام وبعدها يحطوا قطع لحم تحت الدبابات عشان يعودوا الكلاب انهم هيلاقوا الاكل دايماً تحتها، وكانوا بيقوموا بعمليات التدريب تحت الأصوات المفزعة للنيران عشان يعودوا الكلاب انها ماتخافش منها أثناء المعارك، العجيب بقى ان في أول تجربة عملية للكلاب المدربة، كانت النتيجة كارثية.
فمن ناحية، ماوفرتش القوات السوفيتية أي غطاء ناري للكلاب، وكانت أهداف سهلة للألمان قبل ما تنجح في الوصول للدبابات أساساً، وعلى الجانب الاخر المدربين دربوا الكلاب على الزحف تحت دبابات سوفيتية وهي الدبابات اللي كانت شغالة بالديزل والكلاب اعتادت على صوتها وريحتها، في حين ان الدبابات الألمانية كانت شغالة بالبنزين، والقصة دِه أدت لإضطراب الكلاب في المعركة وماكنتش عارفة تروح فين ولا تيجي منين، لكن ده ما منعش السوفيت من استكمال التدريبات وتعديل أخطائهم، وأثبتت الكلاب المضادة للدبابات فعاليتها وقدرت تدمر على مدار الحرب أكتر من 300 دبابة، بس خد بالك ان الرقم ده معناه ان فيه 300 كلب انفجروا هما كمان، ناهيك عن المئات اللي تم قتلهم أثناء الحرب.
وفي منتصف عام 1943 وصل سوفيت كميات كافية من الأسلحة المضادة للدبابات، وهي الأسلحة اللي افتقدوها في الايام الأولى من الحرب، ومن هنا بطلوا استخدام الكلاب بالمعارك، لكن الاتحاد السوفيتي ومن بعده روسيا، ماتوقفوش عن تدريب الكلاب المضادة للدبابات لحد أواخر القرن الماضي وتحديداً لعام 1996.
الفيلة الحربية
عدد من الروايات والأعمال السينمائية قدمت الفيلة في المعارك بشكل مهيب، حيوانات شرسة وعملاقة بتخترق صفوف الجنود بلا أي مبالاة لأسلحتهم، و قادرة على تغيير مسار أي معركة، في الغالب ممكن البعض يفتكر ان الموضوع من وحي خيال الكاتب ومالوش أي أساس من الصحة، لكن في الواقع أستلهم الروائيين أفكارهم وتصوراتهم عن الفيلة الحربية من التاريخ، واستخدام الفيلة بالمعارك “حقيقة” بيرجع عمرها لمئات السنين، الأبحاث بتُشير ان أول استخدام للفيلة الحربية كان بالقرن الرابع قبل الميلاد في الهند، لكن وبمرور الزمن، استعان بيهم القادة العسكريين من شتى أنحاء الأرض، من أشهرهم على الإطلاق كان الإسكندر الأكبر اللي انبهر برؤيته للفيلة الحربية للمرة الاولى مع الفرس بمعركة “جوجميلا Gaugamela ” عام 331 قبل الميلاد، وبعد انتصاره عليهم، قرر يضم الفيلة لجيشه ويستعين بيهم في حملاته العسكرية بعد كده، كذلك الملك الإغريقي “بيروس الإبيري Pyrrhus of Epirus” دخل إيطاليا بـ 20 فيل حربي ضد الرومان عام 280 قبل الميلاد، وبالمناسبة الفيلة دِه كانت سلف من “بطليموس التاني” ملك مصر في حينها، وأثناء الحرب “البونيقية التانية Second Punic War” عام 218 قبل الميلاد، وفي حركة غير متوقعة..نجح القائد العسكري القرطاجي “هانيبال / حنبعلHannibal ” بتحقيق المستحيل وعبر بجيش من الفيلة الافريقية عبر جبال الألب لمواجهة الجمهورية الرومانية، في واحدة من أعظم الأعمال العسكرية في التاريخ بحسب وصف المؤرخين.
غالباً ما كانت الفيلة بتبتقى مُدرعة ضد أسلحة العدو، وبعضها كان بيحمل منصات قتال على ظهورهم لرُماة الأسهم والرماح، واستخدام الفيلة ماكنش مقتصر على المعارك وبس، لكن كان ليها دور مهم في نقل العتاد والمعدات والثقيلة، أما أثناء المعارك اعتادت الجيوش على نشر الفيلة في منتصف الخطوط الأمامية، والاستفادة بأحجامهم العملاقة وصوتهم المخيف أثناء اندفاعهم ناحية خطوط العدو وتدمير أي تشكيل عسكري محتمل، علماً ان سرعة الفيلة بتتراوح من 25 لـ 40 كم في الساعة، وهي سرعة محترمة جداً بالنظر لحجمهم الضخم، وبغض النظر عن تسليحهم أو كفاءتهم الحربية في أرض المعركة أو حتى أعدادهم كتيرة أو قليلة، فمجرد وجودهم كان بيدب الرعب في قلوب جنود الأعداء وكان كفيل في معظم المعارك بقلب موازين الحرب.
الخنازير
مع الرعب اللي بيصيب أي قوة عسكرية بمعرفتهم بوجود فيلة في صفوف أعدائهم، بيحاول القادة العسكريين انهم يتوصلوا لحلول لمواجهة الحيوانات العملاقة، وأحد أكتر الحلول الفعالة اللي تم الاستعانة بيها ضد الفيلة الحربية كانت الخنازير، طبعاً هتقول في نفسك ومين العبيط اللي هيستخدم خنزير قدام فيل مدرع، وازاي لأصلاً خنزير هيوقف فيل ولا يغلبه.
بعض المؤرخين الرومانيين وعلى رأسهم “بليني الأكبر Pliny the Elder أشاروا ان الفيلة بتخاف من أصوات الخنازير، بس الواقعة اللي نجح فيها استخدام الخنازير قدام الفيلة، ماكنش ليها اي علاقة بصوت الخنازير على الإطلاق، في عام 266 قبل الميلاد وأثناء حصار المدينة الإغريقية “ميجارا Megara ” تحت قوات القائد المقدوني “أنتيجونس الثاني Antigonus II”، كانت النتائج كلها بتشير لنجاح “أنتيجونس” خصوصاً مع امتلاكه لفيلة حربية بين صفوفه، لكنه فوجئ بقوات الميجاريين وهما بيطلقوا مجموعة من الخنازير البرية المدهونة بمادة سهلة الاشتعال، وبمجرد ما خرجوا لساحة المعركة أطلقوا عليهم سهام نارية أشعلت فيهم النيران، ومع اندفاعهم ناحية الأفيال اللي كانت في مقدمة الصفوف، أصابت الفيلة الحربية حالة من الهلع لدرجة انهم بدأوا الهرب في الاتجاه المعاكس واخدين كل حاجة في سكتهم، وبدون أي مجهود من الميجاريين المحاصرين، قامت الأفيال بقتل عدد غير محدود من الجنود والأحصنة من جيش العدو وقلبت ميزان المعركة تماماً.
النحل
معظمم الناس بتخاف من النحل حتى لو بنتكلم عن جنود شجعان، مافيش حد ممكن يقف في مواجهة سرب من النحل، وعلى مدار الزمن ونجحت شعوب مختلفة في الاستفادة من النحل لما هو أبعد من عسلها، الإغريق والرومان كانوا من ضمن أول الشعوب القديمة اللي استخدموا النحل كأسلحة في الحروب، وعانوا كذلك من لسعاتها، كانت الجيوش أحياناً بتقذف خلايا النحل فوق أسوار العدو باستخدام المنجانيق قبل بدء الهجوم لتشتيت أعدائهم، أو قذفها من داخل الأسوار على العدو أثناء الحصار، وفي واقعة شهيرة خلال الحرب التانية بين الرومان ومملكة “البنطس Pontus ” عام 72 قبل الميلاد، حاصر الرومان مدينة “ثيميسكيرا Themiscyra” بالقرب من ساحل البحر الأسود، والمدينة دِه كانت معروفة بانتاجها الوفير من العسل، المهم الرومان قرروا يتغلبوا على الأسوار العالية عن طريق حفرهم لأنفاق تحت الأرض، فقرر المدافعين عن المدينة انهم يطلقوا أسراب النحل في الأنفاق ويسيبوها تتعامل مع الجنود، وبالرغم ان الحركة دِه صدت الهجوم في حينها، إلا ان الرومان نجحوا في النهاية باحتلال المدينة.
وخلال الحرب الأمريكية في فيتنام بالقرن الماضي، استخدمت الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام النحل ضد الامريكان عن طريق تفخيخ المسارات اللي بتستخدمها الدوريات الأمريكية بخلايا النحل الاسيوي العملاق، والنوع ده من النحل يعتبر من أكبر وأشرس الأنواع على الإطلاق، وبمجرد قرب الدورية كانوا بيفجروا شحنات صغيرة من المتفجرات بالقرب من خلايا النحل لإثارتها وحثها على مهاجمة أي حد في محيطها.
العقارب
لو بعض الناس بتخاف من النحل، فالخوف من العقارب صعب الاختلاف عليه، في نهاية القرن التاني ميلادياً كان الرومان بقيادة الامبراطور “سيبتموس سيفيروس Septimius Severus” في طريقهم لفرض السيطرة على بلاد ما بين النهرين، لكن وابل من العقارب عرقل خططهم ونشر الرعب بين صفوفهم، مع تقدم الجحافل الرومانية ناحية مدينة “الحضر Hatra” الواقعة في جنوب غرب بغداد بوقتنا الحالي، اتفاجئوا ان السماء بتمطر عليهم عقارب، أواني فخارية مُحملة بالعقارب بتتتضرب عليهم من ورا الاسوار بلا توقف، اللي يلاقي عقرب على رجله واللي يلاقيه على ايده، والأسوء اللي بيلاقيه على وشه وعنيه، طبعاً التشكيلات العسكرية اللي بتمتاز بيها الجحافل الرومانية تفككت تماماً وأصاب الجنود حالة من الهلع، ناهيك عن حرارة الاجواء المناخية و الإعياء والمرض وأعراض الإصابة بلدغات العقارب السامة، وبعد ماكانت الجحافل بتدب الرعب في أعدائها وبتهز الأرض بتشكيلاتها العسكرية، أصبحوا بيهزوا الأرض من التنطيط في محاولة ابعاد العقارب عنهم.
وبعد 20 يوم من الحصار، ماكنش فيه قدام الرومان أي حل، غير الانسحاب.