يُقدر العلماء عدد شعر الرأس في الإنسان العادي بحوالي 100 ألف شعرة، والرقم ده مش بيمثل أي شئ لما تيجي تقارنه مثلاً برقم زى عدد خلايا الجسم، أما عدد النجوم في مجرة متوسطة زي مجرتنا فبيقدره العلماء بحوالي 100 مليار نجم على الأقل، والسؤال اللي يفرض نفسه دلوقتي هو العلماء عدوا الحاجات دي إزاي؟

تصحيح

مبدئيًا كده قبل ما نقول العلماء إزاي قدروا إنهم يعدوا شعر الرأس والنجوم والحشرات وأي حاجه تخطر في بالك لازم نظبط المقدمات الأول؛ فالعلماء مدعوش من الأساس أنهم عدوا أي حاجه من الكلام ده كله، وعندك حاجه مثلاً زي الحشرات، العلماء أصلاً ميعرفوش على وجه الدقة عدد الفصائل لكل نوع من الحشرات؛ فضلاً عن إنهم يعرفوا عدد أفراد النوع نفسه، يعني مثلاً تلاقي علماء النحل بيقولوا أنهم افترضوا وجود من 15 إلى 20 ألف نوع من أنواع النحل، ومنطقيًا كده إذا كان العلماء مش عارفين يحددو عدد الأنواع والفصائل يبقى بالتأكيد مش هيبقوا عارفين عدد الأفراد، وطبق بقى الكلام ده على كل حاجه من الحاجات اللي متتعدش هتلاقي برضه إن الكلام ماشي مع كل الأمثلة، فاللي لازم نفهمه مبدئيًا إن العلماء مقاموش بعد الحاجات دي كلها ولا حاجه، وإنما التعبير المناسب إن العلماء قَدرّوا عدد الحاجات اللي من النوعية دي، لكن طبعًا برضه هيفضل نفس السؤال، إزاي العلماء قَدروا أعداد الحاجات دي كلها؟

شعر الرأس

مسألة إحصاء العلماء للحاجات اللي متتعدش دي دائمًا بتبقى قائمة على التقديرات اللي تساهم في حل حساباتها المعقدة، بعض الأجهزة اللي بتحتوي على المعالجات الدقيقة وعلى حسب الشيء بقى اللي بيحتاج العلماء إنهم يقَدروه بتتحط الافتراضات والعلاقات وبتبدأ الحسابات، عندك مثلاً حاجه زي شعر فروة رأس الإنسان، العلماء بيقَدروا عدد الشعر الأشقر بحوالي 150 ألف شعرة، أما لو الإنسان شعره أسود بيكون العدد في حدود الـ100 ألف شعرة، بينما يكون عدد الشعر الأحمر يقدر بحوالي 90 ألف شعرة حمراء.

أما بقى التقديرات دي فكانت نتيجة دراسات كتير لآلاف العينات من المتطوعين، واللي تبين معاها إختلاف كثافة البصيلات من لون شعر للتاني، والعلماء بكل بساطة إكتشفوا أنه متوسط مساحة فروة الرأس للشخص العادي، وعن طريق تقسيم المساحة دي لعدد من السنتيمترات المربعة؛ وقتها نقدر نعد الشعرات اللي في كل سم واحد ونضربه في متوسط المساحة، واللي بيها قدر العلماء يلاحظوا أن الـ سم مربع تتراوح أعداد الشعر به بين 125 إلى 200 شعرة، وعن طريق ضرب عدد الشعرات الموجودة في كل سم مربع في عدد السنتيمترات المربعة المتوفرة؛ هيطلع العدد الإجمالي التقريبي لعدد الشعرات في فروة الرأس بكل بساطة.

بس هنا بقى عايزين نشاور على حاجه لو حاولت إنك تقوم بالعملية الحسابية دي من الممكن إنك تلاقي أرقام مش بتتفق مع الأرقام اللي اتكلمنا عنها، وده ببساطة لأن برضه مع الدراسة والمراقبة تبين للعلماء أن الشعر بينمو وبيسقط بمعدلات بتتراوح من 50 إلى 100 شعرة يوميًا، والأرقام بتختلف طبقًا لنوعية الشعر وقوة البصيلات، ومع إدخال نسبة الربح والخسارة دي في الحسابات المعقدة تطلع النتائج النهائية التقريبية لكل نوعية من نوعيات الشعر.

خلايا جسم الإنسان

حاجه تانيه بقى من الحاجات اللي مبتتعددش برضه هي عدد خلايا جسم الإنسان، لكن وعلى كل حال فالعلماء بيقَدروا الأعداد دي من 16 تريليون إلى 100 تريليون خلية في الجسم، وطبعًا زي ما هو واضح التفاوت الكبير ما بين 16 تريليون و100 تريليون، ويرجع التفاوت ده لأسباب كتير، أولها هو طبعًا حجم الخلية المتناهي في الصغر واللي يستحيل معاه الإحصاء بصورة دقيقة، وثانيها إن خلايا جسم الإنسان على الرغم من أن كلها متناهية في الصغر؛ إلا إنه برضه بعض الخلايا بتكون أكبر بكتير من البعض التاني، فجسم الإنسان بيحتوي على 210 نوع من أنواع الخلايا المختلفة، وكل اللي بيقدر يعمله العلماء إنهم ياخدوا متوسط حجم الخلايا وعددها في كل ميكرومتر مربع، وساعتها مش هيبقى فاضل إلا إنك تشوف طول الإنسان ده أد إيه وتجيب الناتج.

إنما الجدير بالذكر هنا إنه يكون مفهوم إن هي دي الفكرة العامة للحساب، وإلا فالعلماء ابتكروا أجهزة كتير بتقوم بعملية العد دي وتحسب كل نوعية من الخلايا لوحدها كمان.

عدد النجوم والمجرات

أقصى ضوء ينبعث من النجوم والمجرات البعيدة في الكون واللي تقدر التلسكوبات العملاقة إنها ترصده، هو الضوء المنبعث من مسافة 13.8 مليار سنة ضوئية، وبناءًا عليه العلماء قدروا لعدد المجرات في الكون المنظور بيساوي حوالي 10 تريليون مجرة، أما عدد النجوم فعلى أقل تقدير هو واحد ويمينه 24 صفر، لكن برضو الباحثين بيقولوا إن الأعداد دي هي مجرد الأعداد اللي ممكن تقديرها من خلال التكنولوجيا المتوفرة حاليًا، وإلا الكون ممكن يكون أكبر بكتير لكن التلسكوبات بتاعتنا هي اللي مش قادرة ترصد البُعد ده، ده غير التأكيد على أنه في كل ثانية بتموت آلاف أو حتى ملايين النجوم وبتتولد آلاف وملايين غيرها، يعني بإختصار كده بيقولك إن الأرقام دي هي مجرد محاولة تقديرية من العلماء.

طيب إزاي الباحثين قدرتوا الأعداد دي بناءًا على إيه؟، والإجابة عن السؤال ده هي باختصار بناءًا على طريقة الصور والمربعات، فببساطة كده العلماء بصوا على أقرب المجرات لينا وهي طبعا مجرتنا درب التبانة، وبعدين أخدوا للمجرة صورة بالتلسكوب، وبعدين الصورة دي قسموها عن طريق الكمبيوتر لمربعات صغيرة ومتساوية الأضلاع، وبعدين أخدوا مربع واحد وكبروه وشافوا كام نجم جوه المربع ده، وبعد ما عرفوا كام نجم جوه المربع الواحد بقى سهل إنهم يعرفوا الصورة كلها فيها كام نجم، وهو بالمناسبة رغم الحوسة دي كلها يعتبر رقم تقديري ما بين 100 إلى 400 مليار نجم، والمهم إنه بالطريقة دي برضه بياخدوا صورة للكون المنظور كله ويقسموها لمربعات، بس بقى بدل ما يعبر كل مربع صغير عن عدد من النجوم فالمرة دي هبيعبر كل مربع صغير عن عدد من المجرات، وطبعًا لما تضرب عدد نجوم المجرة الواحدة في عدد المجرات الموجودة في الكون كله هيطلع بسهولة عدد النجوم الإجمالي في الكون، واللي طبعًا هيكون رقم تقديري جدًا لدرجة إنه زي قلته.

عدد النمل

يُقدر العلماء أعداد النمل الموجودة على سطح الأرض من كل الفصائل المعروفة بحوالي 10 مليار مليار نملة، وطبعًا إحنا فهمنا أن العلماء قبل ما يقوموا بأي تقديرات بيكونوا حطوا كل الشروط المطلوب مراعاتها في الحسابات، مبدئيًا كده أعداد فصائل النمل نفسها بتتراوح بين 12 ألف إلى 14 ألف نوع مختلف، وثانيًا فمتوسط أعمار النمل مش متساوي، فالملكات أعمارها بيُقدر بالسنين، بينما العمال فبتُقدر حياتهم بالأسابيع أو الشهور على الأكثر، أما بيوت النمل فبرضه بتكون عبارة نوعين، النوع الأول اللي يُسمى “المستعمرات colonies” وده اللي بيحتوي على عش واحد وملكه واحدة بس، أما النوع التانى فبيسميه العلماء “المستعمرات الفائقة أو supercolonies” وده بيكون مكون من عدة أعشاش وعدة ملكات وبيمتد لآلاف الكيلو مترات تحت الأرض، وأخيرًا بقى فالنمل بيعيش على كل مكان على الأرض بإستثناء “القارة القطبية، وجرينلاند، وآيسلندا”، وبعض الجزر الصغيرة، ولما تيجي تستبعد كل المناطق دي وكمان تستبعد مساحة المسطحات المائية، هيكون عندك مساحة محدودة نسبيًا من اليابس تقدر تشتغل بيها على اعتبار يعني أن النمل ممكن يتواجد فى أي نقطة منها، وطبعًا مع مراقبة العلماء للمناطق دي أمكن إعطاء نقاط أكبر لمناطق عن مناطق تانية؛ فالنمل عادة ما بيفضل المناطق العشبية والغابات، وبعدما رعى العلماء كل الشروط دي في الحسابات المعقدة خرجوا بافتراض أن كل متر مربع من الأرض بيحتوي على 50 نملة، ومدام عرفت عدد النمل في كل متر مربع؛ يبقى هتعرف عدد النمل في مساحة الأرض كلها.

الخلاصة

والخلاصة بقى إن هي دي على الأغلب طريقة تقدير العلماء لأنواع كتير من الحشرات اللي بيبقى من المستحيل إحصاءها، وعادة التقديرات دي ما بيحصلها تحديث بصورة مستمرة مع التطور في التكنولوجيا، أو مع إكتشاف معلومات وفصائل جديدة، والمهم هنا إننا نبقى فاهمين إن هي دي طبيعة العلم بصورة عامة؛ فالعلم عمره ما كان عنده الكلمة الأخيرة والعلماء عارفين كده كويس وفخورين جدًا كمان؛ لأنه ببساطة النتائج والتقديرات دي بتطلع بعد جهد وبحث ومحاولات مستمرة، بل إن المحاولات دي بتكون هي حجر الأساس اللي بترتكز عليه الجهود المستقبلية اللي بتقرب أكتر وأكتر من الحقائق؛ فطبيعة العلم هي التراكمية، وعيبه الأكبر اللي بيقع فيه البعض، إنهم بيغتروا بالعلم لدرجة الإيمان المطلق بكلمته ونسيان طبيعته المتغيرة والتراكمية، ده غير نسيان التقدير المحتوم بإن البشر في النهاية “وما أوتيتُم من العلم إلا قليلاً”.