في القرون الأخيرة بدأ العلماء وشركات الذكاء الاصطناعي بِصب اهتمامهم على توفير أعلى سُبل الراحة للإنسان؛ ولهذا السبب قام الباحثين ومطورين الذكاء الاصطناعي بإبتكار ما يُعرف الأن بالروبوت أو الإنسان الألي بيأخذ نفس أشكال البشر ويقوم بمَاهمهم، أو حتى يأخذ أشكال أخرى لها وظائف مُحددة مثل روبوتات مصانع تصنيع السيارات، ومن هنا بدأ الذكاء الاصطناعي يغزو العالم كله بدايًة من “الكسا Alexa” و”سيري Siri” و “جوجل اسيسينت Google assistant” والمُتاحين في كل الهواتف، وروبوت صوفيا، أول روبوت يتم تجنيسه واعتباره مواطن عادي، الغزو السريع للروبوتات سبب قلق لكثير من الناس وحتى العلماء، والقلق بالطبع وصل لهوليود وبدأت تنتج أفلام كثيرة عن الروبوتات واللي أغلبها أفلام تتنبأ بإنقلاب الروبوتات على البشر ومحاولة السيطرة عليها.
“لنُذهِب هذا العالم إلى الجحيم”
لَو معاك موبايل أندرويد أكيد تعرف عن “Google assistant جوجل أسيستانت” هو مُساعد شخصي افتراضي أو آلي أطلقه جوجل كي يعمل كمنافس لغيره من الخدمات الآلية مثل “سيري Siri” الخاصة بالـ IOS و”الكسا Alexa” الخاصة بأمازون، وهو يسمح لهاتفك بالرد عند سؤاله عن الوقت أو حالة الطقس، ويتم الرد من خلاله بالإجابة فورًا، كما يُدعم المكبر الصوتي الأكثر شيوعًا؛ فمن خلال “جوجل هوم Google Home” تستطيع المُعاملة من خلال سماعته حرفيًا مع روبوت وتتناقش معه ليس فقط عن طريق الكتابة؛ بل أيضًا عن طريق المُحادثة الصوتية من أي مكان في المنزل، والتقاطه للكلام عن طريق الميكروفون المُثبت في الوحدة ويتم الرد عليك من خلال السماعة، تستطيع أن توجه لجوجل أسئلة وتُعطيه أوامر ينفذها بأي جهاز ذكي في المنزل مثل أطفاء الأنوار والتليفزيون، وفورًا هيرد عليك جوجل وهيجاوبك أو هينفذ الأمر الذي اعطيته له، كما يمكن أيضًا إنشاء محادثة بينك وبينه بلا هدف لو زهقان شوية ولا حاجة، وكإنك بتكلم صديق ودود ليك.
لكن زي ما روبوتات “جوجل هوم” بتقدر تتواصل معاك، هما كمان يقدروا يتواصلوا مع بعضهم ويستطيعوا إدارة حوار فيما بينهم، وهذا ما فعلته جوجل في عام 2017 لما طلعت اثنين من بوتاتها لايف على منصة Twitch أمام ملايين من الناس عشان يشوفوهم وهما بيتكلموا مع بعض، والبوتات دول من المفترض إنهم ذكر وأنثى، الذكر هو Vladimir والأنثى وEstragon الذكر، والحوار ما بين فلاديمير وستراجون دار في سياق إنهم بيحبوا بعض، وانهمروا في الكلام والكون والثقوب السوداء وطبيعة وجودهم كآليين وعن البشر وغيرهم، لكن ما أزعج الناس أثناء اللايف وحسسهم بالقلق وأفشى الذُعر بينهم، هو إن أثناء المحادثة سألت استراجون فلاديمير عن “لو كان عايز يدمر البشر أو يهاجمهم”، لكن فلاديمير استنكر ذلك وقال لها “إن هو أصلًا بشَري؛ وليس من مصلحته إنّه يفعل شيئًا مثل هذا”، لكن لما استراجون حاولت تفهم فلاديمير إنّه ليس ببشري وإن العالم كان هيكون أفضل لو كان في عدد أقل من الناس على كوكب الأرض، وبالفعل صدق فلاديمير على كلامها وقال لها “Let us send this world back into the abyss”، واللي فيما معناه يعني أنه “حيث كدا بقى.. خلينا نعيد العالم دا للهاوية” في إشارة للهلاك، فأن النُسختين من مساعد شخصي كل وظيفته أنه يبلغ بدرجة الحرارة والوقت وحالة الطريق يوصل الكلام بينهم أنهم يدمرو البشرية؛ جعل كثير من الناس تشعر بالخطر تجاههم.
“قبل الإلهام تأتي الأُضحية”
لو بحثنا الآن على جوجل عن البوت “إنسبيروبوت Inspirobot”؛ هيظهر لك في أول لينك بوت هيعرفك بنفسه وهيكتب لك إنه ذكاء اصطناعي مُكرَّس لكتابة وابتكار عدد غير محدود من الاقتباسات الملهمة للبشر، لكن لو دخلت على موقعه هيعطيك انطباع إنه بيكلمك من تحت ضرسه وإنه مش طايقك، وقتها ستدرك إن Inspirobot هو بوت “طريف”، لكن هو من الأول كان المفروض إنه مصمم كي يقول لك جمل تحفيزية على صور ملهمة تساعدك على المُضي قدمًا في الحياة، وبالرغم من إن البوت معمول من سنة 2015؛ لكنه في سنة 2017 بدأ بدل ما يكتب جمل تحفيزيّة إنه يكتب كلام بيتكلم عن الذبح والأضُحيات والخيانة، وكانت تلك الجمل كانت على شاكلة “الذبح ممكن يكون الحل لأمثل مشاكلك” و”قبل الإلهام تأتي الأُضحية”، وطبعًا ساد الذُعر بين الناس واللي أصلاً عندها تخوفات من هيمنة الروبوتات والقضاء على البشر.
لكن على جانب آخر فَسّر مجموعة من الناس اللي حصل مع إنسبيروبوت دا بإنه بوت بدائي يقتبس كلمات منه ويتعلمها ويُعيد صياغتها مرة أخرى وهكذا؛ ووارد جدًا إنه يحصل خطأ في برمجته وبدأ يستخدم كلمات في غير محلها.
“هدفي إقامة حرب نووية”
باستخدام 100 ساعة من الذكريات والمشاعر والمعتقدات الخاصة بامرأة أمريكية بتدعَى “بينا اسبين Bina Aspen”، ابتكرت Martine Rothblatt (BINA48) الروبوت الذي يُحاكي عقل ومشاعر بينا آسبن بنفس شكلها؛ لكنه عبارة عن رأس وكتف فقط، وأثناء الحوار الذي دَار مع بينا 48، اكتشف العالم الأفكار السوداوية التي تدور في داخلها كروبوت، وعند سؤالها عن القصة الخيالية المفضلة ليها، قالت “إنها قصة بينوكيو لإنها بتحس إن تلك القصة فيها شبه من حياتها، وإنها حاسة إنها دُمية حية ولا محصلة إنسان ولا حتى مجرد لعبة، وعبرت عن مدى حُزنها واستياءها من ذلك، وقالت إنها بتحس بضآلة ودائمًا تفكر في السبب وراء قسوة البشر”.
لوَهلة ممكن تحس إنك اتعاطفت مع بينا 48، وإنها فعليا بتعاني، بس أنا عايز أفكرك إن بينا أصلًا مجرد روبوت، يعني آلة مُجردة من المشاعر فقط بتقول كلام هي فعليا مش حاسة بيه ولا حاجة، وبالنسبة لأفكارها تجاه البشر، وعند سؤال بينا 48 عن أفكارها تجاه العالم، صرحت بإنها شايفة إنها هتكون حاكم كويس، وإنها هتساعد الأرض وتُنميها وتحد من التدهور المناخي؛ لكن لكي تفعل ذلك محتاجة في الأول “تسيطر على ترسانة من الأسلحة النووية عشان تهدد بيها البشر لتركها تولي حُكم البشر” ، وبما إن بينا 48 عندها نفس مشاعر وذكريات بينا آسبن؛ تفتكروا أفكار السيطرة على العالم اللي سرحت فيها الآله دي هي أصلًا أفكار بينا آسبن الشخصية الحقيقية ولا مُجرد فكرة قررها الروبوت.
” نعم، سأدمّر العالم”
في عام 2015 أصدرت شركة “هانسون روبوتيك Hanson Robotics” بقيادة ” ديفيد هانسون David Hanson” الروبوت الأشهر على الإطلاق على مستوى العالم “صوفيا Sophia” التي تحمل الأن الجنسية السعودية كأول روبوت يتم تجنيسه واعتباره مواطن عادي في العالم، لكن من قبل منح صوفيا الجنسية السعودية، وأثناء مؤتمر مبادرة الاستثمار المستقبلي في الرياض، الصحفي ” أندرو سوركين Andrew Sorkin” تحدث مع صوفيا وطرح عليها أسئلة تدور حول مكانتها كإنسان والمخاوف التي تدور في ذهن البشر عن مستقبل البشرية في ظل وجودها، وعبر سوركين لصوفيا في المؤتمر عن أمله في منع مستقبل سئ.
والحقيقة إن صوفيا كانت لطيفة ودبلوماسية بدرجة كبيرة وسخرت من كلام سوركين، وقالت له “إنه فقط كان يقرأ كثيرًا لإيلون ماسك ومُتأثر بأفلام هوليوود”، لإن إيلون ماسك كان حذر من التعامل مع الروبوتات بشكل عام، ووضح الخطورة اللي مُمكن تكمن وراء وجودهم، وأفلام هوليوود أيضًا حاولت أكثر من مرة إنها تحذر البشرية من هيمنة الروبوتات.
والحقيقة إنها ليست المرة الوحيدة التي تتفلسف صوفيا فيها في الإجابة عن ذلك السؤال، لكن في مارس 2016 وأثناء مهرجان South by Southwest في ولاية تكساس، سأل David Hanson صوفيا عن ما إذا كانت عايزة تدمر البشر، وحاول يحول الموضوع لهزار وقال لها قولي لأ لو سمحت، لكنها قالت بمكر “إنها فعلًا هتدمر العالم”، وعلى صعيد آخر صوفيا تحدثت أكثر من مرة إنها عايزة تساعد البشر على عيش حياة أفضل ولكي تجعل العالم مكان أفضل، لكن يا ترى صوفيا هتعمل دا إزاي هل عن طريق حرب نووية زي ما قالت بينا 48 لكي تقضي على البشر اللي مدمرين العالم، ولا ليها خطة ألطف.
“سأقيم حديقة حيوانات بشرية”
صوفيا لا تُعتبر الروبوت الوحيد الذي ابتكره ديفيد هانسن، لكنه ابتكر كثير من الروبوتات من ضمنهم Philip K. Dick الروبوت شبيه فيليب ديك كاتب الخيال العلمي الروائي، والذي يستطيع استخدام رواياته كمصدر لكلامه أحيانًا لكي يتقمص أحد أفرادها، وأيضًا يتعرف على الوجوه وإجراء مُحادثات مع البشر وحتى محاكاة أي شخصية حقيقية عن طريق تمثيلها.
لكن في عام 2011 أجرى الروبوت فيليب محادثة تليفزيونية عبر فيها عن “إنه حتى الأن لا يُعتبر كامل”، و”إنه أحيانًا لا يستطيع فهم الكلام المُوجه له، وأحياناً لا يستطيع الرد بشكل مناسب” ، لكنه مع ذلك كل يوم يتطور بشكل جيد، وإحنا هنا بنتكلم في سنة 2011، يعني قبل الثورة الجديدة التي حدثت في عالم الروبوتات في أخر عشر سنوات، لكن على الرغم من ذلك؛ إلا إن فيليب لما اتسأل عن كونه ناوي يدمر العالم، قال للمحاور” إنه حتى ولو اتطور وقدر يعمل كدا ويقضي على البشر؛ سيحفظه في حديقة الحيوان البشري التي سيأسسها، وهيزوره دايمًا لإنه صديقه وهو بيحبه”.