تعتبر الأطعمة الفاسدة والمنتهية الصلاحية من أكبر المشاكل المزعجة للجهاز الهضمي؛ لأنها من الممكن تتسبب في حالات التسمم الغذائي المختلفة، وصحيح إن تاريخ الصلاحية اللي بيظهر على المنتجات يعتبر واحد من العوامل المساعدة لتحديد سلامة المنتج أو تلفه؛ إلا أنه وعلى حسب تصريح المجلس الوطني لاخصائىين التغذية؛ فالشكل العام واللون والرائحة هي المؤشرات الأهم لتوضيح سلامة المنتج أو عدم سلامته فمن الوارد جدًا إن بعض الأطعمة تتعرض للتلف بعد ساعات قليلة من فتح تغليفها، وأطعمة بتكون سليمة تمامًا حتى بعد إنتهاء تاريخ الصلاحية.
الأرز الأبيض
واحد من الحبوب الشهيرة على الإطلاق واللي تعتبر غذاء أساسي عند كثير من شعوب العالم هو الأرز، وبين قسم الأرز لنوعين رئيسيين وهم الأرز الأبيض والأرز البني، وعلى الرغم من أن الأرز البني هو الأقل شهرة؛ إلا إنه الأفضل صحيًا والأعلى في القيمة الغذائية، وباختصار كده الأرز البني هو حباية الرز الكاملة؛ لأنها تشتمل على كل العناصر الغذائية زي الألياف والمعادن والفيتامينات ومضادات الأكسدة وحتى البروتين.
أما الأرز الأبيض فهو مجرد جزء من الرز البني، وهو الجزء الداخلي اللي يسمى بالسويداء أو الـ “endosperm”، والجزء ده تقريبًا كله يتكون من الكربوهيدرات؛ وعشان كده بتقل قيمته الغذائية عن الرزة الكاملة لكن في نفس الوقت بترتفع مقاومته ويطول عمره، ففي الوقت اللي يتراوح عمر الأرز البني بين 4 إلى 6 شهور بس بيقدر الأرز الأبيض إنه يحتفظ بصلاحيته فترات أطول بكتير واللي من الممكن فعلاً إنها تكون فترة غير محدودة بشرط إحكام الغلق ويحفظ في مكان بارد وجاف.
المكرونة الجافة
نفس الكلام اللي لسه قايلينه على الأرز برضه ينطبق إلى حد كبير على المكرونة الجافة وإن كان المكرونة صمودها أقل شوية من الأرز، لكن المؤكد أنك لو حفظت المكرونة في ظروف كويسة يعني في كيس أو إناء محكم الغلق ومحطوط في مكان جاف وجيد التهوية؛ ممكن إنك تسافر 10 سنين وترجع تاكل منها عادي، يعني ممكن فعلاً المكرونة تكون صالحة للأكل بصورة طبيعية حتى لو فات تاريخ الصلاحية، بس برضه لازم الفحص الظاهري من حيث الملمس واللون والرائحة زي ما قلنا في الأول.
اللحوم المصنعة
من المعروف أن منتجات اللحوم بأنواعها تتعرض للتلف بسرعة وكان الحل في اللحوم المطبوخة المعلبة واللي هي باختصار اللحوم المعالجة؛ ده لأنها كانت الوسيلة الوحيدة للجنود المعزولين في جبهات القتال يقدروا يتناولوا اللحوم ويستفيدوا من البروتينات، فاللحوم المعالجة هي لحوم مطبوخه ومضاف إليها مواد حافظة ونكهات، وبعدين يتم تعليبها واغلاقها بطريقة محكمة، وتتمتع النوعية دي من اللحوم بالعمر الطويل والقدرة على مقاومة مسببات التلف حتى بعد إنتهاء تاريخ الصلاحية لدرجة إن واحدة من الشركات الأمريكية المنتجة للنوعية دي من اللحوم وهي شركة “Hormel foods” بتدعي إن منتجها بيعيش للأبد في حالة عدم فتح المنتج، فمن رأي شركة هورمول أنه مادام العبوة محكمة الغلق هيكون دايمًا اللي جواها صالح للاستعمال، وإن كانت الشركة مش بتنكر إن معايير الجودة بتتأثر بعد 3 سنين من انقضاء تاريخ الصلاحية، لكن هنا بقى محتاجين إننا نؤكد مرة تانية على قضية التفريق بين سلامة المنتج من التلف وقيمته الغذائية والصحية من الأساس، فالمشهور بلا خلاف هو انخفاض القيمة الغذائية والصحية للنوعية دي من اللحوم بل أن المداومة على تناولها بكميات لأمراض خطيرة على المدى الطويل، وبما إننا اتكلمنا عن اللحوم المعلبة، فالجدير بالذكر أن الأطعمة المعلبة عمومًا وخصوصًا البقوليات الجافة إنها بتعيش لفترات طويلة جدًا، لكن نرجع لنفس الشرط وهو إنها تكون متخزنه بشكل سليم وفي مكان جيد التهوية وبعيد عن الإضاءة المباشرة؛ وبيرجع السبب في طول عمر الأغذية المعلبة إنه بيتم إضافة المواد الحافظة لها مع الملح والخل، وهو الأمر اللي بيخلق بيئة حمضية بتمنع أي بكتيريا إنها تتكون.
البسكويت المملح
يعتبر البسكويت المملح واحد من المنتجات اللي بتحتفظ بسلامتها لفترات طويلة جدًا؛ وطبعًا بيرجع السر في وجود الملح وبعض التوابل بكميات كبيرة تمنع تكون البكتيريا وبتمتص أي أثر للرطوبة لدرجة إن واحد من أنواع البسكويت المملح وهو النوع المعروف ب “hardtack” موجود منه قطعة معروضة في متحف “Pensacola” بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية بيرجع تاريخ تصنيعه لسنة 1862 ميلادية، واتشهر البسكويت ده في القرن الـ 18 والمعروف بإسم خبز البحارة؛ لأنه كان يعتبر قوت أساسي للبحارة خلال رحلاتهم الطويلة، ويقال إن البسكوت المملح كان موجود دايمًا من العصور القديمة وكان واحد من الأطعمة الرئيسية مع الجنود والبحارة من عصر الإسكندر الأكبر، وكان يتم تصنيعه من الدقيق والمياه وشوية من الملح، لكن كان الانتشار التجاري في أواخر القرن الـ 18، أما مصطلح خبز البحارة نفسه أو خبر السفن أو خبز الجنود فكان من ابتكار البحارة الأمريكان خلال حرب 1812 مع الإمبراطورية البريطانية، وانتشر بعدها الإسم وتم تصنيع أشكال وأنواع كتير.
العسل والسكر
عسل النحل الطبيعي هو غذاء صالح للأبد وهو أقوى أنواع الأطعمة اللي تقدر تحافظ على نفسها مهما طال عليها الزمن، لدرجة إنه تم العثور على فخارية من العسل من عهد قدماء المصريين وكانت جرة العسل المكتشفه في المقابر صالحة للاستخدام بطريقة طبيعية، وبترجع قوة العسل للتقنيات المعقدة اللي بيعملها النحل خلال مراحل التصنيع فبتتعدد الإنزيمات اللي بتفرزها النحلة بدءًا من عملية جمع الرحيق لغاية عملية الإنتاج النهائي؛ وعملية انتاج الإنزيمات دي تؤدي لتفاعلات كتيرة تخلق بيئة حمضية طاردة لكل أنواع البكتيريا والفطريات، فبعد تكون سلسلة متشعبة من الأحماض يتم إنتاج مركب بيروكسيد الهيدروجين وهو المركب اللي بيعمل على التطهير الشامل لأي ميكروبات، وبعدها تبدأ النحلة عملية سحب المياه من العسل؛ فتتجمع الشغالات حوالين المنتج وبتستمر في عملية الرفرفة بأجنحتهم لتبخير المياه، وهي العملية اللي بتنزل بكميات المياه لمستويات النشاط المائي الآمنة، والنشاط المائي ده هو مقياس لكمية المياه اللي تسمح بنمو الميكروبات، وهو عبارة عن مقياس محدد من العلماء من صفر لواحد صحيح، والمعروف علميًا أن البكتيريا والطحالب والفطريات بتحتاج لتركيز أعلى من 0.7عشان تقدر تنمو وتتكاثر، بينما النحل بيقوم بخفض النشاط المائي تحت المعدلات دي؛ لضمان عدم تسرب أي ميكروب للخلية، ونتيجة لكل المواصفات دي لعسل النحل فتم استخدامه قديمًا وحديثًا في عملية تضميد الجروح؛ وعشان كده العسل بيقدر إنه يستمر تقريبًا للأبد صالح للإستخدام وكل اللي ممكن يحصل للعسل إن سكر الجلوكوز يترسب ويكون بعض البلورات الصلبة واللي من الممكن التخلص منها وإعادة العسل لطبيعته عن طريق التدفئة أو التسخين.
أما السكر وإن كان طبعًا أقل في مواصفاته من عسل النحل؛ إلا أنه بيعتبر من المنتجات المُعمرة القوية؛ وعشان كده بيتم استعماله في صناعة المربات طويلة العمر، وبيحتاج السكر للحفظ في وعاء محكم الغلق بعيدًا عن الرطوبة والحرارة والضوء.
الحليب المجفف
لا شك إن الحليب الطبيعي هو الأفضل في الطعم والقيمة الغذائية من الحليب المجفف الشهير ب”لبن البودرة”، لكن الحليب المجفف بيكسب بفارق غير محدود لو كانت المقارنة من حيث قوة التحمل والاحتفاظ بالصلاحية، ويستثنى من الكلام ده حليب الأطفال المجفف وهو النوع اللي بينصح جدًا بالالتزام بتاريخ الإنتاج والصلاحية المثبت على العبوة وعدم تجاهله، ومن المهم جدًا إجراء عملية الفحص الظاهري لـ اللون والرائحة.
أما حليب الكبار المجفف فالأمر مختلف وبيكون آمن لحد كبير وإن كان برضه يعتبر الحليب المجفف كامل الدسم أضعف كتير من حيث التحمل والاستمرارية من الحليب خالي الدسم؛ فالحليب كامل الدسم ممكن أنه يستمر صالح للاستخدام بعد إنتهاء تاريخ الصلاحية لمدة خمس سنوات، أما الحليب خالي الدسم وعلى عهدة المجلس الوطني لأخصائي التغذية فبإمكانه أنه يعيش 25 سنة على الأقل، ويعتمد تخزين الحليب المجفف على درجة حرارة التخزين بصورة كبيرة، وفقًا لدراسة أجرتها جامعة ولاية يوتا الأمريكية تم التأكد أن التخزين عند 10 درجات مئوية يحافظ على الطعم والنكهة بشكل أفضل، في حين أن العينات المخزنة في درجة حرارة 21 درجة مئوية طرأت عليها بعض التغيرات في الطعم بعد سنتين، بينما العينات المخزنة في درجة حرارة 32 درجة مئوية كان لها نكهات غير مقبولة وانخفضت فيها نسبة الفيتامينات لحد كبير وإن كانت البروتينات والمعادن والكربوهيدرات استمرت زي ما هي من غير تغيير.