طبقًا لتقارير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة حوالي 820 مليون إنسان بيعانوا من أمراض الجوع وسوء التغذية أو يعني بمعنى أخر حوالي واحد من كل 9 بيناموا كل يوم جعانين، والمشكلة الأكبر أن المآساة دي بتحصل على الرغم من إن باقي سكان الكوكب بيرموا معدلات من الأغذية في القمامة أكتر من حاجه الجعانين بـ3 أضعاف على الأقل.

المشكلة الغبية

النفايات الغذائية تعتبر أغبى المشاكل على الإطلاق، فمبدئيًا كده فكرة إن ملايين يموتوا من الجوع رغم أن مليارات غيرهم بيرموا الأكل هي فكرة مثيرة للاشمئزاز خصوصًا إن مسألة إهدار الأكل مش مجرد بتتسبب في موت الملايين من الجوعى، إلا إنها في طريقها إنها تقضي على الشبعانين كمان؛ لأن مشكلة النفايات الغذائية تؤثر على البيئة اللي الجميع بيعيش فيها، فالأكل لما بيترمى ويتحلل غير إنه بيبقى مصدر للروائح النتنة اللي بتُشكل البيئة الخصبة لتكاثر الحشرات والميكروبات بيتحول كمان مصنع لإنتاج الغازات الدفيئة المضرة المسببة لتغيرات المناخ؛ فالنفايات الغذائية لوحدها هي المسئولة عن حوالي 10% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، ومشكلة الاحتباس الحراري دي عاملة صداع للعلماء ومالية الدنيا بالرعب والهواجس، من ارتفاع درجات الحرارة لذوبان جليد القطبين لغرق اليابسة، فيلم كبير وأبحاث بالملايين.

ده غير إن مسألة هدر الغذاء دي تعتبر خسارة مركبة مش بتقف عند الأكل لوحده، فعلى حسب تقارير منظمة الـ “FAO” فكمية المياه المهدرة بالتبعية لري المحاصيل وغسل الخضروات والفواكه وشرب الحيوانات وكل الكلام ده بتوصل لحوالي 170 تريليون لتر سنويًا، يعني حوالي 24% من كمية المياه المستخدمة سنويًا بيتم استخدامها في حاجة بتترمي في الزبالة، أضف بقى لهدر كمية المياه دي هدر كل الموارد والمجهودات اللي راحت في السكة، ابتداءًا من مجهودات المزارعين والفلاحين وعمال النقل والتجار، ومرورًا بكميات الأسمدة والمبيدات والوقود المحروق أثناء الزراعة، ووصولاً لجهود التعبئة والتغليف والنقل والبيع، كل دي فلوس اتصرفت وحاجات اتبذل فيها مجهود عشان في النهاية يترمي 40% منها نفايات.

المشكلة الخبيثة

مشكلة النفايات الغذائية بيكمن خطرها الأكبر في إنها مشكلة من النوع الخبيث، مشكلة كتير من الناس مش واخدين بالهم منها أساسًا؛ وده ببساطة لأنها مستخبية جوه مشاكل تانية أشهر منها، وعلى الرغم من إن المشاكل التانية دي بتعتبر أعراض مصاحبة ومش أمراض أصلية؛ ألا إنها بتكون الأشهر عند الناس يعني لو جيت مثلاً تسأل أي حد مهما كان درجة وعيه واطلاعه على الأضرار اللي بيعاني منها كوكب الأرض، هتلاقيه على طول بيكلمك عن أخطار المناخ وأضرار التلوث والاحتباس الحراري وكل الحاجات اللي هي أساسًا بتعتبر أعراض مصاحبة للنفايات بأنواعها، لكن مستبعد خالص سيرة مشكلة النفايات الغذائية دي، والغريب كمان فى مشكلة الجوع دي إنها موجودة ومنتشرة في العالم كله وأي بلد تخطر في بالك مهما كان اقتصادها ومواردها برضه موجود فيها أعداد بتعاني من الجوع، يعني مشكلة من المشاكل اللي بتعبر عن نفسها بوضوح، ومع ذلك تبدو المشكلة وكأن محدش واخد باله منها، ده على الرغم من أن الحكاية بالعكس تمامًا فكميات الأكل المهولة المهدرة لو تم اعتبارها دولة مستقلة كان هيبقى تأثيرها على المناخ في المركز الثالث بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين، يعني لو تأملت في الجملة هتحس بالمأساة الحقيقية.

الجملة معناها إن الأكل اللي بيتم إهداره لوحده بيؤدى لتلوث المناخ أكتر من أي دولة في العالم بإستثناء أمريكا والصين، وكلمة دولة يعني مصانع ومؤسسات وتجارب عسكرية ونووية وأبحاث فضائية وكل الأنشطة اللي بتعملها أي دولة وبتؤثر على البيئة، والمؤسف بقى إن الكميات المهولة المهدرة دي من الغذاء مش بتتسبب فيها المؤسسات الكبيرة لوحدها، لكن بيوت المواطنين العاديين كمان بتتسبب لوحدها في 43% من الكميات المهدرة.

أسباب المشكلة

يمكن يكون فهم بعض الأسباب اللي بتساهم في زيادة كميات النفايات الغذائية يكون عامل مساعد للحد من المشكلة، ويمكن يكون أول الأسباب اللي كبرت مشكلة النفايات الغذائية دي هو ضعف التوعية؛ فكتير من الناس زي ما قلنا مش مستوعبين أصلاً ان في مشكلة زي دي موجودة، وبالتالي الحملات الدعائية والإعلانية ضرورية جدًا في موضوع زيادة وعي الناس؛ الإعلانات بالآلاف عن نوعيات الأكل والحلوى والمطاعم والأسواق بينما مفيش أصلاً إعلان واحد لتوعية الناس بمشكلة الهدر، يعنى بإختصار الحملات الدعائية بتركز بس على تعليم الناس إنهم يستهلكوا ويشتروا أكتر، لكن ده ميمنعش لو فيه دولة أو مؤسسة تبنوا موضوع الحد من النفايات الغذائية يخصصوا ولو ثواني من كل إعلان لتوعية الناس.

حاجه تانية برضه من أسباب مضاعفة الكميات الغذائية المهدرة، هى العادات النفسية الغريبة عند البعض؛ فكتير من الناس بيبقى عندهم حب أو إدمان الشراء وخلاص، والنوعية دي من الناس لو شافت إن التلاجه فيها مكان فاضي يحسوا أن فيه حاجه في قلبهم فاضية، والغريب أن الناس دي بعد ما بيملوا التلاجه ويكدسوها بكل ما لذ وطاب يجيوا يختاروا حاجه ياكلوها ميعرفوش يختاروا من كتر الزحمه، وفي النهاية يمسك التليفون ويطلب دليفري.

المشكلة إن عادة تكديس الأكل في التلاجة دي مش بتبقى من مسببات الكسل وبس، إنما كمان العادة دي تؤدي لتلف كتير من المأكولات لأسباب مختلفة، منها إن الواحد بيبقى نسي من الأساس إيه اللي موجود، فمن الممكن تلاقي واحد بدأ يدعبس كده في التلاجه ويطلع مثلاً كرتونة بيض ولا علبة جبنة ولا أي حاجه بقالها شهرين تلاته، يقوم باصص للعلبة كدا وفي النهاية يقوم راميها في الزبالة عشان الأمراض، ده على إعتبار يعني إنه حريص وبيحمي نفسه.

والمشكلة دي ملحق بيها مشكلة اختيار التلاجة من الأصل، فالبعض حاليًا بيتفنن في شراء أضخم التلاجات وأكبرها، وطبعًا التلاجة أم بابين دي حلم العريس الجديد وكل ما كبرت التلاجه كل ما مشكلة الهدر بقت أكبر، وطبعًا من الممكن أن البعض يتصور إن الكلام ده فيه مبالغة، إنما الحقيقة إن الكلام ده اتعمله إحصائيات ودراسات؛ ففى دراسة أجرتها جامعة Santa Barbara بولاية كاليفورنيا، تبين أن الحجم له دور مباشر في الكميات المهدرة، فمن أول التلاجات الضخمة وترابيزات السفره الكبيرة لغاية حجم الأطباق نفسه، كل ده بيكون له دور في الحد من أو زيادة المشكلة؛ بل إن حتى طريقة تقطيع الاكل وتوزيعه كان ليها برضه أثر كبير فمع مجرد إعادة تقطيع المعجنات والبيتزا لقطع أصغر واستعمال أطباق أصغر بنسبة 36% تبين أن نسبة الهدر اتحسنت للنص تقريبًا.

حلول مقترحة

لا شك إنه أغلبنا مقصر ومش واخدين بالنا من مشكلة النفايات الغذائية، لكن برضه فيه ناس مهتمين وبيحاولوا إيجاد الحلول المبتكرة للمساهمة في تقليل آثار المشكلة، فعلى سبيل المثال لجأ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتجربة حل مبتكر، المعهد ركب كاميرا في مكان معين عشان عرض المأكولات اللي بتتبقى من الولائم اللي بتتعمل للطلاب واطقم التدريس والمستثمرين والناس دي كلها، والفكرة كانت ببساطة عبارة عن كاميرا أطلقوا عليها “كاميرا الطعام Foodcam” لو فاضل أكل من أي حاجه تخطو الأكل تحت الكاميرا وتدوسوا على زرار يقوم باعت الصورة بتاعه الأكل على تويتر وكام منصة تانين في دعوى لأي حد إنه يجي ياخد الأكل اللي ظاهر في الكاميرا، والحقيقة إنه رغم بساطة الفكرة إلا إنها نجحت نجاح منقطع النظير، وساهمت تقريبًا في القضاء على مشكلة النفايات الغذائية في المعهد كله، وطبعًا من الممكن تكون الفكرة بالنسبة للبعض مش عملية؛ إلا إن اللي حصل بعدها إن كتير من المؤسسات اعُجبت بالفكرة وعملت نفس الحكاية، بل ظهر بعدها شركات بتقوم بمهمة توصيل الأكل بين المتبرعين والمحتاجين ومنها مثلاً شركة كوبيا الأمريكية لمؤسسها “Komal Ahmad” واللي بتخطط للانتشار وفتح مكاتب في العالم كله، ده بالنسبة لموضوع المؤسسات.

وبالنسبة البيوت العادية فلو مش متاح إننا ندي الأكل لحد محتاجه فعلى أضعف الإيمان نحاول إحنا نستفيد بيه ونعيد إستخدام، وعشان كدا لازم نفهم أن أساليب التخزين مهمة جدًا؛ فالتخزين السئ كمان واحد من أسباب تفاقم المشكلة، ولا شك أنك هتلاقي فيديوهات كتير على الإنترنت بتشرح إزاي تخزنوا كل حاجه عندكم في البيت.

فعلى سبيل المثال إن بعض الأطعمة بيكون الأفضل ليها إنها تتحفظ في درجة حرارة الغرفة اللي هي يعني في حدود الـ 20 درجة مئوية؛ لأن حفظ النوعية دي في التلاجة بيضرها أكتر ما بنفعها، ومنها مثلاً البطاطس المهم أنه مع شوية قدر قليل من الجهد والاهتمام من الممكن إننا نقلل هدر الطعام، وهو الأمر اللي هيخفف الضغوط عن البيئة، بالإضافة إلى إنه هيوفر المال، وأهم حاجه طبعًا إنك على الأقل هتبقى ريحت ضميرك من ذنب رمي الأكل وغيرك جعان.