ومع استمرار التصعيدات ما بين روسيا وأوكرانيا لحد دلوقتي بدأت ناس كتير تتكلم عن مخاوف أن تقوم حرب كاملة بجد وياترى لو الحرب دي قامت بجد هيستخدموا فيها أسلحة نووية ولا هيعملوا إيه، وهل وقتها ممكن الموضوع أثاره توصل للعالم ولا هيكون مقتصر عليهم وبس، لكن اللي كتير من الناس متعرفهوش إن أكتر الأسلحة المرشحة للاستخدام في الحروب اللي جاية هي قنبلة النبض الكهرومغناطيسي، واللي بيقول عنها الخبراء إنها كفيلة ترجع دولة لعصور ما قبل التكنولوجيا.

عملية حوض السمك

بعد إنتهاء الحرب العالمية التانية وظهور القنبلة الذرية، بدأت أمريكا والاتحاد السوفيتي سباق من نوع جديد لتفجير النوعية دي من القنابل لغرض البحث والدراسة، وخلال شهر يونيو 1962 كانت جزيرة “جونستون آتول Johnston Atoll” المعزولة بالمحيط الهندي على موعد مع سلسلة من التفجيرات اتعرفت بعملية Fishbowl أو حوض السمك، وكانت العملية دي شملت على 5 تفجيرات تصاعدية من الأضعف للأقوى ومر التفجير الأول بسلام ودَّون العلماء كل الملاحظات اللي هما عايزنها.

وفي يوم 9 يوليو سنة 1962 كان ميعاد التفجير التانى واللي اتعرف بتفجير Starfish Prime، وكان مخطط تفجير قنبلة بتزيد قوتها 100 مرة عن قنبلة هيروشيما، بالإضافة إلى أن التفجير هيكون عن طريق صاروخ من ارتفاع شاهق فوق الجزيرة المعزولة، وعلى الرغم من إن الجزيرة معزولة وبتبعد حوالي 1500 كلم عن هاواي؛ إلا أن القيامة قامت في هاواي على مستوى كل الأجهزة الكهربية والإلكترونية، كل حاجة تقريبًا موجودة في مجموعة جزر هاواي تأثرت بالأنفجار، والقصد بالتأثير هنا مش أن المباني اتكسرت والجسور اتهدت، ولكن البنية التحتية للأجهزة الكهربائية والإلكترونية هي اللي اتأثرت، وكانت المفاجأة أن كل اللي ده حصل كان من غير حتى ما يتم رصد آثار اشعاعية للانفجار، وطبعًا في البداية كانت الحيرة والتساؤل عن أسباب اللي حصل ده كله، والحقيقة أنه ممرش وقت كبير لغاية ما اكتشف العلماء إن اللي تسبب في الحكاية دي كلها كان عبارة عن موجات كهرومغناطيسية قوية رفعت الجهد الكهربي لكل الأجهزة ودمرتها.

القوة الكهرومغناطيسية

مبدئيًا كده القوى الكهرومغناطيسية هي واحدة من القوى الأربعة الموجودة في الكون وهي القوة المبنية على العلاقة الوثيقة بين المغناطيسية والكهربية، وخلال العواصف الشمسية أو الصواعق القوية بيتم توليد النبضات الكهرومغناطيسية دي وبيوصل تأثيراتها بالفعل للأرض، وعلى سبيل المثال تذكر السجلات إن العاصفة الشمسية اللي تم تسجيلها في 2 سبتمبر 1859، كانت واحدة من أكتر العواصف المرعبة اللي لو كانت حصلت في وقتنا الحالي بعد انتشار الأجهزة الإلكترونية والكهربية كان هيكون لها نتائج كارثية.
والخلاصة أن عملية النبض الكهرومغناطيسي دي هي ظاهرة طبيعية معروفة؛ وعشان كده كل الطيارات بيتم فيها تطبيق كل وسائل الوقاية لحمايتها من السقوط؛ فالهيكل الخارجي بيكون مصمم بطريقة يكون عندها القدرة على امتصاص الموجات وعزلها عن الأجزاء الداخلية، بالإضافة إلى أن الهيكل كله بيكون مدرع بشبكة معدنية من نسيج رقيق بتمنع وصول التأثيرات للأجهزة الإلكترونية جوه الطيارة، والموجات الكهرومغناطيسية دي على قوة تأثيرها على الأجهزة الكهربية والإلكترونية؛ إلا إن لغاية دلوقتى ما اثبتتش أي تأثيرات معروفة على الإنسان والكائنات الحية، لكن نحط خط تحت جملة تأثيرات معروفة دي؛ وعشان كده كتير بينصحوا بإبعاد الموبايلات وكل الأجهزة بصفة عامة على الأقل وقت النوم؛ لأن قدر صغير من الموجات دي بيتسرب من الأجهزة والاحتياط واجب عشان يمكن ما بين يوم وليلة يطلع بحث يثبت أن فيه اضرار بالفعل.
والمهم إنه اللي تبين للعلماء بعد إجراء تفجير Starfish Prime، إن ظاهرة النبض الكهرومغناطيسي دي مش بس ظاهرة طبيعية، لكن كمان من الممكن توليدها صناعيًا وواحدة من الطرق الصناعية لتوليدها هى الانفجار النووي على ارتفاع عالي واللي بيؤدي لتوليد نبضات كهرومغناطيسية عنيفة بتفوق أقوى الصواعق والعواصف الشمسية.

قنبلة النبض الكهرومغناطيسي

خلال فترة الستينات بعد ملاحظة العلماء لظاهرة النبض الكهرومغناطيسي دي، بدأ يظهر مسمى لسلاح جديد أطلقوا عليه سلاح الـ EMPN اختصارًا لـ the neuclra electromagnetic pulse، بمعنى النبض الكهرومغناطيسي النووي، وهو المصطلح اللي تم اختصاره فيما بعد لقنبلة الـEMP، وقتها فكروا يعملوا تجربة تفجير تانية زي Starfish Prime اللي عملوها قبل كدا، لكن يراقبوا بس التأثيرات اللي هتحصل على الأجهزة الإلكترونية والكهربية، ويراقبوا كمان الأثر النفسي اللي هتعمله القنبلة سواء في المدنيين أو العسكريين، وكانت الحكومة الأمريكية بتفكر فعلًا في استخدام السلاح ده خلال تأزم الأوضاع في حرب فيتنام، لكن طبعًا الفكرة دي ملقتش تشجيع كبير؛ وده كان راجع لأسباب متنوعة أهمها القلق من رد الفعل القوي وإشعال حرب نووية، بالإضافة للرغبة في إخفاء الكشف الجديد وتطويره، والمهم إنه مع الوقت وظهور كتير من الاتفاقيات والمعاهدات لحظر الأسلحة أو حتى التجارب النووية بدأت القنبلة الجديدة تفقد أهميتها.

قنبلة الـ E-bombs

مع بداية عصر ثورة المعلومات والحكومات الإلكترونية والحروب السيبرانية، رجع الكلام عن قنبلة الـ EMP يظهر مرة تانية، الأثر اللي كان هيبقى محدود في الستينات والسبعينات قبل انتشار الإلكترونات في كل مكان من الممكن إنه يشل حركة الحياة تمامًا النهارده؛ لأن قنبلة الـ EMP هتوقف كل شئ إبتداءًا من منظومات الصواريخ والدفاع الجوي مرورًا بوسائل المواصلات وأنظمة الولوج، ووصولاً لغاية الأجهزة المنزلية بالإضافة أن تأثير القنبلة هيبقى مستديم أو على الأقل لمدة سنوات مأثر على المكان اللي انضربت فيه لغاية طبعًا ما تقدر البلد اللي تم الأعتداء عليها من إعادة تأسيس البنية التحتية من جديد، لكن المشكلة اللي كانت دايمًا عقبة في طريق استخدام القنبلة دي هو حجم الخسائر في الأرواح البشرية اللي كانت التقديرات بتشير إلى إنها هتبقى بالآلاف إن مكانش بالملايين.

إيه، خسائر بشرية، خسائر بشرية إزاي، أنت مش قلت إن النبضات الكهرومغناطيسية ملهاش تأثير على البشر والكائنات الحية؟، هو فعلًا ده صحيح، والنبضات الكهرومغناطيسية ملهاش فعلًا تأثير ملحوظ على الكائنات الحية، إنما أنا برضه قلت إن النبضات الكهرومغناطيسية دي بترفع الجهد الكهربي لدرجات فوق تحمل كل البنية التحتية، وده طبعًا هيتسبب في حرائق ضخمة نتيجة لانصهار الكابلات، بالإضافة إلى إن كل وسائل المرور هتتوقف فجأة مع تفجير القنبلة، القطارات الكهربية هتقف من غير أي سيطرة، حتى السيارات في الشوارع هتفقد التحكم؛ لأن كل السيارات بما فيها الموديلات القديمة بتشتمل على دوائر كهربية بتساعد في حركتها، ده غير القطارات اللي شايلة أرواح بالمئات، ده بالإضافة بقى لسقوط عشرات الطائرات اللي بتمر في الأجواء ساعتها، وصحيح إن الطائرات زي ما قلنا عندها وسائل حماية، إنما الوسائل دي محدودة، يعني تقدر إنها تتحمل جهد الصواعق أو حتى العواصف الشمسية، إنما قنبلة مركزة وقريبة من المكان مش هيكون لدفاعات الطيارة عندها أي فرصة، وأضف بقى الطائرات العسكرية، والبوارج، والسفن، وكل المعدات، والأوناش، والروافع، وهلم جره، ومتنساش بقى المستشفيات، واللي حاليًا بتعتمد كل أجهزتها على التيار الكهربي، ولو فضلنا نقول أمثلة على حجم الضحايا المنتظر سقوطها بمجرد إنهيار الطاقة الحلقة مش هتخلص، بالإضافة طبعًا للآثار النفسية والحضارية اللي هترجع البلد المعتدي عليه للعصور الوسطى؛ فالبلد دي مش هيبقى فيها شبكات للمياه، ولا أضواء في البيوت ولا الشوارع، ولا وسائل نقل، ولا وسائل اتصال، ولا إنترنت، ولا تليفزيون، ولا حتى تلغراف؛ ونتيجة للخساير المهولة دي على الرغم من عدم التفجير الفعلي للقنبلة النووية، فالموضوع في النهاية مفرقش كتير.
وعشان كده كان الأمل عند العسكريين هو ابتكار قنبلة للنبض الكهرومغناطيسي بس يكون تأثيرها محدود بحيث إنه يتم إطلاقها على منشأة معينة بهدف إخراجها من الخدمة، وبحسب الأخبار العلماء تمكنوا من ابتكار قنابل للنبض الكهرومغناطيسي محدودة التأثير، ومش معتمدة كمان على التفجير النووي، ورغم إن الترجيحات بتقول إن القنبلة دي واللي أطلقوا عليها الـ E-bombs، لكن مع ذلك السلاح ده بيعتبر سر من الأسرار العسكرية واللي مش متوفرعنها معلومات كافية، وكل المعروف إنها اسلحة نبض كهرومغناطيسي بيمتد آثارها لـ 10 كم مربع على أقصى تقدير، وإن القنبلة دي بتعتمد في بدء التفاعل على مولدات حرارية أو ضوئية بدل المولد النووي المتمثل في القنابل النووية، وبالتأكيد إن الكلام عن النوعية دي من القنابل رجع يظهر تاني على سطح المناقشات مع الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة إنه يقال إن روسيا واحدة من الدول اللي بتمتلك النوعية دي من السلاح، بالإضافة طبعًا إلى إن حلفاء أوكرانيا برضه بيمتلكوا السلاح، فهل ياترى لو الموضوع متلمش على خير وحصل تصعيد زيادة ورؤساء الدول قرروا إنه هما يقلبوا الطرابيزة هل هيستعملوا وقتها قنابل نووية ولا هيستعملوا قنابل الـ E-bombs.

الحماية

وأخيرًا قبل ما ننهي الحلقة، برضه عايزين نشير إلى إنه موجود بعض وسائل الحماية من القنبلة دي، والحماية بتعتمد على عملية التدريع القوي لكل الأجهزة الحيوية بنفس طريقة حماية الطائرات، لكن مع رفع معدلات السبائك اللي هيعملوا بيها التدريع، بالإضافة إلى تحويل كابلات البنية التحتية إلى كابلات ألياف ضوئية ودفنها على أعماق كبيرة داخل باطن الأرض؛ كمحاولة لبعض الدول أنها تأمن نفسها في حالة لو تم ضربها بالنوع ده من القنابل، وفي النهاية دعواتنا إن الأمور تهدي وتختفي كل التوترات.