يُقدر العلماء أعداد النيازك والكويكبات القريبة من الأرض واللي تزيد أحجامها عن المتر الواحد بحوالي 24 ألف جُرم سماوي، وفي خلال الربع قرن الأخير فقط تم إحصاء 1200 من الأجرام تخترق الغلاف الجوي للأرض بالفعل، لكن من لُطف الله أن كل الأعداد اللي وصلت الأرض لم تكن أحجامها من النوع القادرعلى إحداث والسؤال المهم هنا هل في احتمال إنه يوصل للأرض واحد من الأحجام المُدمرة بالفعل، ولو كان الاحتمال ده موجود هل العلماء عندهم خطة للتصدي لموقف زي ده ولا لأ.

ولادة الكويكبات

على حَسب أكثر النظريات العلمية قبولاً في الأوساط العلمية فالكون كله بدأ من انفجار عظيم نتج عنه سحابة من الغاز والغبار الكوني تشكلت منه فيما بعد كل المجرات والنجوم وتوابعها، ومن حوالي 4.6 مليار سنة تكونت المجموعة الشمسية فبدأت كميات من الغاز والصخور تتجمع مع بعضها لتكوين أجسام كبيرة مثل الكواكب والأقمار، لكن اللي حصل إن بعض الصخور والمعادن الصغيرة لم يكتُب لها النجاح أن تتحد مع بعضها وتكوُن أجسام أكبر وأغلب الأجسام اتجمعت في مَدار بين كوكب المشترى والمريخ، سُمي بإسم حزام الكويكبات، لكن الحكاية دي حصلت في أماكن ثانية من المجموعة الشمسية مثل حزام “كايبر Kuiper Belt” و”سحابة الأورت Oort “، لكن طبعًا حزام الكويكبات هو اللي العلماء يهتمون به بسبب قُربه النسبي من كوكب الأرض مقارنة بسحابة الأورت وحزام كايبر.

حزام الكويكبات هو عبارة عن مجموعة مليونية كبيرة تتراوح أحجامها من أحجام الذرات حتى أحجام مُدن ودول كاملة، فعلى سبيل المثال يُطلق على الكويكب “سيرس Ceres” لقب ملك حزام الكويكبات، وذلك لحجمه الضخم الذي يصل بطوله لـ946 كلم، لدرجة إن كثير من العلماء يعتبروه كوكب قزم مثل بلوتو، والتفاوت الكبير في الأحجام بالإضافة لوصول بعض عناصر المجموعة للأرض جعل العلماء يصنفوها لعدد من التصنيفات.

أسماء وتصنيفات الأجرام

الفلكيين بيفرقوا بين أجرام حزام الكويكبات حسب الحجم، فلو كان حجم الجُرم صغير يتم تسميتها “النيازك أو الـ Meteoroid”، أما الأحجام الكبيرة والتي تبدأ من 400 متر مثلاً تُسمى الكويكبات أو الـAsteroid”، وبصفة عامة ده يعتبر التصنيف الرئيسي المعتمد على الحجم، أما التصنيف الفرعي فهو يعتمد على وصول الجُرم وتأثيره على الأرض من عدمه، فلو النيزك استطاع أن يَفلت من مداره ويخترق الغلاف الجوي ويسقط على سطح الأرض، فتتم تسميته من قبل الفلكيين “الحجر النيزكى أو الـMeteorite”، أما بقى لو قدر النيزك انه يفلت من الحزام لكنه اتحرق في الغلاف الجوي ولم يصل للأرض يُطلق عليه الشهاب أو الـ Meteor، وعلماء الفلك مهتمين جدًا بمجموعة النيازك والكويكبات التي يتقاطع مدارها مع مدار كوكب الأرض، أو على أقل تقدير من المُحتمل إنه يتقاطع مدارها مع مدار الأرض، وبالتأكيد يتركز إهتمام العلماء بصورة أكبر على النيازك الكبيرة أو الكويكبات، ويعتبر العلماء إن النيازك الكبيرة نسبيًا والتي لا تقل عن 90 متر، هي التي يكون لها آثار تدمرية، والنيزك اللي طوله 90 متر ده حتى يصل للغلاف الجوي يكون انفجر وتحطم لشظايا، لكن بسبب حجمه الكبير فيصبح الاحتمال شبه مؤكد أن يصل منه للأرض قطع كبيرة، والقطع دي مع سرعتها الرهيبة يكون عندها الفرصة لتدمير أحياء كاملة إن لم تكن مدن صغيرة أيضًا، وطبعًا لن ننسى إننا نتحدث عن نيزك طوله 90 متر في حين إنه تم القول بإنه يتواجد كويكبات بتوصل قطرها لمئات الكيلومترات، وطبعًا السؤال اللي بيفرض نفسه الآن هل الاحتمال موجود فعلاً لوصول الأحجام دي أو الأكبر منها لكوكب الأرض.

إحتمالية التهديدات

والإجابة المباشرة على سؤال التهديد المُحتمل من أحجام النيازك الضخمة هي بالفعل احتمال نرى في يوم من الأيام جُرم سماوي كبير متجه للأرض، لكن أيضًا نقدر نقول إن الموضوع لا يستدعي القلق بصورة كبيرة، لكن لكي نستطيع حل التعارض ده محتاجين نتكلم بالتفصيل، مبدئيا الأحجام المُدمرة من النيازك التي تصل لكيلو مترات، وصل منها البعض بالفعل لكوكب الأرض وتسبب أيضًا في كوارث وانقراضات للكائنات الحية، وطبعًا أشهر النيازك دي هو النيزك الذى أدى لإنقراض الديناصورات، والذي يُقدره العلماء بأنه كان نيزك قطره في حدود الـ 10 آلاف كيلو متر، أما الجانب الايجابي هو أن الأحجام الضخمة دي وفقًا لتقديرات الفلكيين يكون احتمالها في أصطدمها بالأرض هو 1 في الـ 100 مليون، أو بمعنى آخر أنه من الممكن الأرض تُضرب بواحد من الأحجام دي كل 100 مليون سنة، وبما أنهم بيقدرو إن الديناصورات انقرضت من 66 مليون سنة يعني لسه برضه قدامنا شوية حلوين، لكن النقطة المهمة هنا إنه ليس فقط الأحجام الضخمة هي وحدها التى تعتبر مُدمرة، فعلى حسب الدراسات فالأمر لا يحتاج أكثر من نيزك قطره 400 متر لكي يكون قادر إنه يمحي دولة مليونية من على الخريطة، فالعلماء يؤكدون أن النوعية دي من النيازك تكون فرصتها في الإصطدام واحد في الـ 5 آلاف، بمعنى أن كل خمس آلاف سنة الأرض ممكن تُضرب بواحد من الأحجام دي، والحقيقة أنه في الماضي واحد من تلك الأحجام تسبب في إبادة شعب الكلوفيس في أمريكا، والكلوفيس دول مجموعة بشرية كانت تَسكن أمريكا الشمالية ويعتقد العلماء إنهم اسلاف الهنود الحُمر.

لكن أيضًا نستطيع القول إنه مع تطور التلسكوبات والتكنولوجيا بصفة عامة نحن فرصتنا إن شاء الله أفضل من الـ كلوفيس، فالفلكيين قدروا إنهم يحصوا حوالي 98% من النوعية دي من النيازك الضخمة، وقدرو يعملوا التنبؤات العلمية لمداراتها، بحيث إنه لو في احتمال وصولها الأرض يستطيع العلماء المعرفة مسبقًا بمدة كافية، لكن الأجرام اللي أصغر وأقطارها أقل من 400 متر نسبة إحصاءها واكتشافها أقل؛ لأنه ببساطة كل ما كان النيزك أصغر كل ما كان صعوبة رصده أكبر للسبب ده الأرض تتعرض كل كام سنة لحادثة من النيازك الصغيرة الغير قابلة للرصد من الأساس، ويمكن آخر وأشهر الحوادث اللي حصلت هي حادثة “شيليابينسك Chelyabinsk” اللي حصلت في روسيا سنة 2013، التي تسبب فيها نيزك تم تقدير قطره بحوالي 20 متر في إصابة مئات الأشخاص وتحطم بعض المباني، وكانت الإصابات نتيجة لموجة الضغط اللي سببها التصادم مع الأرض.

وللأسف في مجموعات كبيرة غير مرصودة بالنسبة للفلكيين، وممكن تُفاجئ سكان الأرض وتتسبب في الكوارث، وممكن الكارثة توصل لإبادة دولة كبيرة كمان، وهل فيه طريقة للتعامل بها مع الـ 2% الموجودين من الأجسام الأكبر من 400 متر أو الأجسام الأصغر التي لا نستطيع رصدها ولا لأ.

أفكار العلماء للتصدى للكويكبات

للأسف من المُمكن فعلاً أنه يتم مفاجأة أي منطقة من الأرض وتُفاجأ وتدمر، والمفأجاه هنا عند الفلكيين معناها اكتشاف الجُرم في الوقت الضائع؛ لأن الأجرام الغير مرصودة سيتم اكتشافها خلال مراحل اقترابها من الأرض، إنما الاكتشاف وقتها هيكون غير مفيد، لأنه ببساطة المؤسسات وقتها لن تملك الوقت الكافي للقيام بأي محاولة مُثمرة، عملية اكتشاف نيزك مُدمر قبل اصطدامه بالأرض بشهر أو اتنين مثلًا هيكون زي عدمه؛ فلو قولنا مثلًا اننا سنصطدم في النيزك بصاروخ كبير أو مركبة فضائية للخروج من مساره وتجنب الإصطدام بالأرض فكلما يكن أقرب كلما تكون أحتمالية خروجه من المسار أصعب، ولو كنت تتساءل عن التفجير النووي هيكون على حسب دراسات يعُد للاختيار الأسوأ فبدل ما يتم الهجوم على الأرض بنيزك 400 متر مثلاً، ممكن الانفجار يؤدي لتحطيم النيزك واستمراره في الهجوم بأربع قطع كل واحده منهم 100 متر، غير ان إضراره هتبقى أكبر إلا إنه كمان هيكون مجهول نقطة السقوط؛ فالنيزك الأصلي اللى طوله 400 متر، وبالتالي لن تستطيع أي دولة تقدر تعمل إخلاء لمنطقة السقوط المتوقع، العلماء والدراسات الجارية أكثر على بحث إمكانية إستخدام الليزر في تفتيت الأجرام السماوية، وغيرها من الأفكار المُبتكرة مثل تركيب مُحركات نفاثة على سطح الجُرم نفسه وتوجيهه لمكان بعيد عن الأرض.
والخُلاصة إن العالم مازالوا في طور التجارب للاختيار بين البدائل؛ لمواجهة موقف عصيب زى ده وكل اللي بيحاول يعمله العلماء إنهم يسرعوا تجاربهم من ناحية، ومن ناحية أخرى بيحاولوا يطوروا التلسكوبات وتكنولوجيا الرصد عشان يقدروا يكتشفوا الأخطار في وقت مبكر قدر الإمكان.