التاريخ الإسلامي غني بأحداث ووقائع عظيمة، غيرت من شكل العالم للأبد، وشهر رمضان على وجه التحديد شهد مجموعة من أهم وأنبل الأحداث في تاريخ الإسلام على وجه الخصوص، وبعض من أهم الأحداث في تاريخ العالم ككل، منها وقائع غيرت من موازين القوة في العالم وقتها، ومنها اللي مازال صداها مسمع معانا لحد النهاردة.
ولعل التذكير ببعض الأحداث دِه، يكون فيه استفادة تاريخية وفي نفس الوقت يكون دافع للهمم ويشجعنا نشمر عن ساعد الجد وننتهز الفرصة ونغتنم من رحمات ربنا في الشهر المبارك.

غزو وافتتاح

في اليوم الأول من شهر رمضان الكريم بالعام التاسع من الهجرة، عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بعد آخر غزوة غزاها النبي بنفسه، ألا وهي غزوة تبوك، وهي الغزوة اللي أرست دعائم الدولة الإسلامية ومهدت لفتوح الشام.
وفي نفس اليوم من رمضان عام 20 هجريًا والموافق 641 ميلاديًا، دخل الفتح الإسلامي مصر بقيادة “عمرو بن العاص” في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وبداية من التاريخ ده، أصبحت مصر بلدًا إسلامية.
في عهد الخليفة الاموي “الوليد بن عبد الملك” تحت قيادة “موسى بن نصير”، وقع الاختيار على “طريف بن مالك” لقيادة مجموعة إستطلاعية من 500 مقاتل موزعين في أربع سفن للإغارة على الشواطئ الأندلسية، ونجح في شن عدد من الحملات على الساحل لدراسة مدى تحصينها وتحري أوضاع سكانها ومدى علاقتهم بالحكام وغيرها، وهي العمليات اللي ساهمت ومهدت للفتح الأندلسي عام 92 هجريًا / 711 ميلاديًا، ومن وقتها، واستمر الوجود الإسلامي في الأندلس لحوالي 800 سنة، حتى سقوط غرناطة في أواخر القرن الـ 15.

تجارة الرقيق

بعد الاستيطان البرتغالي للبرازيل في مطلع القرن الـ 16، اعتادوا جلب الرقيق من افريقيا بشكل مستمر وأصبحت تجارة شائعة في البلاد، لكن في يوم 3 رمضان عام 1888 ميلاديًا / 1305 هجريًا، وبعد أكتر من 300 سنة، أعلنت البرازيل إلغاء العمل بنظام الرق.

أنطاكية

بعد 170 سنة من احتلال الصليبيين لأنطاكية، نجح المسلمون بقيادة “الظاهر بيبرس” في استرجاعها من الصلبيين في الرابع من رمضان عام 666 هجريًا / 1268 ميلاديًا، في البداية، ضرب الظاهر بيبرس حصار محكم حوالين أنطاكية، وتُوج الحصار بطلب أهلها الاستسلام بس تحت شروط، لكن “بيبرس” رفض، وشدد عليهم الحصار لحد ما استطاع فتحها في النهاية بالقوة وحرر ما فيها من الأسرى المسلمين.

مذبحة اللُّدّ

الخامس من رمضان عام 1332 هجريًا، هو التاريخ الموافق لـ 28 يوليو لعام 1914 ميلاديًا، وهو تاريخ بدء الحرب العالمية الأولى، الحرب اللي استمرت 4 سنين، خلفت وراها أكتر من 36 مليون ضحية، ما بين موتى وجرحى وأسرى ومفقودين.
وفي نفس اليوم من الشهر الكريم عام 1367 هجريًا / 11 يولية 1948 ميلاديًا، حدثت واحدة من أبشع جرائم الكيان الصهيوني بفلسطين فيما يعرف بـ مذبحة “اللُّدّ” وهي المدينة الواقعة في شمال غرب القدس.
وحدة كوماندوز صهيونية بقيادة “موشيه ديان” اقتحمت المدينة ليلًا تحت وابل من قذائف المدفعية، وما كان من المواطنين إلا انهم احتموا من الهجوم في أحد المساجد، وبعد ما قتل الصهيون 426 من الفلسطنيين أثناء الهجوم، قاموا باعتقال الشباب وأجبروا باقي أهل المدينة على المغادرة سيرًا على الاقدام بدون أي متاع أو أكل أو شرب، وهو الأمر اللي تسبب في وفاة عدد كبير من النساء والأطفال والشيوخ.

الجامع الأزهر

في السابع من رمضان عام 361 هجريا / 971 ميلاديًا، تم افتتاح الجامع الأزهر بعد ما انتهى “جوهر الصقلي” من بنائه بالقاهرة، ومن ساعتها وأصبح الأزهر أحد أهم المنابر في العالم الإسلامي.

عام الفتح

في العاشر من رمضان عام 8 هجريًا / 630 ميلاديًا وهو العام المعروف باسم عام الفتح، تحرك الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المدينة لفتح مكة بعد انتهاك قريش للهدنة ما بينهم وبين المسلمين، وفي العشرين من نفس الشهر نجح المسلمين بقيادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في دخول مكة، وكانت بداية لسيادة الإسلام في شبه الجزيرة العربية.
وفي نفس اليوم من الشهر الكريم عام 1393 هجرية والموافق عام 1973 ميلاديًا، شهد العالم انتصار الاتحاد العربي بين مصر وسوريا على الكيان الصهيوني، ونجح الجيش المصري في كسر كبرياء الصهاينة الزائف وعبروا قناة السويس وهدموا خط بارليف.

غزوة بدر الكبرى

في السنة التانية من الهجرة وتحديدًا 17 رمضان، شهد التاريخ الاسلامي واحدة من أول وأهم المعارك على الإطلاق، ألا وهي غزوة بدر الكبرى، المعركة دِه كان الانتصار فيها للمسلمين شبه مستحيل، وكل المعطيات كانت بترجح كفة قريش بقيادة “عمرو بن هشام أبى جهل” ضد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
أنت بتتكلم على 300 وشوية من المسلمين أمام حوالي ألف رجل من قريش، لكن يشاء الله سبحانه وتعالى أن ينصر نبيه وأصحابه، وكان للغزوة دور كبير في رفع راية الإسلام وإعلاء شأنه.
وفي نفس اليوم من الشهر الكريم عام 223 هجريًا / 838 ميلاديًا، حقق المسلمين النصر على الدولة البيزنطية في “معركة عمورية” بقيادة الخليفة المعتصم العباسي، وكان الخليفة العباسي خد قرار الحرب استجابة لنداء إحدى النساء المسلمات وصرختها الشهيرة “وامعتصماه”، وبعد حصاره “عمورية” نجح في اسقاطها ودخلها المسلمين في الـ 17 من رمضان.

قناة السويس

في 21 رمضان عام 1275 هجريًا / 1859 ميلاديًا، بدأت أعمال الحفر في قناة السويس، الحفر استمر 10 سنين تقريبًا وشارك فيه مئات الألاف من الفلاحين المصريين اللي ضحوا بحياتهم حرفيًا لبناء القناة.
وقبل افتتاحها عام 1869، كان فيه أكتر من 100 ألف مصري توفي أثناء الحفر.

أول مسجد في مصر والقارة الأفريقية

في عام 20 هجريًا والموافق 641 ميلاديًا وتحديدًا في 24 رمضان، بدأ المسلمون بقيادة “عمرو بن العاص” رضى الله عنه في بناء أول مسجد في مصر والقارة الأفريقية وهو مسجد “عمرو بن العاص”، وفيه ناس بترجح أن مسجد سادات قريش الموجود في الشرقية اتبنى قبل مسجد عمرو بن العاص، إلا أن المشهور من كلام المؤرخين أن مسجد عمرو بن العاص هو الأول.
وفي نفس اليوم من الشهر الكريم عام 1393 هجريًا والموافق 21 اكتوبر 1973 ميلاديًا، أعلنت الدول العربية وقف تصدير البترول نهائيًا للولايات المتحدة الأمريكية وهولندا تضامنًا مع مصر وسوريا في معركتهم ضد الكيان الصهيوني.

معركة عين جالوت

في 25 رمضان عام 658 هجريًا / 1260 ميلاديًا، نجح المماليك بقيادة “سيف الدين قطز” في وقف الزحف المدوي للمغول بمعركة عين جالوت، وده بعد ما نجح المغول في سيطرتهم على أجزاء من الأراضي الإسلامية وصولًا لبغداد عاصمة الدولة العباسية وقتها ومن بعدها الشام، وكانوا في طريقهم للسيطرة على شمال إفريقيا بالكامل.
لكن بفضل الله وبسالة المماليك في معركة عين جالوت، نجحوا في كتابة أولى الخسائر الكبرى للمغول بل وبداية إنكسار الإمبراطورية المغولية بالكامل.

نزول الوحي

لعل أعظم حدث في شهر رمضان الكريم وفي أي شهر ويوم على مدار التاريخ، هو نزول الوحي والقرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبدء الدعوة الإسلامية.
الوحي نزل على النبي في ليلة القدر بـ شهر رمضان الكريم بالسنة الأولى من البعثة عام 610 ميلاديًا.
كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل تكليفه بالرسالة بـ 3 سنين، معتاد يعتزل لحاله في غار حراء طول شهر رمضان ويتدبر في خلق السموات والأرض.
وفي السنة التالتة من عزلته صلى الله عليه وسلم، نزل عليه جبريل بأمر من الله سبحانه وتعالى، وكان أول ما نزل من القرآن الكريم هي الآيات الكريمة:
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾ ﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ ﴿عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾.
عشان تكون أعظم لحظة في تاريخ البشرية وطوق نجاة ومخرج للناس من الظلمات للنور، وتبدأ رحلة النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة للإسلام وإعلاء رايته.