الكون كبير جدًا، الكون المُدرك اللي أحنا نعرفه بيحتوي على مئات الملايين من المجرات، فعلى أقل التقديرات الكون المرئي بيحتوي على 200 مليون مجرة، وكل مجرة فيهم بتحتوي لوحدها على مئات ملايين النجوم، والنجم الواحد بيدور حوالينه عدة كواكب، والسؤال اللي بيطرح نفسه هنا هل إحنا في الكون دا كله لوحدنا؟
في الحقيقة إجابة السؤال دا لسة مش معروفة لحد دلوقتي، بس كل اللي نِقدَر نقوله إن البشر حاولوا كتير جدًا علشان يعرفوا إجابة السؤال دا، والمحاولات فيه منها الغريب ومنها الطريف، ومنها المخيف في نفس الوقت.
المُحاولات الأولى للعثور على فضائيين
الأنسان مخلوق فضولي مبيعرفش يتوقف عن طرح الأسئلة، وحجم الكون الشاسع وإهتمام القدماء بعلم الفلك، كانوا أحد الأسباب الرئيسية اللي دفعت البشر، للبحث عن كائنات حية علي كواكب تانية غير الأرض.
وعلى عكس المتوقع محاولات البحث عن الكائنات الفضائية بدأت من زمان أوي من أكتر من 2000 سنة، وبيُعتقد إن أول ناس إتناقشوا في موضوع وجود حياة علي كواكب تانية غير الأرض، كانوا اليونانيين القدماء.
بس طبعًا النقاشات عن إمكانية وجود فضائيين في الوقت دا كانت بعيدة عن الواقع بشكل كبير، وكانت أقرب للحكايات والقصص منها للطرق العلمية؛ ودا لإن الأدوات والعلم اللي وصله البشر في الوقت دا، مكنش كافي أبدًا لإنهم يعرفوا إيه اللي موجود على الكواكب اللي حاوالين الأرض.
وفيه عدد لا بأس به من العلماء القدامى كانوا بيعتقدوا في وجود الفضائيين زي “جاليليو جاليليGalileo Galilei” و”كبلرKepler، وأول المحاولات دي كانت في أوائل القرن التاسع عشر، وكان صاحبها هوعالم الرياضيات الألماني “كارل فريدريش غاوسCarl Friedrich Gauss”.
فكر “غاوس Gauss” في بداية الأمر في المكان اللي هيوَجِه رسالته له، ووجد إن القمر هو أقرب جرم سماوي لينا، وكانت الخطوة اللي بعد تحديد المكان هي التفكير في محتوى الرسالة نفسها، لازم محتوي الرسالة دي يكون واضح لسكان القمر المُحتملين، ولازم كمان يكون بسيط ويسهل تفسيره، وكانت نتيجة تفكير “غاوس Gauss” هي إرسال رسائل بصرية للفضائيين.
في البداية قرر غاوس إنه يستخدم آلة “الهيليوتروب heliotrope” ودي كانت آلة إخترعها غاوس في الأساس؛ علشان يستخدمها في عمليات مسح الأراضي، وكانت عبارة عن أداة مُثبت عليها مجموعة من المرايا بطريقة معينة، ووظيفة المرايا دي هي عكس أشعة الشمس بقوة بحيث يشوفها الناس من على بُعد أميال، فكرة غاوس كانت إنه يوجه الهيليوتروب heliotropeمباشرة ناحية القمر في محاولة منه للَفت أنظار الفضائيين.
وبعد كدا جَت لـ “غاوس Gauss” فكرة، والفكرة دي كانت عبارة عن رسم أشكال هندسية عملاقة علشان يشوفها أهل القمر؛ ببساطة لإن الأشكال الهندسية زي المربعات والمثلثات من المستحيل يكونوا موجودين عن طريق الصدفة، وبالفعل بدأ غاوس في تنفيذ فكرته، وقطع أجزاء كبيرة من أشجار الغابات السيبيرية، وزراعة محصول القمح على شكل مثلثات ومربعات مرتبة بعناية بشكل يكون واضح لسكان القمر.
والجدير بالذكر إن غاوسGauss مكنش الوحيد اللي حاول يتواصل مع الفضائيين بإستخدام الأشكال الهندسية.
خنادق نيران
العالم “جوزيف فون ليترو Joseph von Littrow” في سنة 1840 قرر إنه يستخدم نفس فكرة غاوس بس بطريقة مختلفة شوية، “ليتروLittrow” كان عايز الأشكال الهندسية اللي هيرسمها على الأرض، تكون واضحة بشكل كبير لسكان الكواكب التانية زي المريخ مثلاً، ففكر وقال إن مصدر الضوء في المجموعة الشمسية كلها هو الشمس، والشمس دي عبارة عن كتلة من النيران؛ قرر ليترو إنه يحفر خنادق على هيئة أشكال هندسية، والخنادق دي هتكون كبيرة بما يكفي علشان سكان الكواكب التانية يشوفوها، فقرر إن عرضها يبقى حوالي 32 كيلو متر، وبعد حفر الخنادق دي هيتم غمرها بالمياه وبعدين هيصبوا عليها الكيروسين، اللي هيطفوا على سطح المياه علشان الكثافة بتاعته أقل، وبعد كدا هيولع في الكيروسين، وبكدا هتظهر الأشكال الهندسية العملاقة دي بشكل أوضح بكتير جداً من الأشكال اللي صنعها غاوس وخصوصاَ في الظلام.
والغريب في محاولات “ليترو Littrow” و”غاوس Gauss”، إنهم بيفترضوا إن الحياة على الكواكب التانية هتكون متطورة زي الحياة على كوكبنا بالظبط، يعني هيكون فيه آلات متقدمة عند الفضائيين علشان يستخدموها في رصد الرسائل دي، مش كدا وبس لأ دول كمان بيفترضوا إن أشكال الحياة علي الكواكب التانية دي، هتكون زي أشكال الحياة على الأرض بمعنى تاني، هم بيفترضوا إن سكان الفضاء هيكون ليهم عينين علشان يشوفوا بيها الرسائل البصرية دي، وعقول متقدمة كمان بحيث يفهموا الإشارة البصرية دي لما يشوفوها.
تليسكوب أريسيبو Arecibo
فضلت الرسائل البصرية هي طريقتنا الوحيدة لمحاولة التواصل مع فضائيين لمده كبيرة، ولكن في عام 1959 وضح أتنين من العُلماء وهما “فليب موريسون Philip Morrison” و”جوزيبي كوكوني Giuseppe Cocconi” إن أجهزة الإرسال أصبحت قوية بما يكفي لإرسال رسائل عبر الفضاء، وبعدها بسنة واحدة بس أنشأ العالم “فرانك دريك Frank Drake”مشروع أوزما Ozma، اللي كان أول مسح لاسلكي للموجات الراديوية القادمة من الفضاء وإستخدم “دريك Drake” في المشروع دا تيليسكوب قُطره 26 متر.
وبعدها في عام 1974 جاء دور تيليسكوب أريسيبو Areciboعلشان يقوم بأول مهمة لإرسال موجات راديو لبقعة معينة من الكون.
في الوقت دا كانت معرفتنا عن المجموعة الشمسية ومجرة درب التبانة والكون بشكل عام تطورت بشكل كبير جداً، وعرفنا إن الكواكب المحيطة بينا مش بتملك المُقومات اللازمة لوجود حياة، والحكاية دي خلتنا نوجه أنظرنا لمجموعات شمسية تانية تكون بتحتوي على كواكب فيها مقومات الحياة.
وعلشان كدا الرسالة اللي أرسلها تيليسكوب أريسيبو Arecibo هتكون موجهه لمجموعة نجمية إسمها مسييه 13 Messier13، المجموعة دي بتقع على حافة مجرتنا درب التبانة، وبتحتوي على مجموعة من النجوم، اللي بيتبع ليها كواكب من الممكن إنها تحتوي على حياة ذكية طبقًا لفرضياتهم، بالفعل قام العالم فرانك دريك والعالم “كارل ساجان Carl Sagan” بإرسال الرسالة، ولما الفضائين يستقبلوا الرسالة ويحولوها إلى رسوم هيظهر قصادهم الشكل دا:
الشكل دا ما هو إلا مجموعة من الرسوم اللي بتحتوي على معلومات عن الجنس البشري وعن الكون وعن المكان اللي تم إرسال الرسالة منه، فمثلا الصف الأول اللي باللون الأبيض هي الأعداد من واحد إلى عشرة، والرسم اللي بالأحمر واضح إنه رسم توضيحي لشكل الإنسان وعلى جانبيه معلومات عن البشر زي طولهم و تعدادهم، أما عن الرسمة اللي باللون الأصفر فهي بتوضح مجموعتنا الشمسية وكوكبنا كوكب الأرض، وأخيرًا الرسمة اللي باللون البنفسجي بتُمثل تليسكوب أريسيبو، كل دا بالإضافة لعدد من المعلومات التانية زي مكونات الـDNA البشري وغيرها.
العُلماء بيعتبروا رسالة أريسيبو هي أول محاولة فعلية وجدية للتواصل مع فضائيين لو كانوا موجودين، لكن طبعًا فيه جانب غريب من المحاولة دي لازم نوضحه، العلماء بيفترضوا إن الفضائيين هيكون عندهم أجهزة لإستقبال الرسالة دي، بتشتغل بنفس التكنولوجيا زي تكنولوجيا الراديو بتاعتنا، ده غير أنهم افترضوا علم الفضائيين دول بنظام التشفير الثنائي، واللي عن طريقه هيقدروا يفكوا الرسالة، والأغرب كمان أن لو الفضائيين دول كانوا موجودين بالفعل وبيمتلكوا الذكاء والقدرة تمكنهم من استقبال الرسالة وفهمها والرد عليها كمان فالرد هيوصلنا أن شاء الله بعد 40.000 سنة ضوئية.
محاولة وكالة ناسا الفضائية
الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء والمعروفة باسم وكالة “ناسا NASA”، في عام 1977 أطلقت المسبار الفضائي “فوياجر 1 voyager 1″، اللي كان هدفه إستكشاف كوكبي المشترى وزُحل والوصول إلى أبعد نقطة ممكن يوصلها ويجمع منها معلومات، بس بالإضافة إلى أجهزة القياس والمُستشعرات والكاميرات اللي على متن المسبار كان فيه رسالة إلى أهل الفضاء، والرسالة دي كانت عبارة عن لوحة معدنية مصنوعة من النحاس، ومطلية بطبقة من الذهب لحمايتها من التآكل.
كانت اللوحة المعدنية دي بتحتوي على وجهين، الوجة الأول فيه رسالة صوتية من أهل الأرض، بتقدر تسمعها بنفس الطريقة اللي بتقدر تسمع بيها أسطوانات الجرامافون القديمة، الرسالة الصوتية دي كانت عبارة عن تحية للفضائيين بأكثر من 55 لغة مختلفة من لغات أهل الأرض، بالإضافة إلى 90 دقيقة من الموسيقى الشعبية المختلفة.
أما عن الجانب الآخر من اللوحة المعدنية، فهو بيحتوي على مجموعة من الرسومات، والرسومات دي فيها معلومات عن النظام الشمسي وعن الكرة الأرضية، ومجموعة من الخطوط المرسومة في كل اتجاه مركزهم دايرة واحدة هما مواقع 14 نجم حوالين الأرض، وبإستخدام مواقع النجوم دي هيقدر الفضائيين يوصلوا للأرض، بالأضافة كمان لدايرتين صغيرين على جنب بيعبروا عن ذرات الهيدروجين، واللوحة المعدنية دي كانت بتحتوي على معلومات تانية كتير محفورة عليها بطريقة التشفير، والمعلومات دي عبارة عن صور فوتوغرافية ورسومات بيانية وغيرها كتير.
وطبعًا المحاولة دي فيها نفس المشكلة اللي كانت في المحاولات اللي قبلها وهي افتراض أن المخلوقات دي متطورة وبتستخدم نفس التكنولوجيا بتاعتنا وعندهم الآليات لفك التشفير وفهم المراد من الرسالة.
وأخيراً سواء كان فيه كائنات فضائية أو لأ، لازم في رحلة بحثنا عن الكائنات دي نستشعر قدرة الله سبحانه تعالى في خلقه، ونعرف إننا مهما وصلنا لعلم والقدرة ديماً هيكون فوق كل ذي علم عليم.