تعتبر سنة 2020 من أصعب السنين اللي مرت على تاريخ البشرية، وعلى الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي الكبير اللي وصلنا ليه، إلا إن اللي حصل في السنة دي أربك حسابات العالم كله، ومفيش دولة مهما كان تقدمها إلا وتأثرت بالجائحة، وعلشان كده وسائل الإعلام المحلية والعالمية، كانت بتهمل كل الأخبار تقريبًا إلا الأخبار اللي ليها علاقة بالمرض في محاولة لتوعية المتابعين بس للأسف ده كان على حساب أخبار تانية مهمة بتحصل في العالم، زي الإكتشافات العلمية، فلو كنت فاكر إن السنة دي عدت من غير أي إنجاز تبقى غلطان.
مياه على سطح القمر
معظمنا بيعتقد أن المياه موجودة على سطح الأرض بس، ويمكن قليل مننا اللي يعرفوا إن فيه مياه في أماكن تانية غير الأرض، وأحد الأماكن دي هي القمر، أول اكتشاف لوجود مياه على سطح القمر قديم نسبيًا، بيرجع لسنة 1969 لما إنتهت رحلة “أبولو Apollo 11” من مهمتها على سطح القمر، وهبطت على الأرض مُحملة بصخور وعينات من التربة القمرية، وبعد تحليل العينات دي من المختصين، اكتشفنا وجود مياه بصورة متجمدة في جزيئات بعض المعادن والصخور، ومن بعدها أطلقت وكالة ناسا عِدة مهمات علشان تدرس الموضوع ده بشكل مُستفيض، وخلاصة الدراسة دي كانت إن المياه دايمًا بتكون موجودة في الأماكن المُظللة اللي مش بيوصلها الشمس.
وكانت نتائج الدراسات دي منطقية إلى حد كبير؛ لأن أي مياه هتكون موجودة على الجانب المُضاءه للقمر أكيد هتتبخر بفعل الحرارة، بس في شهر أكتوبر سنة 2020 حصل اكتشاف قلب نتائج الدراسات دي رأسًا على عقب.
في الشهر ده اكتشفت سفينة “صوفيا SOFIA” التابعة لوكالة “ناسا NASA” الأمريكية، جزيئات من المياه بتركيزات قليلة جدًا، في فوهة “كلافيوس Clavius” اللي بتقع في الجزء الجنوبي من القمر، نسبة الجزيئات دي كانت بتتراوح ما بين 100 إلى 412 في المليون، ولو مش عارف النسبة دي قليلة قد إيه، كفاية إنك تعرف إنها أقل من نسبة المياه الموجودة في تربة الصحراء الكبرى بـ 100 مرة.
وعلى الرغم من إن كمية المياه دي قليلة جداً، إلا إن الاكتشاف كان بالغ الأهمية بالنسبة للبشر، وده لأنه بيغير مفهومنا بالكامل عن شروط وجود المياه في الفضاء، وبدل ما كنا بندور عليها في الأماكن اللي الشمس مبتتضربهاش بصورة مباشرة دلوقتي نقدر ندور على أثار المياه في أي سطح.
أقدم فن تصويري من صنع البشر
الصورة اللي قدامك دلوقتي هي صورة لأقدم فن تصويري على الصخور من صنع الإنسان، الرسمة دي اكتشفها العلماء في كهف بيَقَع في جزيرة “سولاوسي Sulawesi” الإندونيسية، وبيقدر العلماء إنها إترسمت من 44 ألف سنة تقريبًا.
والنوع ده من الفن استخدمه البشر قبل اختراع الكتابة، واستعانوا بيه لتسجيل حياتهم والأحداث اللي بتحصلهم، وكانوا بيستخدموا في الرسم أنواع مختلفة من الصبغات، وبيرسموا الرسومات دي على جدران الكهوف اللي بيعيشوا فيها.
وممكن لأول وهلة ماتبقاش شايف الرسمة عبارة عن إيه، فالرسمة دي عبارة عن غزالة أو حيوان ضخم له قرنين، وبيحاول مجموعة من الناس اصطياده أو تقييده بالحبال، والغريب في الأمر إن حجم الناس دي صغير جدًا بالمقارنة بحجم بالحيوان، ومش ده بس هو الشئ الغريب، دقق كدا النظر في الصيادين هتلاقي حاجة أغرب وأغرب، هتلاقيهم عبارة عن هجين من كائنات نصفها بشري ونصفها الآخر حيواني، ولو إحترت وسألت نفسك إيه هو السبب اللي خلى الناس دي ترسم حيوان في قمة الضخامة بالشكل ده، أو يرسموا مخلوقات هجينة بين البشر والحيوانات، هقولك إنك مش الوحيد اللي سألت الأسئلة دي، لإن العلماء اللي إكتشفوا الرسمة دي قالوا إنهم مشافوش أي شئ مشابه ليها قبل كدا.
وعلشان كدا طلعت نظريات بتحاول تفسر معنى الرسمة دي، ومن أهمها إن العلماء بيعتقدوا إن الشخص اللي رسمها، حاول يبين إن الحيوان ده بيمتلك قوة كبيرة جدًا، فَعَبَر عن قوته دي برسمه بحجم ضخم، أما عن الصيادين فكان رسمهم بالطريقة دي علشان يبان إنهم أقوياء زي الحيوانات.
لبانة تم مضغها قبل 5700 سنة
“لولا Lola” هي فتاة دنماركية عاشت من 5700 سنة، بتمتلك بشرة قمحاوية وعيون زرقاء وشعر أسود، ولو مستغرب إني عرفت كل المعلومات دي، خليني كمان أقولك إن آخر وجبة أكلتها لولا، كانت عبارة عن بط وشوية بندق، ولو عندك فضول تعرف إيه مصدر الكلام ده، هقولك إن مصدره قطعة من اللبان.
علماء الآثار من متحف “لولاند فالستر Lolland-Falster” اللي موجود في “الدنمارك Denmark”، اكتشفوا قطعة صغيرة من خشب البتولا في جزيرة “لولاند Lolland”، وفي الحقيقة في وقت إكتشاف القطعة دي كانت مجرد اكتشاف عادي؛ لأن العلماء كانوا معتادين إنهم يشوفوا العينات دي بكثرة في الجزيرة، لأن السكان القدماء للجزيرة في عام 3700 قبل الميلاد، كانوا معتادين إنهم يستخدموا الخشب زي اللبان.
بس اللي خلى قطعة اللبان دي تحديداً تبقى مميزة و تعرفنا كل المعلومات دي، إن علماء الوراثة قدروا يستخرجوا منها صفة لولا Lola الوراثية بالكامل، والصفة الوراثية دي هي عبارة عن المعلومات اللي بتكون موجودة في جينات الإنسان.
وقدر العلماء من خلال تحليل الصفة الوراثية، إنهم يعرفوا إن اللي مضغ قطعة اللبان دي أنثى، وقدروا يحددوا لون بشرتها وعنيها وشعرها.
ومن الجدير بالذكر إن دي أول مرة يقدر العلماء يستخرجوا الصفة الوراثية الكاملة من حاجة غير العظام والأسنان.
وبالنسبة للمعلومات اللي عرفناها عن آخر وجبة أكلتها، فالعلماء قدروا يحددوها عن طريق الـ DNA اللي قدروا يستخرجوه من اللبانة؛ لأن كان لسه فيه بقايا من الطعام في فمها، وقدرت قطعة الخشب الصغيرة دي أو اللبانة إنها تحتفظ بالـ DNA الخاص ببقايا الطعام.
عقول زجاجية
في سنة 79 ميلادي تسبب ثوران بركان “فيزوف Vesuvius” الإيطالي في كارثة بكل المقاييس، إنفجر البركان وخرجت منه الحمم والرماد البركاني، اللي تسبب في دفن مدن كاملة زي “بومبي Pompeii”، بس الكارثة الإنسانية اللي حصلت دي أدت إلى اكتشاف مذهل في يناير 2020.
كان فيه مجموعة من الباحثين بيفحصوا البقايا البشرية المطمورة تحت رماد البركان، وفي أثناء الفحص عثروا في جمجمة أحد ضحايا البركان على مادة غريبة أشبه بالزُجاج.
وبعد تحليل المادة دي، إكتشف العلماء إن الزجاج ده هو عبارة عن مخ الضحية، وتحول بفعل درجات الحرارة العالية إلى زجاج.
أقدم مادة على الأرض
من 50 سنة فاتت فيه نيزك سقط على الأرض في “أستراليا Australia”، النيزك ده كان بيحمل كنز ثمين جدًا بين جزيئاته، والعلماء إكتشفوا الكنز ده في سنة 2020.
في البداية اخذ العلماء عينة من النيزك علشان يعملوا عليها دراسة، وبعد تحويل العينة دي لمسحوق ودراسة خصائصها إكتشف العلماء اكتشاف أصابهم بالصدمة والذهول.
النيزك ده كان بيحمل عينة قيمة جدًا من الغبار النجمي، واللي خلى عينة الغبار النجمي دي لا تُقدر بثمن هو عمرها.
العلماء قَدَّروا إن عمر العينة دي بيتراوح مابين 5 إلى 7 مليار سنة، والأمر كان غريب؛ لإن عمر شمسنا هو 4.7 مليار سنة، بمعنى إن الغبار النجمي ده أقدم من نظامنا الشمسي كله.
والتفسير اللي وصلوا العلماء من عمر العينة دي بيرجع لإن فيه عدد متناهي في الصغر من النيازك مش بتتصادم مع كواكب أو نيازك تانية قبل وصولها للأرض، والحكاية دي بتخلي النوع ده من النيازك عامل زي الكبسولة الزمنية، أو بمعنى تاني بتكون النيازك محتفظة بالمواد اللي كوَّنتها من مليارات السنين بدون أي تغيير.
والنيزك اللي سقط على أستراليا كان واحد من النيازك دي، وكان محتفظ بالغبار النجمي الخاص بنجم قديم تكون قبل 7 مليار سنة.
همهمة المريخ
على ذِكر غرائب المجموعة الشمسية، فيه مركبة تابعة لوكالة “ناسا NASA” الأمريكية إسمها InSight هبطت على سطح المريخ في عام 2018، كانت المركبة الفضائية دي محملة بأجهزة قياس دقيقة جدًا بتُستخدم في قياس الزلازل، والهدف من إطلاق المركبة دي هو دراسة الظواهر الجيولوجية في المريخ وفَهم علاقتها بالهيكل الداخلي للكوكب.
لكن بعد هبوط InSight على أرض المريخ كانت نتائج القياس مُخيبة للآمال؛ لأن السفينة مسجلتش أي نوع من أنواع الإهتزازات على الإطلاق، بس خيبة الأمل دي تحولت لدهشة في عام 2019، لما تم تسجيل أول زلزال على سطح الكوكب الأحمر في شهر أبريل، وفي مدة قليلة جدًا أصبح عدد الزلازل المُسجلة أكتر من 450 زلزال، والحكاية دي أثارت تساؤلات كتيرة في الوسط العلمي، إزاي مسجلتش السفينة أي اهتزازات في شهورها الأولى على الكوكب وبعدها تسجل أكتر من 450 زلزال في مدة قليلة دي، وفي الوقت اللي العلماء مشغولين فيه بحل لغز الزلازل، تبعت السفينة للأرض قياسات غريبة جدًا.
القياسات دي كانت عبارة عن اهتزازات بنغمة عالية جدًا ومُنتظمة، وكأن الكوكب بيغني أو بيهمهم همهمة بصوت مرتفع، ولما بدأ العلماء في البحث عن تفسير الظاهرة الغريبة دي، اكتشفوا إن الأرض بيحصل فيها ظاهرة مُشابهة، الأرض بتُنتج نوع من الاهتزازات أو الهمهمات المُشابهة لهمهة المريخ؛ وسبب الهمهمة دي هو نشاط الرياح وتصادم الأمواج بالشواطئ، ولكن من الصعب مقارنة الظاهرتين ببعض، وده لإن كوكب المريخ لا يحتوي على مياه، وكمان الهمهمات الصادرة عن المريخ بتوصل شدتها إلى 2.4 هرتز، والشدة دي أعلى من أصوات الإهتزاز الصادرة عن كوكب الأرض بالضعف تقريبًا.