ياترى أول مصنع طوب إتبنى إزاي؟، طيب البيضة هي اللي جت الأول ولا الكتكوت؟، ليه خمسة عدد حروفها أربعة، وأربعة عدد حروفها خمسة؟، طب أول واحد اخترع الساعة، ظبتها على الساعة كام؟، طب محافظة الزقازيق، فيها كام زقزوقة؟، طب ليه اللبَّان بيبيع لبن والجزار مش بيبيع جزر؟، طب أول حلاق مين اللي حلقله؟، الشيبسي اللي بطعم البيتزا، البيتزا اللي فيه بطعم إيه؟، ليه الجاموسة مش بتشرب من اللبن بتاعها؟، ليه كل حاجة حلوة عمرها قصير.
إنت يادوب بليل هتحط دماغك على السرير من هنا، وهتلاقي عشرات الأسئلة اللي من النوعية دي عمالة تنزل على دماغك، والسؤال اللي بيطرح نفسه هنا، هو ليه الأسئلة دي بتجيلنا بليل بنسبة كبيرة، ليه مش الصبح مثلاً أو في أي وقت تاني من اليوم؟، هل ياترى فيه علاقة بين أسئلة الأوفر ثينكينج وبين وقت الليل بالتحديد، ولا الموضوع مجرد صدفة عادية مش أكتر؟
البداية
عدد كبير من الأشخاص بيلاقوا صعوبة في النوم أثناء الليل بسبب التفكير، أول ما بتقعد في سريرك بتبدأ تفكر في المواقف والمشاعر المختلفة اللي حصلتلك أثناء يومك، أو تفكر في أفكار عاوز تنفذها بكرا أو في حياتك كمان 600 سنة، وكمان ممكن تلاقي ذهنك بيطرح عليك عدد من الأسئلة الوجودية، واللي بدوره بيسبب قلق وتوتر عند بعض الناس، وبيخليهم يستيقظوا في اليوم التالي وهما تعبانين ومش واخدين قسط كافي من النوم، والسؤال اللي بيطرح نفسه هنا هو، ليه ده بيحصلنا؟، ليه كائن الأوفر ثينكنج وقت نشاطه وحيويته بيكون منتصف الليل؟.
الأسباب
والحقيقة فيه عدد من التفسيرات بتوضح السبب، وأهمها الهدوء، وهو واحد من ضمن الأسباب اللي بتزيد من التفكير في الليل، هو إن وقت الليل بيُعتبر بيئة مثالية للتفكير الزائد وخصوصًا مع عدم وجود أي مؤثرات تانية أو مُنغصات، وده زي الضوء والدوشة والتلفزيون والموبايل وغيرها من الأشياء المُشتتة. الموضوع عامل بالظبط زي الظاهرة الطريفة الشائعة لما شخص يقول أنا مابعرفش أفكر غير في الحمام، أو أنا الأفكار الجامدة واللي برا الصندوق، ما بتجيليش غير وأنا في الحمام، والحقيقة الموضوع مش على سبيل الفكاهة، ولكن ده شيء وراد جدًا إنه يحصل فعلاً؛ لأن بيئة الحمام بشكل أو بأخر تعتبر بيئة هادية، وأي بيئة هادية عمومًا بتكون دافع للتفكير، وإسترجاع المعلومات.
فـ اللي بيحصل مع الهدوء ده، هو إن عقلك بيبدأ يسترجع كل الأفكار اللي تجاهلتها طول النهار، والمشاكل اللي موجودة أصلاً في حياتك، والحاجة اللي قلقاك بقالك كام يوم، وحتى البنت اللي قالتك كلمة ضايقتك النهاردة وإنتي رديتي عليها بس كان فيه رد تاني أحسن كان ممكن تقوليه لها، كل دي أشياء عقلك بيتحفز إنه يعرضهالك في وقت الليل بالذات دونًا عن غيره، نظرًا للهدوء، والموضوع بيزيد خصوصًا لو إنت أصلاً مش عايز تنام وداخل تنام عشان المفروض تنام؛ لأن مثلاً عندك شغل بكرا أو عندك مقابلة مهمة، وخلافه، ففي الحالة دي الأفكار بتبقى جاتلها فرصتها ومش هتسيبك إلا لما تقلق منامك، ومهما حاولت في الوقت ده، إنك مثلاً تطفي كل الأنوار وتشغل حاجة هادية جانبك أو تتغطى وتدفي نفسك قدر المستطاع أو حتى إنك تجيب ورقة وقلم جانبك وتكتب، للأسف بيكون الوقت فات وعقلك خد قراره، وإنت مش هتنام يعني مش هتنام.
أيضًا في أحد التفسيرات الغريبة متعلقة بظاهرة إسمها (التعرف على الأنماط)، والموضوع بإختصار هو أن الدماغ في حالة الراحة، بيكون مُسترخي لدرجة كفاية، بتخليه يقدر يصنع مسارات عصبية جديدة، واللي بتكون مسئولة عن ربط الأفكار ببعضها، واللي بدوره بيخلي اللحظة دي هي اللحظة اللي بيظهر فيها الحلول الإبداعية للمشاكل، وكذلك التركيز في تفاصيل مكناش واخدين بالنا منها قبل كده؛ بالإضافة لإن وقت النوم أصلاً هو الوقت اللي العقل بيفضي فيه كل المعلومات اللي موجودة جواه واللي إكتسبها خلال اليوم، وخلال الأيام اللي فاتت، وبينسقها ويرتبها مع بعض.
وبالتالي لما بنفكر في وقت الإسترخاء أو في وقت الليل، إحنا كده ما بنعالجش البيانات بالطرق المعتادة، ولكن معانا كذا أوبشن زيادة زي تكوُّن المسارات العصبية الجديدة في الوقت ده، والربط بين البيانات وبعضها، في وقت الليل خلايا الدماغ اللي مكنتش مُتصلة قبل كده، بتكون قادرة إنها تتصل، واللي بدوره بيسمح بالمزيد من التفكير الإبداعي.
وردًا على النقطة دي، فـ أحد أساتذة علم الأعصاب والعلوم الإدراكية في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، كان بيقول إننا أصلاً لا ندرك غير جزء ضئيل من أفكارنا، الغالبية العظمى من أفكارنا بتدخل عقلنا الاواعي، والأفكار دي بتنبثق من الوعي أحيانًا قبل وقت النوم، في وقت تفريغ الشريط.
الأفكار العشوائية اللي بتراودك على مدار اليوم هي أفكار غير متصلة لحد اللحظة اللي هتسيب فيها عقلك إنه يتجول بحرية في منطقة اللاوعي، واللي بيسموها لحظة الملل أو الشرود الذهني، ممكن يكون فيه فكرة بتغلي في رأسك لفترة طويلة، لكنك مش شايفها، ومع حلول لحظة مناسبة زي وقت الليل، بتبدأ الفكرة تظهر للنور؛ وعشان كده طبيعي جدًا لما تيجي تحط رأسك على المخدة، هوووب، تلاقي قنبلة أفكار بتمسي عليك.
إزاي نوقف التفكير الزائد في نص الليل؟
طيب لو أنا واحد عاوز أبطل تفكير بليل، هل في وسيلة لكده؟، هل ممكن أقضي على الأوفر ثينكينج عشان أعرف أنام؟، ولا التفكير اللي من النوع ده مابينتهيش؟
الحقيقة الموضوع بسيط وفيه عدد من الحلول، لكن في البداية خلينا ننوه إن تصرفات زي إنك تسمع راديو مثلاً أو تتفرج على أي حاجة في موبيلك وبعدين تنام، أو تحط دفتر جنب سريرك وتدون فيه الملاحظات اللي بتيجي في بالك، كل دي غالبًا نصايح غير مجدية، وبتعمل نتايج عكسية بدون ما تشعر وبدل ما السرير يبقى مكان نوم وتفصل فيه عن العالم كله، هيتحول لغرفة معيشة، طيب إيه الحلول بقى اللي ممكن نعملها عشان عقلنا يقتنع فعلاً إن السرير مكان للنوم مش لتحضير الدكتوراه.
في البداية ماتروحش للسرير وإنت أصلاً لسه شارب قهوة أو أي حاجة فيها كافيين وتقولي عاوز أنام؛ لأن إنت كده مش هتنام.
وكذلك برده ما تبقاش لسه واكل أكلة دسمة ومتقل في العشا وتروح تنام؛ لأنك برده كده مش هتنام، ولكن تروح بمعدة خفيفة وتكون مُتجنب الكافيين قبل النوم بفترة مُناسبة.
بعد كده هتحدد الميعاد اللي المفروض تنام فيه، وتروح للسرير قبل الميعاد ده بحوالي ساعة؛ وده ببساطة عشان لو هتاخد وقت في التفكير يبقى قبل ميعاد نومك، وبالتالي نومك ما يتأثرش، يعني لو متعود تنام الساعة 12 روح السرير 11، وبالتالي معاك وقت لحد ما الساعة تيجي 12 وتبدأ في النعاس والإستغراق تدريجيًا في النوم، وفي الساعة دي ممكن تفكر عادي بقى في أي حاجة شاغلاك، الأجازة اللي نفسك فيها، المكان اللي بتحلم تسافر ليه، الخطاب الجماهيري العظيم اللي هتلقيه قدام الجمهور العظيم، عشان الجائزة العظيمة اللي إنت هتستلمها في المستقبل لأنك شخص عظيم وجامد، وهكذا، حققت أحلامك خلاص؟، إتفضل نام بقى.
عادات جديدة
لسه مش عارف تنام، صح؟، لحسن حظك مازال معانا بعض الحلول، ومن أفضل طرق التغلب على صعوبة النوم هي وجود طقوس تقوم بممارستها قبل النوم مباشرةً، زي الحاجات اللي بنعملها مع الأطفال بالظبط، يعني على سبيل المثال، ممكن تعود نفسك إنك تاخد حمام دافي قبل النوم، أو تقرأ حاجة وإنت قاعد على السرير وتفضي فيها أفكارك، رواية من روايات الألف صفحة دي، حاجات زي دي لو واظبت عليها، هتلاقي دماغك تلقائي بيرسل إشارات للجسم عشان يستعد للإستغراق في النوم بمجرد ما تمارس أي عادة منهم.
ده غير إن التنفس العميق بيلهي الدماغ عن التفكير وبيساعد في الشعور بالهدوء النفسي والإسترخاء، والتنفس العميق ده بيكون من البطن مش من الصدر، ونصيحة أخيرة، أحيانًا بيبقى الإستيقاظ من النوم لبضعة دقائق، والرجوع مرة تانية هو الحل المناسب لوقف التفكير تمامًا، يعني لو بتحاول تنام وعقلك عمال يفكر، وإنت عمال تحاول معاه ومش عارف توقفه بأي طريقة، فـ يُستحسن في الموقف ده إنك تتوقف عن المحاولة، وتقوم فورًا من مكانك، ولما تقعد على السرير ممكن تعمل أي نشاط خفيف، ممكن مثلاً تقوم تجيب مياه وتشرب، وبعدين ترجع لسريرك مرة تانية، وهتلاقي النوم في الحالة دي سهل، والطريقة دي بتنفع مع ناس كتير.
عملت كل ده ومانمتش، وعقلك عمال برده يطرح عليك أسئلة ويسألك في حاجات كونية، تمام، إبدأ بقى كلم نفسك بصوت عالي، قوله إنت مش مطلوب منك توصل لأي حلول دلوقتي، إنسى كل حاجة وإحنا خلاص خصصنا وقت جديد في يومنا غير ده، نناقش فيه كل مشاكلنا، نام دلوقتي وهنهرب بكرا أنا وأنت وبابا وناهد وكلنا، ولو دي منفعتش ومحدش علق على اللي أنت عملته ده، خليني أقولك أن الأذكار قبل النوم ليها أثر فعال في جلب النوم الهادئ، وصرف الأفكار والخيالات السلبية.