لما الموضوع يتعلق بالحشرات، هتلاقي فيه نوعين من الناس، نوع لو شاف بس حشرة قريبة منه يجيله حالة خوف وهلع وممكن الموضوع يوصل لصريخ، إلا بقى لو كان صرصار بيطير مثلاً، ساعتها الموضوع بيتحول لفيلم رعب، ونوع تاني قلبه جامد وشبشبه جاهز على طول للضربة التمام في أي وقت، بس الكلام ده بالنسبة لحشرات النهاردة، لكن في عصر الحشرات العملاقة لا كان ينفع قلب جامد ولا شبشب ولا حتى شومة، حشرات.. نحمد ربنا إنها انقرضت.
أرثوبلُرا Arthropleura
بالرغم من تسميتها بالديدان الألفية أو ألفية الأرجل، وبالرغم من وجود ألاف الأنواع منها، إلا ان مافيش ولا نوع عنده ألف رجل بحق وحقيقي، باستثناء نوع واحد بس اكتشفوه في غرب أستراليا عام 2020، النوع ده مش بس لقوا عنده ألف رجل، لأ دوول فوق الـ 1300 رجل، وقاموا مسمينه “ألفية الأرجل الحقيقية”.
النوعية ده من الديدان في العموم من شعبة مفصليات الأرجل، وأغلب أنواعها بيعيشوا على فتات من أوراق النباتات المتحللة وغيرها من المواد النباتية الميتة، ومنهم اللي بيتغذى على فطريات أو على سوائل النباتات، وقلة قليلة بتتغذى على الحشرات الصغيرة، وعلى الرغم ان مافيش أذى منهم على الإنسان أو خوف منهم في العموم باستثناء وجودهم كـ آفه منزلية أو آفه حدائق، إلا أن وجودها على جسم إنسان كفيل بإصابة كتير من الناس بالرعب بالرغم من صغر حجمها، فأكبر أنواع الديدان دِه طولها بيتراوح من 27 سم لـ 38 سم يعني من شبر ونص لشبرين، لكن في عصر الحشرات العملاقة.. قصة تانية خالص.
الـ “أرثوبلُرا Arthropleura” عرضها بس – مش طولها – كان بيوصل لنص متر، أما الطول بقى فكان سهل يعدي الـ 2 متر، عشان تكون أكبر اللافقاريات الأرضية على مر التاريخ، عاشت النوعية المخيفة دِه من مفصليات الأرجل في أمريكا الشمالية من 345 مليون سنة لـ 290 مليون سنة، وبحسب تقديرات العلماء من الحفريات المُكتشفة فالـ “أرثوبلُرا” ماكنتش من الحيوانات المفترسة لكن عاشبة زي معظم أقرانها من ألفيات الأرجل النهاردة، لكن ياترى هل ده ممكن يخليك متعملش حمام ع نفسك لما تشوفها؟
ميجانوروبسيس Meganeuropsis
أكبر حشرة طائرة عرفها الإنسان على مر التاريخ كانت حشرة معروفة باسم الـ “ميجانوروبسيس Meganeuropsis”، ودِه حشرة أشبه في شكلها باليعسوبيات الموجودة النهاردة، بس التشابه ده فيما يخص الشكل فقط، إنما الحجم بقى قصة تانية خالص،
اليعسوبيات الموجودة في عصرنا الحالي بيتراوح طولها في المتوسط ما بين 2.5 سم لـ 10 سم، في حين أن الـ “ميجانوروبسيس” كان طولها بيوصل لـ 47 سم، يعني بتتكلم في حشرة طائرة طولها أقرب لنص متر، ولك أن تتخيل إن المسافة بين جناحاتها بس كان بيوصل لـ 70 سم، في حين أن الحجم الأكبر من اليعسوبيات اللي بتشبهها النهاردة مش بتعدي المسافة بين جناحاتها الـ 13 سم.
واعتادت النوعية دِه من الحشرات على الحياة بالقرب من المسطحات المائية وخصوصًا الجداول والبرك، ومش غريب على حشرة بالحجم ده ومدعمة بأرجل مسننة إن أكلتهم الرئيسية تبقى من الحشرات والبرمائيات والفقاريات الصغيرة.
وطبقاً للحفرية المُكتشفة للحشرة العملاقة – والموجودة النهاردة في متحف علم الحيوان المقارن بجامعة هارفارد – العلماء بيرجحوا إن عمرها على الأرض كان قصير نسبياً، وإن تواجدها اقتصر على الفترة من أواخر العصر الكربوني لأوائل العصر البرمي، يعني بتتكلم في وقت من 317 مليون سنة لـ 247 مليون سنة فاتت، ودِه بحسب كلامهم فترة قصيرة، ووجودها في العصر ده هو السر ورا حجمها العملاق شأنها شأن عدد كبير من الحشرات والنباتات وقتها، فالغلاف الجوي للأرض في المرحلة دِه من الزمن وخصوصًا خلال العصر الكربوني كان بيحتوي على مستويات عالية من الأكسجين تصل لحوالي 35% مقارنةً بـ 21% فقط في عصرنا الحالي، وده اللي ساعد على نمو الحشرة بالشكل الضخم ده عشان تكون هي الحشرة الطائرة الأكبر على مر التاريخ.
دبور الخشب العملاق Giant Horntail Wood Wasp
من 53 مليون سنة في أمريكا الشمالية وتحديدًا في أقصى الشمال الكندي، كان موجود نوع عجيب من دبابير الخشب العملاقة طوله أكتر من 13 ضعف طول دبابير عصرنا الحالي، النوعية دِه من الدبابير لا هي بتلدغ ولا بتلسع، ممكن تشك في الكلام ده لما تشوف الجسم الأشبه باللاسع في نهاية جسمها، بس الحقيقة إن ده مش لاسع ولا حاجة، لكنه عبارة عن أنبوب لوضع البيض، يعني ببساطة كده الحشرة دِه مالهاش أي خطورة على الإنسان، لكن وعلى الجانب الآخر ليها خطورة مُدمرة على الأشجار، فالنوعية دِه من الحشرات غذائها في المقام الأول بيعتمد على الأخشاب.
الحشرة بتضع بيضها في فجوات الأشجار والصغار من خلال إفرازات معينة بيحولوا الأنفاق دِه لحاجة أشبه بأرض زراعية أو حديقة يزرعوا فيها الفطريات اللي بيتغذوا عليها، والفطريات بتطلق سموم نباتية بتأثر على الجهاز المناعي للشجرة وتموتها في النهاية.
عقرب البحر Sea scorpion
عقارب البحر مش هي العقارب السامة الصغيرة الموجودة على الأرض النهاردة، دِه كانت مجموعة من مفصليات الأرجل المائية والمنقرضة من ملايين السنين، ونجح العلماء في الكشف والتعرف على أكتر من 200 نوع منهم وتقسيمهم في 18 عائلة مختلفة، لكن مؤخرًا تم اكتشاف أغرب أنواعها على الإطلاق، حفرية لـ مخالب عملاقة في ألمانيا دلتنا على نوعية من العقارب دِه اُطلق عليها إسم “جيكِلوبترس Jaekelopterus”.
وبحسب تقديرات العلماء عن حجمه فهو بمثابة أكبر فرد معروف بالنسبالنا من شعبة مفصليات الأرجل على مر العصور، وهي الشُعبة اللي بتضم الحشرات والعنكبوتيات والقشريات ومفصليات الأرجل.
بيوصل طول النوع ده من عقارب البحر طبقًا لتقديرات العلماء لـ 2.5 متر كاملين، يعني أطول من أطول بني آدم بالغ، وطول المخلب الواحد عنده بيقترب من النص متر، وعاشت النوعية العجيبة دِه من العقارب المائية في الأنهار والبحيرات في العصر السيلوري من أكتر من 400 مليون سنة، وطبعًا كانت عبارة عن كابوس لكل اللي حواليها؛ بسبب مخالبها المُسننة وقدرتها على سحق وتقطيع أي فريسة تقع بين ايديها، وأما عن سبب انقراضها، فالعلماء بيرجحوا أن الموضوع متعلق بنقص طعامها الرئيسي من الأسماك أو استهدافهم من قبل مفترسين أقوى وأشرس منها.
نمل العمالقة Titan ants
من 50 مليون سنة عاش نوع عجيب من النمل تم تسميته بـنمل العمالقة، وهو إسم في محله تمامًا لما نتكلم عن نملة أقرب في حجمها لطائر الطنان في عصرنا الحالي، عاش النوع ده من النمل في أوروبا وأمريكا الشمالية، ووصل طول النملة الواحدة لأكتر من 5 سم، ولك أن تتخيل إنه بحسب عالم الحفريات “بروس أرشيبولد Bruce Archibald” فوزن النملة الملكة من نمل العمالقة كان ممكن يعادل وزن طائر النمنمة وهو طائر مغرد وزنه بيبدأ من 9 جرام وانت طالع، ولك أن تتخيل إيه اللي ممكن تعمله مجموعة أو مستعمرة كاملة من نمل بالمواصفات دِه في أي حشرة حتى لو كانت أكبر منهم في الحجم.
وبحسب “بروس أرشيبولد Bruce Archibald” أن النوعية دِه من النمل تم العثور على حفرياتها في أوروبا وأمريكا الشمالية بمناطق كانت تعتبر استوائية خلال الجزء الأول من العصر الإيوسيني، وهي حقبة استمرت من 56 مليون سنة لـ 34 مليون سنة فاتت، ومع اعتيادهم على الحياة بأجواء مناخية حارة وتغير الأجواء في أوروبا وقتها، قرروا الهجرة من خلال جسر بري عبر القطب الشمالي في إتجاه أمريكا الشمالية وقت ما كانت القارات قريبة من بعض، وهو نفس اللي عملته عدد كبير من الحيوانات في الحقبة دِه بالهجرة بين القارتين لنفس السبب، وبالرغم إن القطب الشمالي وقتها ماكنش بنفس البرودة المعروف عليها في عصرنا الحالي، وبالرغم من نجاح بعضهم في العبور بالفعل؛ إلا أن الأجواء المناخية كانت أبرد على الغالبية العظمى من قدرتهم على العبور والنجاة بنفسهم وفي النهاية وصل بيهم الحال للانقراض بالكلية.
الروبيان الشاذ Anomalocaris
من قبل ظهور القروش وقبل الأوركا ما تسيطر على عالم البحار كان أشرس صيادين البحار وأغربهم على الإطلاق هو نوع بسيط وعجيب من القشريات معروف بإسم الـ ” أنومالاكاريس Anomalocaris ” أو الروبيان الشاذ، وطبقًا للحفريات المُكتشفة كتير من العلماء بيعتقدوا أن الروبيان الشاذ حَكم العالم البدائي بقبضة من حديد قبل 500 مليون سنة فاتو، والروبيان هو جسمه كان مُجهز عشان يكون أقرب لآلة حربية مالهاش مثيل في المياه، حركته كانت انسيابية بشكل مثير للدهشة مع ذيل مقسوم على شكل مروحة وزعانف جانبية أشبه بالرفارف المرنة على جانبي جسمه، وكأنه كان بيرفرف بجناحات أثناء السباحة، بيطارد فرائسه بـزوج من العيون الضخمة المركبة والبارزة من جانبي رأسه، كل عين بتضم لوحدها أكتر من 16700 عدسة، عشان كدا يكون نظره من الحدة والدقة من الصعب تلاقيها النهاردة غير بين عدد محدود جدًا من مفصليات الأرجل، ويعتقد العلماء أنه كان بيمسك فريسته بزوج من الزوائد الأمامية أشبه بالخراطيم ومسلحين بأشواك مخيفة.
لكن كل المزايا القتالية اللي بيتمتع بيها مامنعتش انقراضه مع 81% من أنواع الحيوانات البحرية اللي اختفت في فترة انقراض العصر البرمي الثلاثى “Permian–Triassic extinction event” قبل 252 مليون سنة في الحدث المعروف بإسم الموت العظيم.