هل ممكن تتخيل إن كم الطاقة الشمسية اللي ممكن نحصل عليها من 6 ساعات فقط في صحاري العالم أكبر من الطاقة الكهربائية اللي ممكن يحتاجها سكان العالم أجمع في سنة كاملة؟، والأهم إنها طاقة نظيفة بعيدًا عن التلوث البيئي، طيب ليه لأ؟ إيه اللي مانع العالم من الاستفادة من الفكرة دِه، وايه النتائج المترتبة على تنفيذها؟
الصحراء الكبرى
دونًا عن صحاري العالم كله، الصحراء الكبرى بأفريقيا حاجة تانية خالص، أنت بتتكلم على صحراء مساحتها أد مساحة الصين تقريبًا يعني بتتكلم في أكتر من 9 مليون كم مربع.. صحرا بتمر بـ10 دول وبتضم 3 مناطق زمنية مختلفة، ناهيك عن أنها أشد الصحاري حرارة على مستوى العالم وأنسب مكان على وجه الأرض للاستفادة من الطاقة الشمسية.
أكبر مزرعة للطاقة الشمسية
بالقرب من بلدة ورزازات بالمغرب، بتقع أكبر مزرعة للطاقة الشمسية المركزة على مستوى العالم ألا وهي مُجمع “نور” للطاقة الشمسية،
المجمع الواقع على أطراف الصحراء الكبرى بدأ بمحطة نور1 اللي وصل إنتاجها من الطاقة لـ 582 ميجا وات، وبيشمل المجمع 3 مراحل تانية بتغطي مساحة 30 كم مربع.. مع ناتج طاقة هيقترب من الـ 1500 ميجا وات، وهي الطاقة الكافية لتلبية ما يصل لـ 38% من إجمالي احتياج المغرب بالكامل من الكهرباء سنويًا، والمشروع الضخم هياخد المغرب لمصاف دول العالم على مستوى الطاقة الشمسية وهيسمح لها تصدر لأوروبا كمان، وكل ده من مُجمع واحد بس على أطراف الصحراء الكبرى في المغرب، أومال لو قلبنا الصحراء بالكامل لمزرعة عملاقة للطاقة الشمسية؟
أضعاف احتياج البشرية
طبقًا للبيانات والأبحاث الخاصة بشركة الطاقة الألمانية Desertec، في حالة تحويل الصحراء الكبرى لمرزعة عملاقة للطاقة الشمسية هتكون كافية لتغطية من 4 لـ 7 أضعاف احتياج العالم أجمع من الطاقة الكهربائية، بس القصة مش سهلة؛ وده لأن مافيش أي بنية تحتية تذكر في قلب الصحراء الكبرى، ومافيش أي وسائل مساعدة لتوصيل المعدات والألواح وغيرها أثناء إنشاء المحطات، وده معناه تكاليف جنونية على أي منظمة أو دولة على مستوى العالم، ولك أن تتخيل إن مجمع نور وصلت تكلفته لـ 2.5 مليار دولار وهو أصلاً على أطراف الصحراء الكبرى، وبفرض تغلبنا على التكاليف وحصل، القصة دِه هتغير من شكل وطبيعة الصحراء للأبد.
الصحراء واحة خضراء
زي ما الأسطح السوداء للألواح الشمسية بتمتص معظم ضوء الشمس اللي بيوصلها إلا إن جزء صغير جدًا بيتم تحويله لطاقة كهربائية “حوالي 15%”، والباقي بيرد مرة تانية لسطح الأرض حواليها وبيرفع من درجة الحرارة، والقصة دِه هتسبب فرق مهول في درجة الحرارة بين الأرض والمحيطات حواليها ومعاها هيحصل انخفاض في ضغط الهواء وارتفاع في الهواء الرطب وتكثيفه وهيزيد معدل سقوط الأمطار الموسمية، ومن هنا هتتحول الصحراء الكبرى لغطاء نباتي عملاق، النظام المناخي الجديد للصحراء هيكون ليه تأثير كارثي في المناخ بكل أرجاء العالم على، عكس ما ممكن تتصور الصحراء الكبرى ليها دور في النظام البيئي لأماكن بعيدة تمامًا عنها زي غابات الأمازون كده، هتقولي وإيه اللي جاب القلعة جنب البحر؟، الأمازون بتعتمد بشكل كبير في تغذيتها وتخصيب تربتها على الغبار المحمول من الصحراء الكبرى عبر المحيط الأطلسي، والنظام الجديد هيساهم كمان في إعادة تنظيم دوران الهواء وحركة المحيطات وده هيأثر على أنماط هطول الأمطار في العالم أجمع، خصوصًا في غابات الأمازون وحوض الكونغو، فنسبة الرطوبة الجاية من المحيط هتقل ومعاها هتحصل حالات جفاف في منطقة الأمازون وكل ده هيدمر نظامها البيئي وهيقضي على عدد لا حصر له من النباتات والحيوانات، طيب هل معنى ده إننا نتخلى عن فكرة الاستفادة من الصحراء الكبرى في الطاقة الشمسية؟، الحقيقة هو العكس تمامًا كل ما في الأمر إننا في غنى عن تحويل الصحراء الكبرى بالكامل لمزرعة طاقة شمسية.. ويكفي الاستفادة بمواقع المحطات على أطراف الصحراء، ووقتها هتكون الطاقة الشمسية هي صاحبة النصيب الأكبر لتزويد العالم بالطاقة الكهربائية.