واحدة من التجارب اللطيفة جدًا إنك تبقى ماشي في مكان عتيق ومعاك مرشد سياحي وهو بيحكي عن الآثار وعمرها وطريقة بنائها، وقتها ممكن تبقى ماشي وسط الآثار وكأنك كنت عايش مع الأجداد في يوم من الأيام، وبالتأكيد إن اللي بيساعد المرشدين وهواة التاريخ والآثار هو التقدم الكبير اللي حصل في أساليب التنقيب وعلم الآثار والحفريات، لكن على الرغم من كدا إلا إن برضه مازال موجود حوالين العالم كله كتير من المعالم والآثار الغير معروف أي معلومات بخصوصها، ومازالت بتمثل مجموعة من الألغاز سواء للزوار أو حتى لعلماء الآثار.

قلعة المرجان

“قلعة المرجان Coral Castle Florida”، هي مزار سياحي بمدينة Homestead الواقعة في أقصى جنوب ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، والمعلم ده في الأصل كان عبارة عن قلعة خاصة محدودة الحجم، وكان بيتم الدخول إليها بتذكرة رمزية قيمتها 10 سنت فقط لا غير، وكان مؤسس القلعة دائما ما بيقدم خدماته للزوار عن طريق شرح أسباب بناء القلعة وأهميتها بالنسبة له، إنما في نفس الوقت كان بيتجنب ويتجاهل أي سؤال عن الطريقة اللي تم بيها البناء، والكلام ده كله استمر فترة من الوقت، لغاية وفاة مهندس القلعة الوحيد في سنة 1951، أما حاليًا فالقلعة دي اتحولت لمتحف مجاني ومعلم مشهور من معالم المدينة، واللي مخلي المعلم ده لغز أنه تم تشييدها بالاستعانة بـ 1100 حجر مرجاني ضخم، بيوصل البعض من الأحجار دي لأوزان تقترب من الـ 9 أطنان كاملين، وبيتميز بناء القلعة بالحرفية الشديدة؛ فالأحجار تم تثبيتها دون إستخدام الأسمنت أو أي مواد تانية لحفظ تماسكها، وكل اللي بتعتمد عليه الأحجار في الاتزان هو طريقة ترصيصها ووزنها الذاتي، يعني بنفس الطريقة اللي تم بيها تشييد أهرامات الجيزة.

والأحجار دي كانت متينه جدًا لدرجة إن الأحجار صمدت واستمرت في أماكنها، رغم كل العواصف والأعاصير اللي شهدتها المنطقة، بالإضافة لطريقة النحت المبهرة اللي مش بتخلي الضوء ينفذ من الفواصل بين الأحجار على الرغم من عدم وجود المونة، ده غير طبعا أشكال الصخور اللي اتحولت لأشكال من الكواكب والأقمار وغيرهم، وهي الصخور اللي تم إحضارها من موقعها الأصلي اللي بيبعد حوالي 16 كلم.

لكن عمومًا برضه كل اللي قلناه ده عادي وممكن يحصل، إنما هو الحقيقة المفاجأة والغموض اللي خلى القلعة دي من أكتر المعالم إثارة؛ إن اللي بنى القلعة دي هو شخص واحد بس، وهو الشخص اللي اتعرف بإسم “إدوارد ليدسكالنين Edward Leedskalnin”، فاستمر إدوارد في عملية بناء القلعة لمدة 28 سنة كاملين، وخلال المدة دي كلها محدش من أهل البلد لاحظ أو شاف إدوارد مرة واحدة وهو بينقل الأحجار أو بيستعين بأي نوع من الميكنة في عملية البناء، وطبعا مش مفهوم على الإطلاق كيفية إن شخص واحد يقدر يقوم بحمل ورفع ونقل الأوزان دي من الأحجار، وكل اللي قاله إدوارد قبل وفاته إنه اكتشف سر بناء الأهرامات المصرية، وأسس القلعة بتاعته بنفس التقنيات.

جوبيكلي تيبي

بيقع نصب “جوبيكلي تيبي Gobekli Tepe”، في جنوب دولة تركيا الحالية، وبُيقدر العلماء تاريخ إنشائه ما بين 11 إلى 12 ألف سنة فاتوا، وبيشتمل على عدد من الأعمدة اللي بيبلغ إرتفاعها خمس أمتار، أما وزنها فبيوصل كل واحد منها لـ 10 أطنان كاملين، وبيعتقد علماء الآثار إن المكان ده عباره عن أقدم معبد تم إنشاؤه على مر التاريخ، لكن للأسف هو ده الشئ الوحيد اللي بيعتقده العلماء؛ وده ببساطة لأن العلماء وبعد 13 سنة من محاولات الدراسة المستمرة، مقدروش يعرفوا عن المعبد ده أي معلومة، سواء بيرمز لإيه، أو مين اللي إختار مكانه، أو حتى مين الحضارة المفقودة دي اللي كانت موجودة في المكان من 12 ألف سنة، والافتراض الوحيد المتاح في الوقت الحالي إن جماعات بشرية إستقرت في المكان لأسباب مجهولة، وبعدين تم القضاء عليها من جماعات تانيه من الرحالة واتدفن سر البناء مع القضاء على أصحابه، يعنى بإختصار كدا منعرفش أي حاجة.

ستونهنج

تقريبًا نصب “ستونهنج Stonehenge U.K”، الموجود في ويلتشير بانجلترا، هو أشهر المعالم الغامضة على الإطلاق، والنصب ده اللي بيُقدر عمره بـ 5 آلاف سنة على الأقل، مفيش أي حد هتلاقيه بيتكلم عن غموض بعض المعالم إلا وهتلاقيه بيجيب سيرة النصب الإنجليزى ده، وعلى الرغم من عدد الزوار اللي بيترددوا عليه سنويًا، ده بالاضافه طبعًا إنه أحد من مواقع اليونسكو، إلا إنه مش معروف عنه أي حاجة؛ فمبدئيًا المنطقة دي والمملكة المتحدة كلها مش من المناطق اللي قامت عليها أي حضارات قديمة، وثانيًا، ف ستونهنج مش معروف أصلاً هو عبارة عن إيه، فالشكل اللي بيظهر بيه مش بيدل على أي شئ مفهوم؛ وعشان كده فالبعض بيعتبره إنه كان مكان للعباده، والبعض التاني بيعتبره مقبرة، والبعض التالت بيقول إنه كان مكان للإقامة يعني زي بيت أو قلعة مثلاً، لكن في النهاية وبصرف النظر عن تحديد غرض البناء ده، فبرضه التساؤل الأكبر اللي بيحوم حواليه ياترى مين اللي بنى المعلم ده من آلاف السنين، ومين هي الجماعات المتقدمة دي اللي قدرت تصمم بناء زى ده ورفعت كتل بالاوزان دي في الفترة دي من الزمن.

مخطوطات البحر الميت

“مخطوطات البحر الميت The Copper Scroll treasure”، هي مجموعة كبيرة من مئات المخطوطات الأثرية، واللي تم العثور عليها على مدار عشر سنين كاملين ما بين الأربعينات والخمسينات، ففي البداية كان العثور على أول المخطوطات بالصدفة عن طريق البدو، لكن في السنين اللي بعدها، بدأ العلماء عمليات البحث والتنقيب، واللي أسفرت عن العثور على مئات المخطوطات، لكن عمومًا فالمخطوطة اللي تهمنا النهاردة، واللي بتعتبر من الكشوفات الأثرية الغامضة، هي مخطوطه من النحاس تم العثور عليها في سنة 1952.
والمخطوطة دي كانت بتوصف كنز خباه الأهالي، ومن المعروف إن المنطقة دي كانت تحت حكم الرومان، واللي كانوا بينهبوا الثروات اللي بيلاقوها، وعلى حسب الجزء اللي قدر العلماء يفهموه من المخطوطة؛ فالكنز عبارة عن كميات مهولة من الذهب والفضة والعملات المعدنية، لكن المشاكل اللي قابلت العلماء، كانت في استخدام أسلوب كتابة في المخطوطة أشبه بالشفرة، بالإضافة إلى إن أساليب ومفردات اللغة مش من المفردات الدارجة في اللغة العبرية، بالإضافة طبعًا لتهالك بعض الأجزاء من المخطوطة.
وأخيرًا بقى وهو ده الأهم، فالمخطوطة بتوصف أماكن معدش ليها وجود في عصرنا الحالي، فعلى حسب ما بيعتقد العلماء، المنطقة كانت متقسمة ومعروف إسم كل جزء فيها، وده اللي تم استنتاجه من بعض العبارات اللي أمكن فهمها، زي مثلاً عبارة “في الحضيض الموجود في قاع الخزان”، أو برضه العبارة اللي بتقول “في الضميمة الثانية في الممر تحت الأرض شرقا”، والخلاصة يعنى إن الكشف الأثري ده مش معروف عنه أي حاجة، مش معروف من الأساس إذا كان حقيقي ولا مزيف، وبفرض إنه حقيقي، مش معروف برضه إذا كانت مهمة المخطوطة دي إنتهت، ولا لسه محدش فتحها من يوم ما إتعملت، يعني من الوارد جدًا إنها تكون مخطوطة حقيقية وبتدل على كنز، لكنها أدت مهمتها والكنز تم استخراجه فيما بعد، فالمخطوطة كلها على بعضها مازالت لغز من الألغاز، وهي واحدة من الكشوفات الأثرية اللي لسه متحلش غموضها.

سهل الجرار

جمهورية لاوس هي دولة صغيرة من دول آسيا، أراضيها أغلبها جبال، لكن فيها سهل معروف فيها بـ”سهل الجرار Plain of Jars”، بيتميز بالشهرة العالمية خصوصًا عند المهتمين بسياحة ودراسة الآثار، فالسهل ده موجود فيه ما لا يقل عن 300 جره مجهولة المصدر والغرض، فلا حد عارف مين اللي عملها، ولا عملها ليه، ولا ليه إختار المكان ده تحديدًا، وكل المعروف إن الجرار دي بيوصل عمرها لحوالي 3 آلاف سنة فاتوا، وطبعًا الجرار والمنطقة دي كلها كانت أرض خصبة لكتير من الافتراضات والقصص الشعبية والعلمية.
فمن ناحية القصص الشعبية، بيقال إن الجرار دي اللي صنعها عرق من العمالقة؛ عشان يشربوا فيها النبيذ بتاعهم، والبعض بيقول إنها كانت لجماعات عسكرية عادية والملك بتاعهم هو اللي عمل الجرار لشرب نخب الإنتصار بعد الفوز في المعارك، أما البعض الثالث فبيقول إن الجرار كانت بتستخدم في تخزين المياه خلال موسم الجفاف.

أما من ناحية الافتراضات العلمية، فأقوى الإفتراضات دي على الإطلاق، هو الإفتراض اللي قدمته عالمة الآثار الفرنسية “مادلين كولانى Madeline Colani”سنة 1935، واللي بتعتقد إن الجرار دي كانت عبارة عن مقابر للمجموعات اللي عاشت في المنطقة؛ وبتدلل كولانى على افتراضها ده عن طريق روايتها عن العثور على آثار بشرية في البعض من الجرار، وبتقول إنه كمان الدليل على افتراض فكرة المقابر دي، إنه من بين الـ 300 جره، موجود جره واحدة بغطاء حجري ثقيل؛ وده اللي يثبت إن كل الجرار في الماضي كان ليها نفس الغطاء، ودي بتعتبر في وجهة نظرها إشارة على قبر وله غطاء وساتر للجثث، لكن برضه الرواية اللي نشرتها كولانى دي ملقتش إعتراف أو تسليم من معظم علماء الآثار، وحجتهم في رد الفرضية بتاعتها إنهم ملقوش في أي واحدة من الجرار التانية أثار بني آدمين؛ لأنه لو كانت الجرار عبارة عن مقابر فكان لازم يتم العثور على الآثار البشرية في معظم الجرار إن لم يكن كلهم، ده بالإضافة بقى إنه حتى وبفرض صحة رواية كولانى فده ميمنعش إن الآثار البشرية دي اللي لقيتها كانت عباره عن جريمة قتل حد إرتكبها، وخبى آثارها في واحدة ولا اتنين من الجرار، فمش من الضروري يعنى إن الجماعات اللي صممت الجرار تبقى هي نفسها اللي قامت بعمليات الدفن، وعمومًا فالجدل والغموض مستمرين حوالين المعلم الأثري ده لغاية النهارده.