الـ”trojan horse أوحصان طرواده”، هو واحد من أشهر البرامج الضاره لأجهزة الكمبيوتر؛ وسبب تسمية النوعية دي من الفيروسات بحصان طرواده بيرجع لمدينة طرواده التاريخية، وهي المدينة اللي اتعرضت للخديعة من الإسبرطيين اللي قدموا ليها عرض سلام مشتمل على هدايا قيمة، منهم هديه على شكل حصان خشبي عملاق، وهو الحصان اللي تبين فيما بعد إنه مليان بجنود اسبرطه جواه.
وبصرف النظر بقى إنه الراجح عند المؤرخين إن قصة حصان طرواده دي مجرد أسطورة؛ إلاأان جملة حصان طرواده نفسها استمرت وعاشت وتم استخدامها بشكل كبير، ولو كانت الحيلة العسكرية أسطورة ففيه أخبث وأذكى منها كانوا في الحقيقة.

السفينة الجزيرة

الصورة اللي حضرتك شايفها دي دلوقتي، هي صورة السفينة الهولندية “ابراهام كراينسين Abraham Crijnssen”، والحقيقة لو كان فيه صعوبة إنك تميز السفينة من الصورة اللي ادامك، فلك بقى أن تتصور صعوبة تميزها لو كنت على ارتفاع عالي وبتتحرك بطيارة حربية وبشكل سريع، ودي كانت الحيلة اللي لجأ ليها طاقم السفينة المكون من 45 بحار.
وبتبدأ قصة السفينة دي اللي بيبلغ طولها حوالى 65 متر في يوم 27 فبراير سنة 1942 خلال الحرب العالمية التانية، وهو اليوم اللي اتعرضت فيه مجموعة من سفن الحلفاء لكمين من البحرية اليابانية أدى لخسائر فادحة، وبعد المعركة البحرية قامت الطيارات اليابانية مع آخر ضوء بقصف نيراني دمر اللي تبقى من سفن الحلفاء، ومع دخول الليل وتوقف القصف، قامت البحرية اليابانية بحصار المنطقة لمعاودة الهجوم في اليوم التاني، وكانت السفينة ابراهام كراينسن واحدة من أربع سفن نجوا من القصف الأول، لكنهم وقعوا تحت الحصار وكان بيفرق بين السفن الأربعة دي وبين الموت ساعات الليل المعدودة، وكان لازم التفكير بسرعة للهروب من المأزق، لكن اللي اتضح فيما بعد إن الفكرة الوحيدة اللي كانت عملية وتسببت في نجاة طاقمها، كانت فكرة “الادميرال بيتر كونراد Pieter Koenraad”، قائد السفينة ابراهام كراينسين.

فمن خلال خبرة الكابتن عرف إنه فيه مكان بيحاط تقريبا بـ 18 ألف جزيرة، وهي الجزر اللي فيه تباين كبير في مساحتها من جزر كبيرة لجزر صغيرة بتقاس بالأمتار المربعة، وبحيلة ذكية من الكابتن بدأ اغلب أفراد الطاقم الـ 45 يتحركوا في القوارب الصغيرة أو حتى سباحة للجزر القريبة؛ وكان هدفهم هو جمع كل اللي يقدروا عليه من أجزاء الأشجار والأوراق واللحاء، أما الجزء الصغير المتبقي من الطاقم وعلى رأسهم الكابتن نفسه، فبدأوا في طلاء كل أجزاء السفينه المكشوفة بدرجات اللون الأخضر والبني لمحاكاة البيئة والتكوينات الصخرية اللي حواليهم.

وبمجرد الإنتهاء من العمل الشاق خلال ساعات الليل، اتحركت السفينة عشان تستقر جنب أقرب جزيره حقيقية ليها، وطول ساعات النهار فضلت السفينة ساكنه تمامًا؛ عشان تموه على حركة الطيران اللي قدر بالفعل إنه يصطاد الـ 3 سفن الباقيين اللي مقدروش يبتكروا حلول مفيدة للنجاة، وبمجرد حلول الظلام مرة تانية، انطلقت السفينة ابراهام كراينسن بهدوء وبإتجاه الشواطئ الإسترالية، وقدرت بالفعل إنها تخرج من منطقة الخطر من غير ما حد يلاحظها.

أشجار المراقبه

من الواضح كده إن الأشجار كانت الشريك المثالي للقوات العسكرية خلال تفكيرهم في الحيل والتمويهات، فكانت الفكرة المرة دي هي الاستفاده بالأشجار وتحويلها لأبراج مراقبه، وهي الحيلة اللي تم استخدامها خلال الحرب العالمية الأولى.
الحرب العالميه الأولى كانت حرب مشهورة بحرب الخنادق، فخلال الحرب دي بَنت القوات المتحاربة التحصينات والخنادق، واستمروا في التراشق شهور وسنين كمان، وكان اللي بيطلع رأسه بس من الخندق كان بيموت على طول، وكانت الحاجة مُلحه لمراقبه الطرق ومعرفة تحركات العدو، فكانت فكرة أشجار المراقبه هي الفكرة الوحيدة اللي قدرت إنها تقدم الدعم في عملية الاستطلاع؛ وعشان تقدر تستوعب براعة حيلة أشجار المراقبة دي، فكل اللي عليك إنك تبص على الصوره اللي الجاية

وبعد ما تكون أخدت نظرة من بعيد كده على غابة الأشجار الميتة دي، تقدر إنك تتحرك قدام شويه وتبص على الصوره دي:

حيلة أشجار المراقبة دي كانت من بنات أفكار الجيش الفرنسي، وكان الفنان “لوسيان فيكتور Lucien-Victor”، هو صاحب الفكرة الإبداعية دي في أواخر سنة 1914، أما اشجار المراقبه نفسها فكانت قطع إسطوانية مصنوعه من الخشب والمعدن، يعني مكانتش أشجار حقيقية من الأساس،وكان في التجويف الداخلي سلالم من الحبال وأحيانًا كراسي علوية بيقعد عليها المراقبه.

جيش الاشباح

لما تبص للصورة كده من بعيد، أكيد مش هيلفت نظرك غير إن فيه عربيتين ماشيين ورا، بس الحقيقة بقى هي إن العربية النقل اللي ظاهرة على شمال الصورة دي، هي بس اللي عربية حقيقية، إنما بقى العربية اللي وراها فهي مجرد بالونه، وحتى الطيارة دي بالونه برضه.

وأكيد يعنى مش محتاجني اقولك أن الدبابة دي بالونه ولا حديد.

والموضوع بقى باختصار هو الحيلة الأمريكية اللي تم تنفيذها خلال الحرب العالمية التانية واللي اتعرفت بحيلة جيش الاشباح، ففي خلال الحرب العالمية التانية؛ قرر الجيش الأمريكي في سرية تامة إنشاء وحدة خاصة للخداع التكتيكي إسمها “الوحدة 23″، أما الاسم اللي اشتهرت بيه فكان “جيش الاشباح Ghost Army The”.
وجيش الاشباح ده كان عبارة عن قوة صغيرة مكونه من 82 ضابط و1023 من المجندين، ودول مكانوش من العسكريين المحترفين، إنما كان كلهم من الفنانين والمصممين والمهندسين وفنيين الصوت، وكان الهدف طبعًا من الوحدة دي هو تصميم آليات عسكرية توحي للعدو بكثافة القوات وشراستها، وده طبعًا بهدف إنزال الرعب في قلب العدو من حجم القوات الضخم، أوعلى أضعف الإيمان تشتيت تركيز العدو مابين الآليات الحقيقية والمعدات المطاطية، وقدر جيش الاشباح إنه يقوم بمهمات ناجحة كتيرة خلال آخر سنتين من الحرب، لكن طبعًا كانت أكبر مساهماته خلال عملية الإنزال الضخمة المعروفة “بحملة نورماندي”، فكان جيش الاشباح بياخد انتباه الألمان في اتجاه مع بعض الآليات المطاطية المزودة بمعدات صوتية وقنابل ضوئية وكل أجهزة الخداع، وفي نفس الوقت تقوم القوات الرئيسية بالهجوم على محور تاني، وطبعًا ده كان الأمر اللي بيربك القيادة الألمانية واللي كانت بتعاني أصلًا من ضعف الإمدادات والمعدات.

النقيب الألماني فريتز

النقيب الألماني “فريتز كلينجينبرج Fritz Klingenberg”، اشتهر بين جنوده بلقب الساحر؛ وده لقدرته الفريدة على التسلل وعمليات الإغاره ونصب الكمائن، وعلى الرغم كمان من صغر سنه البالغ 26 سنة، إلا إن الجيش الألماني اداله قيادة وحدة استطلاع بالدراجات النارية؛ بهدف جمع المعلومات الاستخبارية خلال الحملة على “بلجراد Belgrade” عاصمة يوجوسلافيا سنة 1941، وكانت القيادة الألمانية بتهدف إنها تحتل بلجراد باعتبارها الهدف الأهم للتأثيرعلى الجيش اليوغوسلافي واجباره على الاستسلام.
واستمرت القوات الألمانية في قصف بلجراد لمدة أسبوعين متواصلين بالطيارات والمدفعية والراجمات، وكان الهدف طبعًا هو التمهيد؛ لإنطلاق القوات المترجلة واللي كان مخطط ليهم إنهم يكونوا 5 فرق مشاه كاملين، وبعد التمهيد النيراني العنيف تم تكليف فرقة كلينجبرج بالقيام بجولة استطلاعية قبل انطلاق الوحدات المدرعة، فاختار كلينجينبرج 6 من أفراد قوته وعبر بيهم نهر الدانوب للوصول للضفة التانية على مشارف العاصمة بلجراد.
وكانت المنطقة دي تحديدًا بتشتمل على سجن تم قصفه، وطبعًا كان السجن في حالة تدمير باعتبار إنه كان من الأهداف الأولى اللي تلقت القصف، لكنه برضه كان بيحتوي على عدد من السجناء الجرحى، واللي بيقوم على تأمينهم 20 جندي يوغوسلافي، واللي طبعًا كانوا في حالة يرثى لها بسبب انقطاع الطرق بيهم ونقص الإمدادات، واللي تبين طبعًا إن الجنود كانوا منتظرين الدعم عشان يتم نقلهم مع دفعة المساجين الأخيره لمكان آمن، وبقرار جرئ من كلينجينبرج أمر جنوده الـ 6 بمفاجأة الـ 20 جندي يوغوسلافي ويسيطروا عليهم.

وكمان عثر كلينجينبرج وجنوده على شاحنتين وعربية جيب كانوا صالحين للاستعمال، وبطبيعة كلينجينبرج المجنونة أمر 5 من جنوده بتوزيع المساجين الجرحى والجنود العشرين على الشاحنتين، أما هو والجندي المتبقي ومعاهم أسير واحد ركبوا العربية الجيب، وقرر كلينجينبرج استخدامه كمترجم، وانطلق كلينجينبرج مع قوته باتجاه مركز العاصمة ومع دخوله للعاصمة بدأ يتجول في المدينه بشجاعة ويسجل كل ملاحظاته، وفضل الحال على كدا لغاية ما اعترضته عربية بتلوح بالعلم الأبيض، وكان في العربيه دي رئيس البلدية اللي كان واحد من المسئولين القليلين اللي تبقوا، وطلب رئيس البلدية التفاوض، وكان تحت قيادة رئيس البلدية مجموعة من القوات العسكرية المتناثرة، اللي وصل عددهم لـ 1300 جندي، ده غير آلاف المدنيين اللي مازالوا منتشرين في المدينة، وعن طريق المترجم قال كلينجينبرج لرئيس البلدية إنه قائد وحدة استطلاع ومهمته إبلاغ القيادة بالأحوال في المدينة، فإما انه يطلب من الجيش الألماني إيقاف القصف أو إنه يقولهم إن المدينة مازالت بتصر على المقاومة.

واقتنع رئيس البلدية برواية كلينجينبرج وأمر الـ 1300 جندي بإلقاء السلاح، وكمان ادى كلينجينبرج جهاز إرسال سليم استخدمه لابلاغ القيادة، وبلغ كلينجينبرج قادته بإنه قام باحتلال المدينه وأسر 1300 عسكري وآلاف المدنيين، ورغم كده مكانش حد في القيادة الألمانية مصدق الحكاية؛ ونتيجة لكده هجمت القوات الألمانية بخمس فرق مشاه بتساندها المدرعات عشان تلاقي إن رواية كلينجينبرج كانت صحيحة.