على مدار التاريخ الإنساني كله إمبراطوريتات كتيرة طلعت وبعدها نزلت تاني، ودائمًا وأبدًا الدولة القوية المسيطرة بيجي لها يوم وتدوق من نفس الكأس اللي شَربت منه دول كتير، وبما إن تداول الأيام بين الناس هي قاعدة مستقرة وقدر محتوم؛ فعملية إختفاء دول وظهور دول غيرها هو واقع مستمر إلى قيام الساعة.

1. كريباتي

دولة “كريباتي Kiribati” هي واحدة من الدول الأكثر تضررًا من ظاهرة الإحتباس الحراري وارتفاع منسوب سطح البحر، ومشكلة إرتفاع منسوب سطح البحر هي مشكلة بتؤثر على دول كتير على سطح الكرة الأرضية زي إندونيسيا، وهولندا، وجزر المالديف.. وغيرهم كمان، ده غير بقى أعداد المدن الساحلية اللي تُقدر بالمئات على طول سواحل البحار والمحيطات اللي بيعانوا من نفس المشكلة، لكن جمهورية كريباتي تحديدًا هي اللي تُعد أكتر المناطق تضررًا على الإطلاق.

كريباتي واحدة من الدول اللي رفعت الراية البيضاء بالفعل في صراعها مع ارتفاع منسوب المياه، وأقرت تمامًا بعدم قدرتها على مواجهة المصير المحتوم بعد غرق جزيرتين من الارخبيل المكون لها، وكريباتي حاليًا في مرحلة النداءات الرسمية المستمرة لحكومات كتير من الدول لقبول مواطنيها كلاجئين دائمين، الجمهورية الصغيرة اللي استقلت عن بريطانيا من سنة 1979 بيعيش فيها حوالي 120 ألف نسمة، والدولة دي عبارة عن مجموعة من الجزر المنفصلة في المحيط الهادي وتعتبر وجهه سياحية رائعة لكتير من الزوار؛ وده طبعًا لانتشار الجزر المرجانية والطبيعة الساحرة، لكن مشكلة انخفاض أراضيها واستمرار إرتفاع منسوب مياه البحر بيوضح تمامًا إن سنوات كريباتي بقت معدودة.

2. هولندا

هولندا واحدة من أكتر الأراضي انخفاضًا في أوروبا كلها؛ لكن وبسبب الإمكانيات الهولندية والخبرة الكبيرة في التعامل مع المشكلة، قدرت هولندا إنها تصمم شبكة من السدود المرتفعة اللي بتحميها من الارتفاع الدائم لمنسوب سطح البحر، لكن المشكلة إن السدود دي يتم تعليتها بشكل دوري عشان تفضل حاجزة المياه وراها، وهو الأمر اللي ممكن يؤدي في النهاية للغرق الداخلي من فيضانات الأنهار اللي بقت بتواجه صعوبة في التصريف.

ويقول البروفيسور الهولندي “مارتن كلاينهانز Maarten Kleinhans” أستاذ علوم الأرض في جامعة “أوتريخت Utrecht University” إن ارتفاع منسوب مياه بحر الشمال يتراوح من 30 إلى 60 سم خلال الـ100 سنة الجايه، وده الارتفاع المحتوم اللي هيحصل حتى لو أوفت الدول بتعهداتها بخفض الانبعاثات بموجب اتفاقية باريس للمناخ، وهى برضه الارتفاعات اللي من الممكن الاحتفاظ معاها بأجزاء كبيرة من هولندا حتى لو تم التضحية ببعض الأراضي، لكن الخوف من مواجهة ارتفاعات أكتر من كده، وهو الأمر اللي احتماليته غير مستبعدة على الإطلاق، واللي لو حصل هيكون على العالم إنه يحذف دولة هولندا من المناهج الدراسية للطلاب.

3. تايوان

دولة الصين الوطنية المعروفة بإسم “تايوان Taiwan” هي واحدة من الدول اللي من المرجح إنها تختفي خلال الـ100 سنة الجايين، وده مش هيكون بسبب الحروب ولا الضعف الاقتصادي ولا حتى ارتفاع منسوب المياه، وإنما اختفائها هيكون عن طريق سياسة فرض الأمر الواقع بعد ما الصين بقت في ذورة قوتها، ده غير إن الصين متوقع لها بالانفراد بزعامة العالم في الـ100 سنة الجايين، وإن القوة العالمية تنتقل من الغرب للشرق.

وأما تايوان هي دولة مستقلة تتمتع بالحكم الذاتي من سنة 1949 بعد انفصالها عن جمهورية الصين الشعبية، وكان السبب أنه قامت حروب أهلية دارت بين الشيوعيين والقوميين، ومن ساعتها والصين بتعتبر تايوان مجرد إقليم متمرد على سلطة الدولة، وعمر الصين ما اعتبرت تايوان بلد مستقل والسياسة المُعلنة لحكومة الصين هي الإيمان التام بعودة تايوان للصين في يوم من الأيام، وهو الأمر اللي بتسعى له الصين حاليًا دبلوماسيًا؛ لتجنب المشاكل؛ لأن تايوان بالرغم أنها دولة صغيرة فهي عضو مؤسس في الأمم المتحدة، وتتمتع بمساندة غير محدودة من الولايات المتحدة الأمريكية، ده غير أصلاً أن أغلب مواطني تايوان راضيين عن أسلوب الحكم في بلادهم واللي معتمد على اقتصاد حر وانتخابات ديمقراطية، لكن مع ذلك مسألة انفراد الصين بزعامة العالم هي مسألة وقت مش أكتر، وتحركات الصين اللي قدرت بها تستعيد “هونج كونج، وماكاو” أكبر دليل على الصعود المتنامي للعملاق الصيني، واللي بالتأكيد 100 سنة من دلوقتي هيكونوا وصلوا للحجم اللي يفرضوا بيه إرادتهم بالقوة ويلغوا وجود دولة كان إسمها تايوان.

4. كوريا الشمالية

المحللين السياسيين بيأكدوا على اندماج كوريا الشمالية مع كوريا الجنوبية في النهاية؛ ويرجع السبب في كده لأن المحللين شايفين إن سياسة كوريا الشمالية محكوم عليها بالانهيار مع الوقت، وطبعًا يرجع لعوامل كتير متعلقة بالعوامل بالجبهة الخارجية والداخلية، وده لأن الجبهة الخارجية من الواضح اهتزت في السنوات الأخيرة، وتبدأ قصة كوريا الشمالية بعد إنتهاء الحرب العالمية التانية وانقسام العالم بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي، واللي نتج عنه تمتع كوريا الشمالية بدعم متزايد من حكومة الاتحاد السوفيتي والصين، واللي كانوا بيبصوا لكوريا الشمالية على إنها حائط صد أمام الحكم الليبرالي والممارسات الاقتصادية المتحررة، وهو الأمر اللي رجع خطوة للخلف مع انهيار الاتحاد السوفيتي؛ إلا أن كوريا واصلت علاقتها مع روسيا وكمان استفادت من تصاعد قوة الصين، لكن من وجهة نظر المحللين فمع السياسات المحرجة لسلالة كيم بدأت معدلات الدعم تقل لحد كبير، والدليل على كده هو وصول الاستياء الروسي والصيني لقمته مع التجربة النووية الكورية سنة 2009 واللي هبط معاها التأييد الصيني والروسي على المستوى الشعبي لأقصى معدلاته، والإحصائيات بتقول أن 34% فقط من الصين هما اللي بيعتبرو إن كوريا الشمالية هي أمه صديقة، أما النسبة لروسيا فوصلت النسبة لـ19% بس؛ وأدى انخفاض التأييد الشعبي ده؛ لموافقة حكومات روسيا والصين على بعض العقوبات اللي بيوقعها مجلس الأمن على كوريا الشمالية ولو قولنا أن الحجر اللي ترتكز عليه كوريا الشمالية حتى الآن هي أنها ورقة لعب في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية فالحجر ده مش هيسحمل للأبد يعني، وخصوصًا إن تنامي قوة الصين وروسيا مع الوقت للدرجة مش هتخليهم محتاجين أي أوراق لعب زي دي.

أما على الصعيد الداخلي، فمن المستبعد أن سياسة الترهيب والاعدامات تكمل في نجاحها للآخر، وعشان كده في رأي أغلب المحللين إن 100 سنة هيكونوا كافيين جدًا لانهيار الركائز اللي يعتمد عليها النظام الكوري، وأنه الحل وقتها هيكون في نهضة كوريا الموحدة.

5. المملكة المتحدة

الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس عانت من التفكك وانكمشت جدًا بفعل الحروب والصراعات، وكانت المملكة المتحدة على مر تاريخ الإمبراطورية دائمًا هي دُرة التاج، لكن انكمشت بعد انفصال جمهورية أيرلندا، وهو الأمر اللي بتسعى كتير من الأحزاب في أيرلندا الشمالية واسكتلندا وحتى ويلز، وحتى من سنة 1970 واسكتلندا بتُجري استفتاء كل 20 سنة؛ لتقرير المصير، وفي كل مرة تزيد الرغبة الشعبية في تحقيق الانفصال، وهو الأمر اللي يبدو أنه بقى على الأبواب خصوصًا مع فوز الحزب الوطني الاسكتلندي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وزيادة شعبيتها بين الاسكتلندين، ويعتبر مؤشر في غاية الأهمية على أن الاستفتاء القادم من الممكن إنه يؤدي لانفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، أما أيرلندا الشمالية فهي مستعدة أصلاً للخروج والاندماج مع أيرلندا الحرة من دلوقتي، لكن يرجع سبب تأخير الوحدة لحكومة أيرلندا الحرة نفسها واللي شايفة إن ضعف اقتصاد الشمالي هيمثل عبء على حكومة البلاد، أما ويلز وأشارت أحدث الدراسات الاستقصائية إلى أن 41% من الشعب بيفضلوا الانفصال عن المملكة المتحدة والعودة للاتحاد الأوروبي، وعشان كل الظروف دى صرحت السياسية المخضرمة والكاتبة صاحبة الـ 69 عام “هيلاري مانتيل Hilary Mantel” أن آخر ملوك المملكة المتحدة هيكون الأمير وليام حفيد الملكة اليزابيث الثانية، أما ابنه الأمير جورج البالغ من العمر 8 سنوات فغالبًا ما هيطلق عليه ملك إنجلترا.

6. كندا

دولة كندا الضخمة والمتطورة الجميلة حكايتها حكاية، هي الدولة الوحيدة في قائمتنا النهاردة اللي تعتبر مهددة من كل النواحي، فمن ناحية تفكك الأقاليم؛ أصلاً كندا بتعاني من آثار حرب السنوات السبع بين بريطانيا وفرنسا حتى الآن، والكنديين من أصل فرنسي دائمًا ما بيظهروا عدم رضاهم على الإنضمام لكندا من اليوم الأول ودائمًا ما بيحاولوا الاستقلال بمقاطعتهم كيبيك عن باقى الأراضي الكندية، والمشكلة أن مقاطعة كيبيك الفرنسية بتحتوي على ربع سكان كندا وبتُشرف على معظم الموانئ المطلة على المحيط الأطلسي، بل إنها بتتحكم بشكل كامل في ممر “سانت لورينس المائي Saint Lawrence”، وانفصال “كيبيك Quebec” يؤدي حتمًا لانهيار كندا وتفتيتها لدويلات، ومن ناحية تانية كندا أصلاً تقع تحت سيادة الملكة اليزابيث ملكة المملكة المتحدة، واللي هي أصلاً مهددة بالتفكك زي ما قلنا، ولو حصل وتفككت المملكة المتحدة فهينفرط عِقد كندا بالتبعية.

وأخيرًا، كندا ونتيجة لوقوعها في المناطق القريبة من القطب الشمالي؛ فتعد واحدة من أكتر المتضررين من ظاهرة الإحتباس الحراري ومشاكل ذوبان الجليد في القطبين، وعشان كده بتعتبر كندا واحدة من الدول اللي وجودها بقى على المحك خلال الـ100 سنة الجايين.