في موقف شهير جدًا كلنا تقريبًا إتعرضنا ليه وهو إن لما كوعنا بيتخبط في الحيطة مثلًا أو في أي حاجة موجودة حوالينا بنحس فجأة بلسعِة كهربا، ومش بس كده، أوقات كتير لما بنسلم على حد ممكن نحس إن إحنا الاتنين اتكهربنا فجأة، ونفس الموضوع برده لما بنلمس جسم معدني أو بنمسك أوكرة باب الشقة أو باب العربية، في كل الحالات دي بنحس إن في كهربا بتدخل لجسمنا، بل إن في بعض الأحيان بيحصل صوت ماس كهربائي، ياترى إيه السبب في حدوث الظاهرة الغريبة دي، هل دي كهربا زيادة موجودة في أجسامنا مثلًا زي ما البعض بيعتقد، وهل هي حاجة مُضرة لأجسامنا ولا لأ؟

إزاي الكهرباء السَاكنة بتخرج من المواد؟

أي مادة حوالينا بتتكون من مجموعة من الذرات، والذرات بتتكون من تلات عناصر رئيسية: الإلكترونات ودي بتكون شحنتها سالبة، والبروتونات ودي بتكون شحنتها موجبة، والنيترونات ودي بتكون متعادلة الشحنة، ونظرًا لإن عدد الإلكترونات بيكون في العادة مساوي لعدد البروتونات فـ ده بيخلي الذرة بوجه عام تكون مالهاش شحنة، أو متعادلة كهربيًا؛ وعلشان كده أغلب المواد اللي بنتعامل معاها يوميًا بتبقى متعادلة ومافيهاش كهربا، طيب بما إن المواد حوالينا متعادلة كهربيًا ليه بقى بعض المواد بيطلع منها شحنة كهربية فجأة لما بنلمسها وبنتكهرب؟

الموضوع ده بيحصل بسبب الإلكترونات، الإلكترونات أجسام صغيرة جدًا، وعديمة الكتلة تقريبًا، وعلشان كده بعض العمليات الميكانيكية العنيفة اللي زي الإحتكاك أو الفرك مثلًا، بتأثر على الإلكترونات وبتكسَّر الروابط اللي مسكاهم وبتخليهم يتحركوا من مكانهم ويتنقلوا لذرات المادة اللي بتحتك بيهم أو العكس، وفي الحالة دي بيحصل خلل للشحنة الكهربية وبيصنع ظاهر إسمها الكهرباء الإستاتيكية أو الكهرباء الساكنة؛ وده بيفسر السبب في اللعبة اللي كنا بنلعبها زمان وإحنا صغيرين لما كنا بنجيب قلم ونحِكه في شعرنا أكتر من مرة، وبعدين نقربه من ورقة صغيرة فنلاقي الورقة إنجذبت للقلم، إحتكاك القلم براسنا بيغير من شحنة القلم وبيخليه يفقد بعض الإلكترونات، وده معناه إن عدد البروتونات الموجبة اللي في ذرات القلم بقى أكتر من الإلكترونات؛ وعلشان كده القلم بيبقى موجب الشحنة، وبالتالي لما بنقرب القلم من أي جسم متعادل زي الورقة مثلاً؛ بتبدأ مجموعة من الإلكترونات تنسحب مع ذرات الورقة وتتفضى في القلم، وده اللي بيخلي الورقة والقلم يقربوا من بعض، لكن بعد شوية وبعد مابيحصل عملية إتزان بين عدد الشحنات اللي هنا وهنا بيبدأ كل جسم منهم ينفصل عن التاني.

ليه بنتكهرب لما نمسك أوكرة الباب؟

الكهرباء في مفهومها العام ماهي إلا سيل من الإلكترونات اللي بينتقلوا من مكان لمكان، وعلشان كده لو حد صحي من النوم وبعدين قام من على السرير وراح مباشرةً يمسك أوكرة الباب بدون ما يلمس أي حاجة تانية قلبها فبنسبة كبيرة هيحس بلسعة من الأوكرة وهيتكهرب، ونفس الشئ لو شخص لابس شراب صوف مثلًا ومشي على سجادة وراح بعدها يفتح باب الشقة برده بنسبة كبيرة هيتكهرب أول ما يمسك أوكرة الباب، طب ياترى إيه اللي بيخلي ده يحصل، أي حد فينا لما بيصحى من النوم بالتأكيد كان طول الليل بيتحرك على السرير وبيحتك بالمخدة والمرتبة وغيره؛ وعلشان كده بيتكون على جسم الشخص ده شحنة موجبة نتيجة إحتكاكه بالسرير طول الليل، وعلى نفس الوتيرة بالظبط الشخص اللي بيمشي على سجادة ده كمان طول ماهو ماشي رِجله عمالة تحتك بالسجادة أكتر من مرة والإحتكاك ده بيخلي جسمه برده يكتسب شحنة موجبة، وبالتالي بعد أي حالة من الإتنين دول لو الشخص مباشرةً مِسك أوكرة معدنية واللي هي متعادلة كهربيًا؛ الإلكترونات هتنتقل من الأوكرة لجسمه علشان يحصل إتزان، وزي ما قولنا الكهربا ماهي إلا سيل أو فيض من الإلكترونات بتنتقل من مكان لمكان، وعلشان كده الشخص في الحالة دي بيتكهرب أو بيحس بلسعة وقِيس على كده بقى أي حالة يحصل فيها إحتكاك وبعدين نلمس جسم متعادل.

مش كل المواد بتكهرب

طب هل الموضوع ده بيحصل مع أي جسم متعادل في الشحنة، في الواقع لأ، من رحمة ربنا سبحانه وتعالى، إن عملية التفريغ دي ما بتحصلش مع كل المواد، وإلا هنُصعق كل شوية لما نحتك بحاجة وبعدين نمسك أي شيء حوالينا، ولكن الموضوع بيظهر بشكل ملحوظ مع المعادن فقط وبعض المواد الصالبة الموصلة زي الملح مثلًا وغيره، يعني لو إنت مثلًا مشيت على سجادة وتراكم على جسمك شحنة موجة وبعدين روحت مسكت تفاحة تاكلها في الحالة دي مش هتتكهرب ومفيش تفريغ ملحوظ للشحنات هيحصل بين التفاحة وجسمك؛ لأن التفاحة ماهياش معدن ولا جسم عالي التوصيل، ونفس الشئ بالظبط لو مسكت كوباية أو إزازة مياه وغيرهم من المواد العازلة، والتفسير العلمي للموضوع ده هو إن العناصر الموصلة للكهرباء، بيبقى في الغالب الراوبط اللي ماسكة الإلكترونات الخارجية بتاعتهم ضعيفة وعلشان كده سهل جدًا إن الإلكترونات دي تتحرر من الرابطة اللي مسكاهم ويتسربوا ناحية أي مادة تانية، ويفرغوا فيها شحنة كهربية، وده على عكس المواد العازلة واللي بتكون فيها الروابط ماسكة الإلكترونات الخارجية قوية جدًا، وبالمناسبة جسم الإنسان بيوصل للكهرباء عادي جدًا، وخصوصًا لو الجلد كان رطب وعلشان كده لو فيه شخص موجود على جسمه شحنة كهربية موجبة، ولمس شخص تاني أو سلم عليه هيحصل تفريغ كهربي بين جسمهم هما الاتنين والإتنين بيتكهربوا، وكنا إتكلمنا عن الموضوع ده بشكل مفصل في حلقة “إيه اللي بيحصل في جسمنا لما نتكهرب؟”.

كهرباء الكوع ثنائية!

بعد ما وضحنا عملية سريان الكهربا نفسها وإزاي بنتكهرب من الحاجات دي كلها فيه سؤال تاني في غاية التحديد، كهربا الكوع لما بيتخبط، مبدئيًا كده فيه عوامل تانية بتساهم في شعورنا بالكهرباء، وأحد العوامل دي مُتعلق بالأعصاب، منطقة الكوع تحديدًا ممكن يحصل فيها شعور بالكهرباء أو الوخز بسبب آلية الكهرباء الإستاتيكية اللي اتكلمنا عنها زي إن الشخص مثلًا يكون على جسمه شحنة موجبة وبعدين يتخبط بكوعه في أي جسم معدني، لكن فب نفس الوقت ممكن الشخص مايبقاش عليه شحنة موجبة على جسمه ولا حاجة وكمان يتخبط بكوعه في حاجة عازلة زي الخشب ويتكهرب برده، والسبب في الموضوع ده متعلق بالأعصاب، فيه مجموعة من الألياف الحساسة بتمتد على طول الذراع وبتمر من خلف مفصل المِرفق أو الكوع بالظبط لحد مابتوصل لإصبعي الخنصر والبنصر في أطراف الإيد، والألياف دي معروفة بإسم “العصب الزندي أو الـ Ulnar Nerve”.

الشاهد في الموضوع بقى إن المنطقة بتاعت الكوع تحديدًا مابيبقاش فيها بطانة داخلية تحمي العصب ده من الصدمات، وخصوصًا لما الكوع بيبقى على شكل زاوية قائمة؛ وعلشان كده لما بنتخبط في كوعنا الصدمة بتاعت الخبطة بتضغط مباشرةً على العصب، وده اللي بيتسبب في شعور الكهربا المؤلم اللي بيحصلنا، والشعور ده بيكون أقوى من شعور الكهربا الإستاتيكة، وخصوصًا إن العصب اللي بيتصاب ما بيبقاش مسؤول عن منطقة الكوع بس، ولكنه ممتد لحد أطراف الإيد زي ماوضحنا، وده بيخلي شعور الكهربا يسمَّع في الدراع كله.

ليه الموضوع مابيتكررش طول الوقت؟

بالرجوع بقى للكهربا الساكنة، ممكن حد منكم يقول أينعم أنا جربت إحساس الكهربا الساكنة ده في كام موقف قبل كده، لكن بالرغم ده في معظم الأوقات بقوم كل يوم من على السرير وبمسك أوكرة الباب عادي ومابتكهربش وبمشي على السجادة طول الوقت وبعدها بمسك حاجات معدنية وبرده مابتكهربش، فـ ليه الشعور بالوخذ أو بالكهرباء الإستاتيكية ده أحيانًا بيحصل وأحيان تانية لأ، الإجابة على السؤال ده بتكمن في باقي العوامل المسببة لحدوث الكهرباء الإستاتيكية، وأحد العوامل دي هو الطقس، معظم الوخزات الكهربية بتحصل بشكل مكثف في فصل الشتاء وفصل الخريف فقط؛ لأن الهواء الجوي في الفصلين دول بيكون جاف، وبيحمل كمية قليلة من بخار المياه، طب إيه علاقة ده برده بالكهرباء الساكنة؟، في فصل الصيف بيبقى الهوا دافئ وموجود فيه كمية كبيرة من بخار المياه، وعلشان كده لو إحنا في فصل الصيف وفيه كمية من الشحنات على جسمنا، فالشحنات دي بتتسرب للهواء بسهولة جدًا وبينتخلص منها بدون مانحس، في الشتاء بقى بسبب جفاف الهواء، فالشحنات الموجبة بتتراكم على جسمنا طول الوقت ومابتلاقيش منفذ إنها تتسرب له؛ لأن الهواء الجاف بيكون وسط عازل بالنسبالها؛ وعلشان كده بيتكون على جسمنا كمية كبيرة من الشحنات المتراكمة وبمجرد ما بنلمس أي معدن زي مقبض الباب مثلًا، بتبدأ الشحنات دي تتفرغ فورًا؛ ده غير إننا حتى لو في فصل الشتاء وفيه شحنات متراكمة على جسمنا، ولكننا قبل مانمسك مقبض الباب اتحركنا كتير ومسكنا حاجات تانية حوالينا فده بيتسبب في تفريغ جزء كبيرة من الشحنة اللي في جسمنا على مراحل متفرقة، وبالتالي لما بنروح نمسك مقبض الباب وقتها ما بيحصلش حاجة.

نصائح لتقليل التعرض للسعات الكهربائية

في النهاية بقى الشعور بالكهرباء الساكنة مفيش منه مخاطر صحية، وهي ظاهرة طبيعية مافيهاش أي مشكلة، لكن بالرغم من كده في بعض النصائح البسيطة اللي ممكن تجنبنا من اللسعات الكهربية دي، زي مثلًا إننا نحاول قدر الإمكان نتجنب إرتداء الملابس المصنوعة من الألياف الصناعية أو الأقمشة الصوفية ونحاول نستبدلها بالملابس القطنية أو الملابس المصنوعة من الألياف الطبيعية، وكمان نتجنب لبس الأحذية المصنوعة من المطاط لأنه بيزود تراكم الشحنات الموجبة على جسمنا، ونستبدلها بأحذية جلدية، وأخيرًا ممكن وأحنا ماشيين في البيت بدل ما أحنا لابسين الشبب ليل نهار ممكن نقلعه ونمشي حافيين على الأرض وده هيفرغ الشحنات الكهربية أول بأول.