أكيد كلنا اتكهرب من قبل ولو مرة واحدة في حياته، أما بسبب سلك عريان، أو بسبب إننا شغلنا دماغنا في مرة وحاولنا نصلح حاجة معينة في الكهرباء ونتكهرب، لكن بغض النظر عن الشعور المؤلم الذي نمر به وقتها، ياترى أصلاً ليه الموضوع ده بيحصل، ليه أجسامنا بتوصَّل للكهرباء مع إن الجلد المفروض يكون مادة عازلة، وإيه اللي بيحصل في جسمنا بالظبط ويخلينا نتكهرب.

ليه أجسامنا موصلة للكهرباء؟

شخصيات الكارتون لما بتتكهرب بيبدأ عمودها الفقري ينور وشعره يقف، وبيبقى حواليه وميض لامع ينتشر في كل مكان، وجسمهم يُشع نور أصفر، لكن على أرض الواقع الموضوع مختلف تمامًا، وقبل ما نعرف ما هي الأضرار بالظبط التي تحدث لنا لما بنتكهرب، نسأل الأول سؤال مهم “هو إحنا ليه أصلا بنتكهرب، وقبلها نسأل هل المياه موصلة للكهرباء أم لا”، والإجابة الفعلية هي أن الماء النقي أو الماء المُقطر غير موصل للكهرباء؛ لأن المقاومة خاصته تكون قوية جدًا وخصوصًا لما جُهد الكهرباء يكون منخفض، مثل جُهد الكهرباء الموجودة في منازلنا، وهنا هتسأل”ليه دائمًا نرى حوادث كثيرة بسبب إختلاط الكهرباء بالمياه، ونرى أشخاص تتكهرب بالفعل بسبب الموضوع ده”، والإجابة ببساطة تكمن في نوع المياه، بمعنى أينعم المياه النقية لا توصل الكهرباء، لكن لو جربنا مياه من الحنفية مثلاً وأجرينا عليها التجربة السابقة هنكتشف إنها بتوصل؛ لأن مياه الحنفية تحتوي على معادن كثيرةوشوائب وهي بدورها بتوصل الكهرباء، كمان لو أتينا بمياه من البحر وأجرينا عليها التجربة هنكتشف إنها أيضًا بتكهرب؛ لأن مياه البحر تكون مشبعة بالأملاح مثل كلوريد الصوديوم، والأملاح دي أيضًا توصل للكهرباء.

جسم الإنسان مليان سوائل

إيه علاقة الموضوع ده بجسم الإنسان، العلاقة ببساطة هي إن جسم الإنسان بشكل مبدئي يتكون من جزء خارجي ظاهري وهو الجلد والأظافر والشعر وغيرهم، وجزء باطني وهي الأعضاء الداخلية بالإضافة لكمية مهولة من الدم والسوائل، وتلك السوائل تحديدًا تكون مليئة بالمعادن والأملاح والأيونات وعناصر أخرى كثيرة، ولذلك جسم الإنسان من الداخل مؤهل جدًا لوصول الكهرباء إليها، وبالنسبة للجزء الخارجي “الجلد” فهو عازل للكهرباء بشكل كبير، مقاومة إيدينا مثلاً وهي جافة بتوصل لحوالي 100 ألف أوم، وهو رقم كبير جدًا وكفيل إنه يحمي الجسم من الكهربا؛ لأن الطبقة الخارجية من الجلد تتكون من مجموعة مهولة من الخلايا الميتة، وهي التي تستطيع مقاومة الكهرباء بكفاءة، ومن المعلومات المثيرة التي تثبت قدرة جسم الإنسان فعلاً في مقاوم للكهرباء، هي إن ممكن شخص ينضرب بصاعقة برقية قوية، ومع ذلك لايصيبه مكروه، ويصاب فقط بنسبة بسيطة من الحروق، وفي تلك الحالة الطاقة الكهربائية للصاعقة تنتقل خلال الجلد ومنه لسطح الأرض،والحالة التي يهلك الشخص فيها لو تلك الطاقة الكهربائية استطاعت أن تنفذ من الجلد ووصلت للجسم من الداخل.

طالما جلدنا قوي، ليه بردو بنتكهرب؟

وبما إن جلدنا قوي لتلك للدرجة ويستطيع مقاومة الكهرباء ليه بنتكهرب لما بنلمس سلك عريان، المُشكلة بتكمُن في إن الجلد علشان يقدر يقوم بدوره في مقاومة الكهرباء، لازم يتوفر بعض الشروط أهمها هي إن الجلد يكون سليم ولا يوجد به منفذ يجعل الكهرباء تنفذ منه، بمعنى لو فيه حد متعور في إيده مثلاً أو لو فيه خدش أو خربوش على إيديه حتى لو بسيطة جدًا وغير واضحة، كل ذلك يجعل الكهرباء تخترق الجلد الخارجي بسهولة، ولو إيدينا رطبة أو عليها مياه، أو حتى لو الشخص بيعرق كتير، كمية المياه الموجوده على يديه سوف تجعل مقاومة الجلد قليلة جدًا وممكن توصل لـ ألف أوم فقط، وفي تلك الحالة الكهرباء سوف تخترق الجلد بسهولة.

إيه اللي بيحصل لو الكهرباء دخلت جوا الجسم؟

دلوقتي لو حصل إن الكهرباء فعلاً إخترقت الجلد ووصلت للجسم من الداخل، وقتها الموضوع هيكون متوقف بشكل أساسي على شدة التيار الكهربي الذي يتعرض له الشخص، وكذلك الجهد خاصته، بمعنى لو تيار كهربائي شدته 1 مللي أمبير وحد لمسه في العادة لن يكون مؤثر وسوف ينتج عنه مجرد إحساس وخز بسيط، ولو 16 مللي أمبير الشخص العادي سوف يتألم جدًا وده أقصى رقم يقدر الشخص العادي يتحمله لفترة قصيرة، أما بقى لو الرقم تعدى الـ 20 مللي أمبير، ففي تلك الحالة يحدث شلل لعضلات الجهاز التنفسي، وفقد في السيطرة على عضلة الحجاب الحاجز تحديدًا، وبيبدأ الشخص يجد صعوبة شديدة في التنفس، أما بقى لو القيمة تراوحت من 75 لـ 100 مللي أمبير ، ففي تلك الحالة يحدث للشخص رجفان بُطيني، وهي حالة يتوقف فيها القلب تمامًا عن العمل، والبطن الأيمن والأيسر يرتجفون بشدة، والدورة الدموية بتتوقف عن العمل، وفورًا الشخص ممكن يفارق الحياة بسبب إصابته بالسكتة القلبية، وده لو ماتمش علاجه خلال دقايق معدودة من خلال عملية “الإنعاش القلبي الرئوي”.

أما بقى الحالات اللي شدة التيار بتصل فيها لـ 1500 مللي أمبير، أو إن الجهد يكون عالي جدًا ويصل لـ 500 ڨولت، ففي الحالة دي بتبدأ تحصل جروح في الأنسجة والأعضاء؛ بسبب تفرع تلك الطاقة الكهربائية العالية في الجسم على هيئة حرارة.

ليه ما بنقدرش نتحرك؟

من أغرب الحاجات اللى ممكن نلاحظها هي إن الشخص اللي بيتكهرب، لا يستطيع ترك السلك اللي هو ماسكه وبيفضل ثابت في مكانه فترة كبيرة بيتعرض للكهرباء دون حركة؛ والسبب يكمن في إن الشخص عندما يتعرض لصدمة كهربائية، فده بيأثر على الأعصاب والعضلات الخاصة بالجسم، ويجعل العضلات تنقبض بشدة، يعني “لو إنت ماسك السلك بإيديك الكهربا بتخلي عضلات ايدك تنقبض أكثر على السلك”، وبعد ثواني معدودة بيحصل تنشج للعضلات وتكون خارج سيطرة الجهاز العصبي تمامًا، ووقتها لن تستطيع فك قبضة يديك القوية من على السلك، كما لا يستطيع تحريك عضلات قدمه بسهولة لكي تبعد عن مكان الكهرباء، وطبعًا الموضوع ده يحدث عادة في الحالات اللي التيار الكهربائي فيها بيكون شديد جدًا.

كلام مهم

في النهاية يوجد بعض الكلام المُهم الخاص بالكهرباء فهي تتسبب في وفاة الآلاف الناس سنوياً، وفي دولة مثل الهند في عام 2016 توفي أكثر من 9600 شخص بسبب الكهرباء، وتقول الإحصائيات العالمية إن مُعظم الكوارث الكهربائية التي تحدث تكون في المنازل وغير مُقتصرة على المصانع أو الشركات أو الورش؛ ولذلك من الضروري جدًا إننا ناخد بالنا في منازلنا من أي حاجة لها علاقة بالكهرباء، فمن الأفضل عدم وضع شئ ثقيل فوق أسلاك الكهرباء، مثل وضع كرسي أو ترابيزة على سلك موجود في الأرض، وعدم وضع الأسلاك تحت السجاد أو الموكيت، كما هو من الضروري جدًا عدم توصيل أكثر من جهاز في نفس البريزة أو الكوبس.

كما لا ينبغي توصيل جهاز مثل السخان بسلك رفيع مثلاً حيث يجب توصيله بسلك سمكه سميك مناسب له، وإلا السلك الرفيع ترتفع درجة حرارته وينصهر ويسبب مشكلة،كما من المهم جدًا عند دق مسمار في الحائط، أو عمل ثقب بالشنيور، يجب مراعاة مسار أسلاك الكهرباء في الحائط والبُعد عنها حتى نتجنب الانصطدام بها.

ويُفضل عند تأسيس شقة أو بيت جديد إن يُنفذ “نظام التأريض” لحماية البيت بالكامل من خطر الماس الكهربائي وتوجد حلقة كاملة سابقة عن موضوع التأريض بالتفصيل بإسم “ليه مقبس الكهرباء مختلف من بلد للتانية؟”.
وأخيرًا وخصوصًا في فصل الشتاء واحتماليه هطول الأمطار في الشوارع بشكل مكثف جدًا، ننوه إننا بالضروره نبعد عن أعمدة النور في الشوارع ولا نقترب منها لأي سبب، وكذلك البعد عن كبائن محولات الكهرباء التي تكون في الأماكن العام؛ نظرًا لأن المياه مع الكهرباء تكون خليط غاية في الخطورة مثل ما أوضحنا، وربنا يحفظ الجميع.