تخيل لو في يوم من الأيام صحينا من النوم وبدأنا نبص على الساعة لقيناها مش موجودة، ونروح نبص على ساعة الحيطة برضو مش موجودة، أي جهاز من اللي بنستدل بيه على الوقت اختفى، ولما جينا نبص على النتيجة علشان نعرف التقويم، مالقنهاش متعلقة على الحيطة، كل الأدوات اللي بتساعدنا نعرف الساعات والأيام والشهور، إختفوا تمامًا من حياتنا، اللي بنحكيه ده سيناريو غريب ويخوف، المدهش بقى إن السيناريو المرعب ده كان هو الوضع الطبيعي في حياة البشر لآلاف السنين، وده بدوره بيطرح سؤال مهم، إيه اللي خلى البشر يقسموا الوقت والتقويم للنظام اللي نعرفه دلوقتي، أو بمعنى أصح ليه السنة 12 شهر والشهر 30 يوم واليوم 24 ساعة والساعة 60 دقيقة والدقيقة 60 ثانية.

قصة السنين والشهور والأيام

على مر العصور كان البشر محتاجين وسيلة يستدلوا بيها على مرور الزمن، ومع تأملهم في الطبيعة حواليهم، كانت السماء والأجرام المضيئة اللي فيها، هي مصدر مناسب بالنسبالهم، وعلشان كده معظم الحضارات القديمة، زي الحضارة السومارية، وحضارة بابل وكذلك “حضارة أبردينشاير Aberdeenshire”، في أسكتلندا كلهم بيراقبوا القمر، وبيعتمدوا على ظهوره وعلى تغير شكله، علشان يحددوا مرور الأيام، كان بيستنوا لما دورة القمر تحصل 12 مرة، وبكدة يبقى في وحدة زمنية معينة خلصت، وهتبدأ وحدة جديدة أو بمفهومنا الحديث، السنة القديمة خلصت والسنة الجديدة هتبدأ، النظام القمري ده كان منتشر عند معظم الشعوب القديمة بما فيهم حتى الرومان اللي ابتكروا التقويم الميلادي الشمسي أو التقويم الجريجوري بعد كده.

وبالفعل مع بداية الإمبراطورية الرومانية على يد الملك “روميوليس Romulus” سنة 753 قبل الميلاد، كان الملك عنده مشاكل في تنظيم شؤون إمبراطوريته الجديدة اللي بتنشأ، مكنش عارف مواعيد الفصول بالظبط وده كان بيعمل مشاكل كتيرة لشعبه خصوصًا في موضوع الزراعة، وكمان مكنش عارف يحط مواعيد للإحتفالات، أو إنه ينظم مواعيد الحملات العسكرية والمعارك؛ وعلشان كدة الملك روميوليس لجأ للتقويم القمري، وقسم السنة لـ 10 شهور كان معتمد في تقسيمهم على دوران القمر حوالين الأرض، السنة عندهم كانت بتبدأ من شهر سموه مارس وتنتهي في شهر سموه ديسمبر، وخلى بعض الشهور عددها 30 يوم والبعض الأخر عددهم 31 يوم ومجموع السنة دي كان تعددها 304 يوم، وبالرغم من إن التقويم كان إنجاز كبير للإمبراطورية الرومانية، إلا إنه برده كان مِسبب مشاكل مع المزارعين، وده لأن مواعيد الفصول اللي بيزرعوا فيها مكنتش متزامنة إطلاقا مع التقويم القمري بتاع الملك “روميوليسRomulus”؛ وده لأنهم مكنوش عارفين وقتها إن التقويم بتاعهم كان ناقص حوالي 61 يوم وربع عن السنة الشمسية بمفهومها الحالي اللي نعرفه دلوقتي.

وعلشان كده بعد الملك روميوليس جه الملك “نوما بومبيليوسNuma Pompilius” وحاول إنه يحل مشكلة عدم تزامن فصول السنة مع التقويم، وأول حاجة عملها هي إنه قرر يخلي التقويم ماشي بالظبط وبشكل دقيق مع دورات القمر 12 حوالين الأرض، وعلماء الفلك بتوعه لاحظوا إن الـ 12 دورة بتوع القمر فيهم 354 يوم بالظبط، وبدأ الملك نوما يُعيد تقسيم الأيام دي على الشهور من الأول وجديد، ولكن بطريقة عجيبة جدًا، أي شهر كان بيتكون من 30 يوم كان بيشيل منه يوم أو يزوده يوم، المهم إنه مابيبقاش 30 المهم إنه بعد ما شال يوم من كام شهر وزود يوم في شهور تانية، بقى عدد أيام السنة 298 يوم، وعلشان يوصلهم للـ 354 يوم اللي كانوا حاسبينهم في البداية، فكده في عجز في 56 يوم، وهنا زود شهرين على الشهور بتوع الملك روميوليس وسماهم يناير وفبراير، ومع إن المفروض السنة بتاعة نوما بومبيليوس تبقى 354 يوم زي ما كان مقرر في البداية، إلا إنه زود يوم وخلاها 355 يوم، بسبب إنه مابيحبش الأرقام الزوجية، التقويم بتاع نوما إستمر لحوالي 800 سنة، وعلى الرغم من إن الوقت الطويل ده المفروض يكون دليل على نجاح التقويم، إلا إن التقويم واجه مشاكل كتير بعد كده.

وعلشان كده جِه يوليوس قيصر وقرر إنه يريح دماغه من الدوشة دي كلها وينقل التقويم الشمسي من عند المصريين القدماء؛ لأن المصريين في الوقت ده كانوا متقدمين جدًا في علم الفلك، وده اللي خلاهم يوصلوا لعدد أيام السنة بشكل قريب جدًا من اللي نعرفه دلوقتي، وفي الوقت اللي كان الشائع فيه تقسيم أيام الشهور والسنين على حركة القمر، المصريين قدروا يظبطوا التقويم بتاعهم مع دوران الأرض حوالين الشمس.

بعد ما يوليوس قيصر والفلكيين اللي معاه جابوا التقويم المصري القديم، قرر يزود 10 أيام ويوزعهم على شهور السنة 12، وكدة السنة بقت 365 يوم، ولأن السنة فعلياً 365 يوم وربع، فقرروا إن الربع يوم ده بقى يتجمع كل أربع سنين ويحطوه يوم كامل، ويبقى يوم زيادة على السنة دي، وعلشان كدة سموا السنة اللي بيجي فيها سنة كبيسة، وبعد حوالي 1500 سنة من حكم يوليوس قيصر، جه الأب جريجوري الثالث، وعمل تعديلات أخيرة على التقويم وِوَصلُه لشكله الحالي.

التقويم الهجري

على ذكر الشهور القمرية والشمسية، محتاجين ننوه إن التقويم اللي بيعتمد على القمر مافيهوش أي مشاكل، بل إنه التقويم الوحيد اللي نقدر من خلاله لما نبص على شكل القمر في السماء نعرف بسهولة إحنا في يوم كام في الشهر بالظبط من غير حتى مانبص في نتيجة أو في أي تقويم مكتوب، لكن المشكلة اللي كانت مع التقويم القمري أيام الرومان، إنهم كانوا عاوزين يحسبوا الفصول الأربعة اللي هي معتمدة على الشمس، من خلال حركة القمر وده طبعًا عمل مشاكل، لكن كل تقويم منهم ناجح لوحده، بدليل إن التقويم الهجري المعتمد على القمر، بيقدر يحدد مواعيد العبادات زي تحديد ميعاد رمضان، وموعد الحج، والأعياد بدقة شديدة ومحافظ على العلاقة بينه وبين التقويم الميلادي بدون أي خلط، بفرق ثابت 3 سنوات لكل 100 سنة.

قصة الـ 24 ساعة

بعد ما خلصنا قصة الشهور والأيام ، فمن المدهش إن اللي قسم اليوم لأربعة وعشرين ساعة لأول مرة هما برضه المصريين القدماء.
في الأول المصريين قسموا النهار لـ 12 جزء، وكانوا بيقيسوا الوقت بإستعمال آلة إسمها المزولة، وكانت عبارة عن عصاية بتتحط على الأرض وبيترسم حواليها دائرة متقسمة لـ 12 جزء، وبيشوفوا اختلاف الظل عليها على مدار اليوم، وبالطريقة دي المصريين القدماء قدروا يقسموا النهار، لكن فِضل فيه مشكلة بتواجهم وهي تقسيم الليل وخصوصًا إنه ابتداءًا من الوقت اللي الشمس بتبدأ تغرب فيه ساعتها قياس الظل مش بيوصلنا لأي حاجة ممكن نعتمد عليها، ونظرًا لإن المصريين القدماء كانوا معتمدين على السماء والنجوم بشكل كبير في حياتهم اليومية؛ فده خلاهم لما جم يحسبوا الوقت المصريين بدأوا يراقبوا النجوم، ولقوا إن السماء فيها 36 نجم بيظهروا خلال الليل بشكل واضح، النجوم دي كانت بتظهر في مجموعات كل مجموعة بتحتوي على تلات نجوم فقط، وعلشان كده مع كل 3 نجوم بيظهروا كانوا بيعرفوا إن فيه جزء من الليل عدى، وبالطريقة دي وبالاعتماد على النجوم إتقسم الليل هو كمان لـ 12 جزء.

وكمان كان فيه محاولات تانية لتقسيم الليل بإستعمال أدوات ملهاش علاقة بالسماء والنجوم زي الساعة المائية مثلاً، اللي لقوها في معبد آمون في الكرنك واللي بيعود تاريخها لسنة 1400 قبل الميلاد، الساعة دي كانت عبارة عن إناء بيتغير ضغط الماية فيه، وكل ما الإناء بيفضي كمية معينة من الماية كانوا بيعرفوا إنه عدى جزء من الليل، وبالساعة دي برده وغيرها من الوسائل المصريين قدروا يقسموا الليل لـ 12 جزء بشكل دقيق، لكن الساعات دي ماخدتش شكل قريب من الشكل اللي نعرفه دلوقتي، وإتقسموا أجزاء متساوية إلا في “العصر الهلنستي Hellenistic”، ودي حِقبة كانت اليونان فيها متقدمة بشكل كبير، والتقسيم ده حصل باقتراح من عالم الفلك اليوناني “هيباركوس Hipparchus”.

قصة الساعة والدقيقة والـ60

أخيرًا بقى بخصوص موضوع الدقايق والثواني، واستخدامنا للنظام الستيني في تقسيمهم، فيه أكتر من نظرية بتفسر الموضوع ده، وأحد التفسيرات دي بيرجع للحضارة البابلية القديمة؛ لأنهم من أكتر الشعوب اللي كانوا بيستعملوا النظام الستيني في معاملتهم، يعني دلوقتي لو بنعتمد على العد من واحد لعشرة في الحساب فهم كانوا بيعتمدوا على العد من واحد لستين، كمان النظام ده هو اللي استعمله عالم الفلك “هيباركوس Hipparchus”، وعالم الفلك والجغرافيا الإغريقي “إيراتوستينسEratosthenes” في تقسيم الدايرة لـ 60 جزء، وكل جزء من دول إتقسم لـ 60 جزء تانين، أول جزء إتسمى دقيقة، والجزء التاني إتسمى ثانيه، ولكن محدش إستعمل الدقايق والثواني بالشكل اللي نعرفه دلوقتي وإهتم بالتقسيمة الدقيقة دي، غير في نهاية القرن 16 لما ظهرت الساعات الميكانيكية في أوروبا، ومن ساعتها وإحنا مقسمين الساعة لستين دقيقة والدقيقة لـ 60 ثانية.