اللي في الصورة فوق دي، محمية (الجِلف الكبير) Gilf Kebir National Park، أكبر محمية طبيعية في مصر بمساحة تتعدى الـ 48 ألف كيلومتر مربع، وبتقع على الحدود الليبية السودانية، و تعتبر هي المكان الوحيد في الصحراء الغريبة اللي بيحتوي على حيوانات برية آكِلة للعشب، وبيعيش فيها بعض الطيور النادرة زي الرخمة المصرية Egyptian vulture وطائر عصفور الجنة، بالإضافة لبعض الثديات زي اليربوع وثعلب الرمل والغزلان والبقر الوحشي.

أما دي بقى محمية (وادي الريان) في محافظة الفيوم، المحمية فيها حياة نباتية وحيوانية متنوعة ومميزة جدًا بالإضافة لإحتوائها على عيون طبيعية وحفريات بحرية ومنطقة شلالات، وده بالنسبة للبرية.

اما دي بقى محمية بيت الدرافيل الموجودة في الركن الجنوبي من مدينة “مرسى علم”، المحمية البحرية دي بتحتوي على عدد ضخم من الدلافين، اللي بيتجهوا ناحية منطقة الشعاب المرجانية الموجودة في “صمداي” علشان يرتاحوا هناك.

وأما بقى المنظر الرائع اللي انت شايفه ده، فما هو إلا لمحة من أعماق مياه محمية (راس محمد) الموجودة في جنوب سيناء.
مصر لوحدها موجود فيها أكتر من 30 محمية طبيعية ما بين برية وبحرية.

ليه أصلاً نعمل محمية طبيعية؟

المحميات الطبيعية من اسمها كده هي مكان محمي من خلال لوائح وقوانين بهدف حماية الأشياء الموجودة جواه، سواء كانت نباتات أو حيوانات، وظهرت فكرة المحميات الطبيعية للمرة الأولى لما بدأنا نلاحظ إن التوازن البيئي بدأ يختل، ربنا سبحانه وتعالى خلق المخلوقات المختلفة على سطح الأرض من حيوانات ونباتات، وجعل لكل مخلوق منهم دور أو وظيفة بيقوم بيها داخل البيئة، وعلشان كده لو حصل أي تغيير في المنظومة دي بتبدأ البيئة بالكامل تختل، واللي بدوره بيسبب مشاكل كارثية بتأثر على حياة الإنسان نفسه وبتهدد بقاءه، والتغيير في المنظومة دي مقصود بيه إنقراض مخلوق معين وتناقص عدده بشكل كبير، وعشان نوضح الصورة اكتر خلينا نضرب مثالين واحد فى البرية والثانى فى البحر، في الولايات المتحدة الأمريكية بدأ الفلاحين في فترة معينة يشتكو من هجمات البوم والصقور على الكتاكيت والفراخ الصغيرة بتاعتهم، وعلشان كده قرروا إنهم يتصدوا للموضوع ده ويقضوا تمامًا على كل البوم والصقور الموجودين في المكان، وبدأوا كمان يشجعوا بعضهم ويعملوا مسابقات في اصطيادهم، وبالفعل خلال سنة ونص قتلوا أكتر من 125 ألف طائر ما بين البوم والصقور، المشهد لحد اللحظة دي بيبَين إن الفلاحين إنتصروا وأنقذوا الكام كتكوت اللي كانوا بيتاكلوا، لكن المفاجأة اللي مكنش حد يتوقعها هي إن الفئران مابقاش ليها عدو طبيعي في المنطقة، وده بدوره خلاهم يتكاثروا بشكل مهول وبدأت جيوش الفئران تنتشر في القرى بدون أي رادع، وأحدثت خسائر اقتصادية ضخمة وإلتهموا كل الحبوب والمزروعات لدرجة إنهم كانوا هيتسببوا في حدوث مجاعة في المنطقة.

القصة العجيبة للمدينة المكسيكية

على الجانب الأخر وفى أعماق المكسيك، وتحديدًا في شواطيء مدينة صغيرة اسمها (كابو بولمو) Cabo Pulmo، كانوا الصيادين فى عام 1999م بيصطادوا الأسماك بشكل مكثف وبدون توقف، وفِضل الحال على كِده فترة لحد ما اكتشفوا إن السمك في المنطقة بدأ يخلص، وشكل القاع في المياه كان حرفيًا أشبه بالصحراء ومفيش أي مخلوقات بحرية.

في الوقت ده الصيادين عملوا حاجة غير متوقعة بالمرة، قرروا إنهم يتوقفوا عن الصيد تمامًا ويدوا فرصة للأعداد القليلة المتبقية من إنها تتكاثر، وكأنهم أنشأوا حديقة وطنية في البحر أو محمية طبيعية ممنوع الصيد فيها، وبالفعل بعد 10 سنوات من التوقف عن الصيد وتحديدًا في عام 2009، كان ده شكل قاع المياه في منطقة (كابو بولمو) Cabo Pulmo.

الحياة البحرية رجعت للمنطقة بشكل مذهل وبدأ يبقى في تنوع كبير في الأسماك، لدرجة إن منطقة (كابو بولمو) Cabo Pulmo اتحولت لمنطقة سياحية بيجيلها الزوار من كل مكان في العالم علشان يتفرجوا على جمال القاع،

حتى إن الصيادين أصبحوا غير محتاجين للمارسة مهنة الصيد مرة تانية؛ بسبب الدخل المادي الضخم اللي بقى يجيلهم من خلال عائدات السياحة على المنطقة.

كيف يتم عمل المحميات البرية؟

اللي بنحكيه ده كان هو اللبنة الأولى لفكرة المحميات الطبيعية في العالم، علشان نحافظ على البيئة لازم نسيب الحيوانات في مناطق معينة يعيشوا على الفطرة بدون أي تدخل بشرى، لكن طبعا البشر مابيعملوش كده، وفي النهاية بيتسببوا بكوارث ضخمة للبيئة والإنسان، حتى لو على المَدى البعيد، وعلشان كده بدأت الدول تتجه لإنشاء المحميات الطبيعية، مكان آمن بيحافظ على التنوع البيئي الموجود جواه وكأنه أشبه بخزانة مغلقة.
لما نتكلم عن إزاي بيتم إنشاء المحميات الطبيعية على اليابس، أول خطوة بيتم اتخاذها هي البحث عن مكان أو مساحة معينة يكون موجود فيها مجموعة متنوعة من الحيوانات، وفي نفس الوقت يكون أعدادها قليلة ومحتاجة للحماية، وضروري يكون الغذاء بتاع الحيوانات دي متوفر في نفس المنطقة، الخطوة التانية واللي بعد كده بقى بتكون ترسيم حدود المنطقة واسقاطها على الخرائط المحلية والدولية، وبيكون من المفضل كمان إنه يتم إحاطة المنطقة بسور أو بسياج حديدية، وبيبقى الدخول أو الخروج من المنطقة من خلال بوابات و يبقى في رقابة على الأشخاص اللي بيزوروا المكان.

قوانين صارمة

الخطوة اللي بعد كده هي سن القوانين، أي محمية طبيعية في العالم يُطبق على الأشخاص اللي بيزورها عدد من القوانين، أولا مفيش صيد إطلاقًا داخل المحمية ومفيش حد يتعرض للحيوانات بأي شكل من الأشكال، وماينفعش حتى نأكل الحيوانات اللي بنقابلهم جوا المحمية بالأكل العادي بتاعنا لأننا كده بنفسد النظام الغذائي بتاعهم، كذلك ماينفعش نقطع نباتات أو أشجار داخل المحمية، وماينفعش نرمي البقايا والمُعلبات داخل المحمية وخصوصًا كانات البيبسي والأكياس البلاستيكية، وكمان من المهم إننا نقلل من عدد العربيات ووسائل المواصلات داخل المحمية، وأخيرًا بقى ممنوع إننا نستخدم مواد بناء حديثة جوا المحمية، يعني ماينفعش نرصف الطرق بالأسفلت العادي او نبني بيوت ومنشأت بالخرسانة داخل المحمية، وبالفعل لو أي حد زار محمية طبيعية قبل كده هيلاحظ إن الطرق جوا المحمية بتكون عبارة عن طرق ممهدة من التراب أو الرمل من نفس نوع التربة المحمية، والبيوت والإستراحات داخل المحميات الطبيعية بتكون هي كمان مبنية من الطوب اللبِّن والطين.
الخطوات البسيطة اللي بنتكلم عنها دي، لما بيتم تطبيقها بتضمن للحيوانات بإنهم يعيشوا في بيئة بِكر، بعيدًا عن تطفل البشر وبعيدًا عن أي إعتداءات أو ملوثات، وكأنهم موجودين في الطبيعة الصافية قبل وجود الإنسان .

كيف يتم عمل المحميات البحرية؟

اللي فات ده كده كان بخصوص عمل المحميات الطبيعية على اليابسة، أما بقى بخصوص المحميات البحرية فخطوات إنشائها أينعم مشابهة بشكل كبير، لكنها مش هتبقى محتاج لسور أو سياج حديدي لأنك جوا البحر، وفكرة فصلهم عن باقى المسطح المائي، في حد ذاته هيكون مخرب للبيئة البحرية الطبيعة بتاعتهم، اللي بيتم عمله في الحالة دي هو تحديد حدود المنطقة فقط على الخرائط وبيتم تأمينها من خلال قوارب الأمن، وكذلك بيتم مراقبة حدود المنطقة باستخدام الرادار وصور الأقمار الصناعية، وبيتم كمان منع الصيد فى المنطقة بشكل كامل، وبيتم الحفاظ على الشعاب المرجانية الموجودة في المكان، وكذلك بيتم تقنين حركة السفن والبواخر علشان نحافظ على المياه من التلوث، ونحافظ عليها كمان من احتمالية سقوط أي عبوات أو براميل نفطية أثناء مرور سفن النقل، واللي بدوره هيكون أمر كارثي بالنسبة للمخلوقات البحرية الموجودة في المكان.

حماية التراث

أخيرًا من الأشياء المهمة واللي بيتم ضمها للمحميات الطبيعية هو التراث، بمعنى إن لو منطقة موجود فيها شيء أثري أو أشياء تاريخية نادرة زي الحفريات مثلاً، بيكون من المفضل جدًا إنه يتم ضَم المنطقة دي ضِمن حدود المحمية الطبيعية، ويمكن من أشهر المحميات الطبيعية اللي موجود فيها بيئة بحرية وبيئة برية وتراث أثري هي محمية وادي الريان في الفيوم، محمية وادي الريان موجود فيها على اليابسة حيوانات مهددة بالإنقراض، زي الغزال الأبيض والغزال المصرى وثعلب الفنك، وبعض الطيور النادرة زي صقر شاهين وصقر الغزال والعقاب النسارى، وكذلك بعض النباتات البرية، بالإضافة بقى لبيئة مائية كاملة زي العيون والبرك ومنطقة الشلالات، أما بقى بخصوص الحفريات الأثرية، فالمحمية بتحتوي على منطقة (وادي الحيتان) واللي موجود فيها حفريات وهياكل عظمية كاملة لحيتان كانت عايشة في المنطقة من أكتر من 40 مليون سنة، وتعتبر المنطقة هي الأكثر عددًا وتركيزًا من حيث الحفريات مقارنة بباقي المواقع الحفرية الأثرية في العالم كله.