المياه بتغطي 72% تقريبًا من مساحة الأرض، وبالرغم من الكم المهول ده من المياه إلا إننا لحد النهارده لم نكتشف إلا 5% من قاع المحيطات، فهو آخر مكان على وجه الأرض تقدر تسلم من مخاطره ومفاجأته.
وهنا إحنا مش بنتكلم عن أسماك سامة أو مفترسة أو حتى مخلوقات أسطورية زي الكراكن، المحيط بيضم بعض أعجب وأخطر الظواهر اللي ممكن تشوفها في العالم.

الدوامة المائية

لو مليت حوض المطبخ عندك بمياه أكبر من اللي ممكن تصريفها بسرعة وبعدين قفلت المحبس، اللي هيحصل إنك هتشوف دايرة أو دوامة في منتصف المياه وهي عمالة بتصرف من الحوض، تخيل بقى لو الدوامة دِه في المحيط، وأكبر بمئات المرات، ممكن تعمل إيه لو وقعت فيها؟
الدوامات المائية الخفيفة سهل تشوفها في أي مجرى أو جدول مائي، فتيار المياه لو اصطدم في نتوء من أي نوع؛ صخرة أو خلافه، ممكن يلف حواليه بسرعة وتظهر قدامك دوامة صغيرة، لكن في المحيط الموضوع بيبقى أكبر وأخطر من كده بكتير.
تضاريس قاع المحيط والطريقة اللي بتتحرك بيها المياه في المنطقة ممكن التيارات المائية إنها تتعارض مع بعضها وتكون دوامة مائية عملاقة، وغالبًا ما بتحصل الظاهرة دِه مع عملية المد والجزر في المضايق اللي بتدفق فيها المياه بسرعة في المحيطات.

المياه بتلف بسرعة كبيرة وبيوصل قطر الدوامة المائية لأرقام مخيفة، وأقوى دوامة مائية ممكن تشوفها على مستوى العالم، موجودة في شمال الدائرة القطبية الشمالية بالنرويج، وهي الدوامة المعروفة باسم “سالتسترومان Saltstraumen”.
ما يصل لـ 400 مليون متر مكعب من المياه بتندفع بصورة دورية لمسافة 3 كم في قناة عرضها أول عن آخر 180 متر بس، وبسرعة تصل لـ 37 كم في الساعة، ومعاها بتحصل دوامات مائية رهيبة بتوصل أكبرها على مستوى القطر في عز شدتها لـ 10 متر كاملين.
وعلى عكس الشائع بين الناس، النوعية ده من الدوامات ماتقدرش تسحب سفينة أو مركب جواها، لكن السباحين مثلًا، هيواجهوا مشكلة كبيرة لو علقوا فيها وممكن تسحبهم وما يقدروش يخرجوا مرة تانية، كذلك السفن الضخمة، لو دخلت في الدوامة دِه سهل تفقد السيطرة وتتقلب.

الشاهقة المائية

الشاهقة المائية أو العامود المائي هو أحد أخطر وأغرب الظواهر اللي ممكن تشوفها في العالم، عمود دوار من الهواء والضباب بيرتفع قدام عنيك إلى ما لا نهاية وبياخد معاه أي حاجة تيجي في طريقه.
بتتشكل الظاهرة دي في الأساس على البحيرات والأنهار والبحار مع مرور هوا بارد فوق مياه دافية، والظاهرة دِه بيتم تصنيفها في فئات مختلفة، أخطرهم على الإطلاق، هو العمود المائي الإعصاري.
وده بيرتبط ظهوره بالعواصف الرعدية الشديدة والأجواء المصاحبة ليها من حبيبات المطر المتجمدة والبرق، وطبعًا الرياح القوية اللي بتشيل أي حاجة في سكتها.
والظاهرة دي أحيانًا بتنشأ الظاهرة ده في المحيط وما بتثبتش في مطرحها تفضل تتحرك وصولًا لليابس قبل ما تختفي هناك، بس لحد ما تختفي ممكن تتسبب في أضرار سواء للموجودين في المياه، أو حتى على أطراف الموانئ.

زي ما حصل عام 2018 بمدينة “ساليرنو Salerno” الإيطالية في جنوب غرب البلاد،
العمود المائي فضل يتحرك لحد ما قرب من الميناء وابتدى ياكل في الحاويات الموجودة هناك ويرفعها من مطرحها وسط ذهول ورعب من المواطنين، وبالرغم من خطورتها إلا أن وعلى الجانب الآخر ممكن الظاهرة دِه تعود على بعض الناس بالنفع، وتوصلهم من خير البحر لحد باب البيت وكأنها خدمة دليفري.
فالعمود الدوار بيسحب معاه الأسماك أو أي من مخلوقات المحيط، والرياح تاخدها معاها وتنزل على الناس وكأن السما بتمطر سمك.

الموجة المارقة

من حوالي 200 سنة وتحديدًا عام 1826، حكى العالم وضابط البحرية الفرنسي “جول دومون دو أورفيل Jules Dumont d’Urville” عن موجة غير طبيعية شافها في المحيط الهندي، موجة عملاقة وصل ارتفاعها لـ 33 متر كاملين يعني بتتكلم فيما يعادل ارتفاع عمارة مكونة من 11 طابق.
لأ وإيه، ده حسب كلام “أورفيل” فالموجة ظهرت من لا شئ، يعني لا كانت الأجواء عاصفة ولا فيه زلازل ولا أنشطة بركانية ولا أي حاجة تدعو لظهورها من الأساس.
وبالرغم إنه استشهد بـ 3 زملاء كانوا موجودين معاه في نفس الرحلة، إلا أن ماحدش صدقه، بل إن الأمر ووصل لسخرية زملائه كمان من العلماء الفرنسيين، ووقتها تم اعتبار كلامه على أنه خرافات، على غرار الأساطير المعروفة عن عالم البحار، ولعل رد الفعل ده كان متفهم وقتها، خصوصًا أن الشائع في الحقبة ده من الزمن أن أعلى ارتفاع لأي موجة، صعب يتعدى الـ 9 أمتار مش أكتر يعني يدوب مبنى 3 أدوار.

لكن بمرور الوقت، اتكررت الحكايات والتقارير عن موجات عملاقة بتظهر مرة واحدة في المحيط بارتفاعات مغايرة تمامًا عن الموج الطبيعي المتعارف عليه، لحد ما تأكد المجتمع العلمي وأقر العلماء بصحة الظاهرة اللي أطلقوا عليها اسم “الموجة المارقة أو الموجة المتطرفة”.
وأخطر ما في الموجة دِه – بخلاف ارتفاعها وخطورتها على أي جسم في المياه – إن مالهاش كتالوج، أو بمعنى أدق ما تقدرش تحدد هي بتحصل أمتى ولا إزاي، موجة غير متوقعة بتظهر مرة واحدة على سطح المياه بارتفاعات مهولة وقوة رهيبة بتسبب الخطورة على أكبر الأجسام في المياه، حتى لو بنتكلم عن بواخر عملاقة.

تسونامي

مجرد سماع كلمة تسونامي، كافي إنه يدب الرعب في قلب أي حد عايش بالقرب من سواحل المحيط الهادي، المنطقة المعروفة باسم الحزام الناري بتنشط فيها الزلازل والبراكين، وبتتولد معاها أمواج عاتية بيصل ارتفاعها احيانًا لـ 30 متر .
والمخيف في موجات تسونامي، إنها ما بتوصلش للارتفاعات المهولة دِه إلا بالقرب من نهاية حياتها، بمعنى أن الموجة بتبدأ بارتفاعات محدودة في قلب المياه، لكن كل ما بتتحرك ناحية اليابس تبدأ ترتفع زيادة، وده اللي بيخليها تبان قدام الناس أنها ظهرت مرة واحدة قدامهم بارتفاعها الشاهق.
وسرعة حركة الموجة نفسها بتعتمد على مدى عمق المياه اللي بتتحرك عليها، يعني كل ما كانت المياه عميقة كل ما كانت سرعتها أعلى ومش بتهدي السرعة إلا في حالة وصولها لمنطقة ضحلة من المياه، ولك أن تتخيل إن سرعة حركة موجات التسونامي ممكن توصل لنفس سرعة الطيارات النفاثة، واللي بتوصل لـ 800 كم في الساعة.

وفي 26 ديسمبر عام 2004 شهد العالم واحدة من أسوء الكوارث في العصر الحديث على الإطلاق مع زلزال المحيط الهندي اللي نشأ بالقرب من الساحل الغربي لجزيرة سومطرة في إندونيسيا بقوة تتراوح من 9.1 لـ 9.3 درجة، ومعاه موجات تسونامي عملاقة تراوح ارتفاعها من 15 لـ 30 متر نزلت على 14 دولة، وما بين الزلزال والتسونامي، وصل عدد الضحايا لـ 230 ألف إنسان وتشريد ما يقرب من 1.7 مليون فرد.

ميتيوتسونامي

زي ما فيه موجات تسونامي، فيه موجات معروفة باسم “ميتيوتسونامي meteotsunami”، وده بتبقى أقل بكتير في سرعتها وارتفاعها عن موجات التسونامي، طيب لما هي كده، تبقى خطيرة إزاي بقى؟
خطورتها إنها مش محتاجة زلزال ولا انفجار بركاني عشان تحصل، لكنها مرتبطة بالأجواء المناخية واضطرابات ضغط الهواء مش أكتر، يعني لو فيه عاصفة رعدية مثلًا أو غيرها، تلاقيها ظهرت فجأة في المياه بارتفاعات ضخمة، ووجودها مش مقتصر على مسطح مائي بعينه، لكن سهل تظهر في المحيطات والبحيرات وغيرها.

وبحسب عالم المحيطات الفيزيائي “إريك أندرسون Eric Anderson”، فالـ ميتيوتسونامي سهل جدًا تبقى مميتة على أي شخص في المياه وقت ظهورها ومن السهل تقلب القوارب في المياه، بالإضافة إنها بتسبب حالة أشبه بالفيضانات وبتاخد أي حاجة في سكتها من حطام وخلافه لليابس ومن الممكن يوصل تأثيرها لتدمير الأكواخ والمنازل، وكل ده بدون أي توقعات أو تحذيرات مسبقة.

ميجا تسونامي

لعل أخطر موجات التسونامي على الإطلاق هي المعروفة باسم ميجا تسونامي، النوعية ده من الموجات بتتولد نتيجة سقوط أجسام عملاقة في المياه أو حتى بالقرب منها، زي سقوط المذنبات مثلًا أو تساقط الصخور الناتج عن الأنشطة البركاني، هنا بقى أنت مش بتتكلم عن موجات بارتفاع 15 و30 متر – لأ – أنت بتتكلم عن موجات وحشية ممكن يوصل ارتفاعها لـ 500 متر كاملين.
في عام 1958 حصل انهيار أرضي ضخم في خليج “ليتويا Lituya Bay” في ألاسكا، والنتيجة كانت ميجا تسونامي وصل ارتفاع موجاتها لـ 524 متر كاملين.
وبالرغم من هول الواقعة، إلا أنه من رحمة ربنا ماكنتش فيه خسائر ضخمة على مستوى الأرواح باستثناء 5 أفراد.

الأعاصير

لعل الأعاصير هي أخطر ظواهر المحيط على الإطلاق، خصوصًا لما نتكلم عن أعاصير من الفئة الخامسة، وهي الأعاصير اللي بتتعدى سرعة الرياح فيها الـ 215 كم في الساعة،
وعشان تستوعب قد إيه قوة وخطورة الأعاصير، فلك أن تتخيل أن الطاقة اللي بتنتج عن الأعاصير المتوسطة في اليوم الواحد، بتفوق القوة الناتجة عن انفجار نص مليون قنبلة نووية من الحجم الصغير.
وخد بالك هنا إننا بنتكلم عن إعصار متوسط القوى وبنتكلم عن القوى الناتجة عنه في يوم واحد بس، علمًا إن الأعاصير مش بالضرورة تخلص في يوم واحد، والأسوء من كده هي المنطقة اللي بيغطيها الإعصار نفسه، فالإعصار المكتمل ممكن يوصل مداه لأكتر من 800 كم في محيطه.
و”ناسا” بتشبه العواصف الاستوائية بمحرك عملاق بيستخدم الهوا الرطب الدافئ وكأنه بنزين، فالعواصف دِه بتحتاج الهواء الدافئ وعشان كده بنلاقيها غالبًا بتتشكل بالقرب من خط الاستواء.
ولو سرعة الرياح تعدت الـ 63 كم في الساعة، فده بيخلق عاصفة استوائية، وأول ما توصل السرعة لـ 119 كم في الساعة وأنت طالع، فهنا أنت بتتكلم في “إعصار”.

وعلى مدار التاريخ وكانت الأعاصير سبب في نسف مناطق بأكملها من على وجه الأرض ومعاها ضحايا بالآلاف، ولك أن تتخيل أن فيه عشرات من الأعاصير اللي ضربت الأرض في السنين الأخيرة، لعل أشهرهم ومن أشدّهم على مستوى الخسائر هو إعصار كاترينا عام 2005 اللي ضرب الولايات المتحدة الأمريكية.
إعصار كاترينا كان من الفئة الخامسة مع سرعة رياح قُدرت بـ 280 كم في الساعة، جدار من الأمواج ضربت الشواطئ وحاصرت السكان وتحولت الشوارع لبحر من المياه الممتلئة بجثث الضحايا، واتسبب الإعصار في وفاة ما يقرب من 2000 إنسان وتشريد 400 ألف بمدينة “نيو أوليانز New Orleans” لوحدها، ووصل حجم الخسائر المادية الناتجة عن اعصار كاترينا، لـ 108 مليار دولار.