من أجمل المناظر اللي ممكن تشوفها هي شلالات المياه سواء كانت ظاهرة من علي سطح الأرض أو موجودة تحت الأرض، إلي جانب أشكال الصخور الملفتة اللي ربما تكون أتكونت نتيجة للترسبات اللي في المياه نفسها.

شلالات روبي عمرها 30 مليون سنة

شلالات روبي موجودة في منطقة تحت الأرض في مغارة أو كهف بداخل جبل يسمي “لوكأوت Lookout”، واللي بيقع في جنوب ولاية “تنيسي tennessee” بالولايات المتحدة الأمريكية.
وتعتبر شلالات روبي موطن لأطول وأعمق شلال تحت الأرض مفتوح كمزار في الولايات المتحدة، ومُدرجة في السجل الوطني للأماكن التاريخية كواحدة من مناطق الجذب السياحي الرئيسية، بل وبتعتبر واحدة من أكثر الشلالات المدهشة في العالم كله.
يقع مدخل الشلالات دي بالتحديد عند قاعدة جبل “لوكأوت Lookout”، وبتقع علي مساحة 13 فدان وبأرتفاع يصل إلى 44 متر، ويُقدر عمر شلالات روبي بحوالي 30 مليون سنة، لكن بيرجع تاريخ أكتشافها لأول مرة في عام 1928، من قبل الكيميائي “ليو لامبرت Leo Lambert”.
وفي عام 1930 تم أفتتحها ولكنها كانت عبارة عن كهف فيه بعض الصخور والتكوينات الجيولوجية، واللي كانت مجال بحث للكيميائي لامبرت وكانت سبب في استكشاف الشلال، وعشان يتم الوصول للشلال تم أنشاء مصعد كهربي بينزل تحت الأرض بمسافة لا تقل عن 26 دور تقريبًا، ومع عام 1975 تم بناء مخرج بديل وهو عبارة عن مجموعة سلالم، لأستخدامها في حالة حدوث خلل في المصعد، وبتستمر الجولة لمشاهدة الشلالات في المتوسط لمدة ساعة و 15 دقيقة تقريبًا.

تاريخ الشلالات

من حوالي 240 مليون سنة أو أكتر وبالتحديد في الفترة الكربونية في نهاية العصر الحجري القديم، كانت منطقة تينيسي الشرقية مغطاة بمياه البحر لكن المياه كانت بتنحسر مع الوقت، وتَشكلت الرواسب اللي كونها البحر في النهاية علي شكل صخور من الحجر الجيري. والحجر الجيري هو صخور رسوبية بِتتكون من طبقات متتالية من الصخر الزيتي والرمل المُغطى بالحصى، لكن اللي حصل هو أن نتيجة بعض العمليات الكيميائية للصخور وتأكل المياه الجوفية ليها، شكلت المنطقة مجموعة كهوف واللي منها كهف جبل “لوكأوت Lookout” وكهف شلال روبي.
وممكن نقسم العملية اللي بيها بيَتم تشكُل كهف من الحجر الجيري إلى عدة مراحل، أول حاجة أنه مع سقوط مياه الأمطار بتمتص المياه دي ثاني أكسيد الكربون اللي في الهواء ومن التربة اللي بتسقط عليها،وبتحول ثاني أكسيد الكربون إلى حمض ضعيف جدًا يسمى حمض الكربونيك، وبعدها بيتلامس الحمض الضعيف ده مع صخور الحجر الجيري، ومع وجود تيارت هواء بيبدأ الحمض تدريجيًا ياكل الحجر، الأمر اللي بيسبب حدوث فراغات أكبر تشكل الكهوف والممرات، والعملية دي بتُسمى “التجوية الكيميائية”.
المهم أن بعدها بفترة مش كبيرة تم تجهيز المنطقة دي لتشكيل جبل لوكأوت وبعض التلال اللي كانت قريبة من المكان، ويُقال إن أول من أكتشف طريق الكهوف دي هم الأمريكان الأصليين، واللي استخدموه بشكل متكرر خلال حروب أهلية في وقتها، وبعض الرويات بتقول أن السكان الأصليين كانوا بيقوموا فيها الحفلات للرقص وغيرها من الطقوس الخاصة بيهم.

ومن الحاجات اللي بتميز كهف روبي هي وجود مجموعة متنوعة من التكوينات الجيولوجية ومنها الأحجار الجيرية اللي مش بيمتلكها أي كهف غيره، ويُقال إن الكهف تم أكتشافه بالصدفة من خلال أعمال حفر لإعادة افتتاح نفق قطارات قديم، لكن في النهاية تسبب النفق في أغلاق المدخل الطبيعي للكهف.
أما عن الشلالات فرجع الفضل في اكتشافها إلى “ليو لامبرت – Leo Lambert”، وكان بيسعى لإعادة فتحه مرة تانية معتقد أن كهوف الحجر الجيري داخل جبل لوكأوت هتُمثل معلم سياحي مثير للأهتمام؛ ولأن كهف روبي مكنش له أي منافذ طبيعية يمكن الدخول منها، فكانت فكرته بتتمثل في حفر عمود كمصعد من أعلى نقطة على الجبل للوصول إلى أسفل الكهف، وبالفعل بدأ العمل في الإنجاز الهندسي ده في خريف عام 1928.
في 28 ديسمبر 1928 وأثناء حفر عمود المصعد اكتشف عامل بيشغل على آلة ثقب الصخور وجود فراغ في الصخور دي، واللي خرج منه تدفق في الهواء بشكل واضح فيها، و بعد مزيد من الفحص تم أستكشاف الكهف الجديد وهو كهف شلال روبي.

وأثناء استكشافهم وجدوا أعداد من التكوينات الصخرية الجميلة بالإضافة لوجود الممرات المتدفقة، وومع مزيد من الأستكشاف بعمق في الكهف وصلوا أخيرًا إلى أحد المناظر الرائعة وهو الشلال، واستغرقت رحلة الكشف دي حوالي 17 ساعة متواصلة.
وبعد ما رجعوا من رحلتهم الطويلة للكهف لأستكشاف الكهف إصطحب زوجته لرؤية العديد من العجائب اللي اكتشفوها هناك، ومن هنا تم تسمية الشلال بأسم “شلالات روبي” نسبًة إلى زوجة الاستكشافي “ليو لامبرت”.
أستمر تطوير كل من كهف لوكأوت وكهف روبي الجديد وتم بناء مدخل من الحجر الجيري لكل كهف، وتم وصف المدخل بأنه المدخل الأكثر روعة في العالم، بالأضافة لتصميم “قلعة الكهف”، ويُقال أنها على غِرار قلعة أيرلندية من القرن الخامس عشر.
وأستمرت الجولات السياحية للكهفين مفتوحة من عام 1930 لغاية 1935 تقريباً، لكن في نهاية المطاف أدى تفضيل الجمهور لإختيار كهف شلال روبي ومن ثم إلي إغلاق كهف لوكأوت الأصلي.
والسؤال هنا هو أيه سبب تكون الشلالات دي أو المياه دي بتيجي إزاي أصلاً؟، الشلال عبارة عن تيار من أعلى لأسفل طبعاً، وبيتم تغذية التيار ده بمياه الأمطار والينابيع الطبيعية، وبتتجمع بعد كده في بركة في أرضية الكهف وبعدها بيستمر تدفق المياه حتى تنضم أخيرًا إلى نهر تينيسي عند قاعدة جبل لوكأوت.

الشلال من الداخل

وزي ما قولنا الشلال بيتواجد فيه مجموعات مختلفة من الصخور والمعادن، واللي أتشكل منها أشكال ضخمة من الأحجار والأعمدة المتراكمة حوالين الشلال، بالإضافة لوجود العديد من التشكيلات الحجرية اللي ليها أسماء غريبة زي برج المائل، خلايا النحل، وقاعة الأحلام؛ ونتيجة لكونها تحت سطح الأرض فالأضاءة بتكون ضعيفة وخافتة، عشان كده تم تزويدها بأعمدة إنارة بتتكون مما يقرب من 500 ضوء؛ عشان يسهل حركة الزوار ويلقي الضوء علي شكل الشلال بكل تفاصيله الجميلة، مع توفير نظام صوتي بيشرح تاريخ الشلالات ومكوناتها للزوار.
وفي عام 2009 تم تزويد شلالات روبي بخدمة الإنترنت بالإضافة إلي الألواح الشمسية واللي بتنتج 16000 كيلو واط في الساعة من الطاقة المتجددة، واللي بدوره قلل بدرجة كبيرة من استهلاك الطاقة في المكان.

وفي السنوات الأخيرة وإلي جانب كونها معلم سياحي رائع تم عمل برنامج خاص في أوقات الأعياد والمناسبات الرسمية، حيث أنها جذبت في العام الماضي أكثر من 20000 زائر.
معظم اللي بيتكلم عن شلالات روبي بيوضح قد أية هي جميلة وأنها منظر طبيعي خلاب، إلا إنها للأسف بتمثل مؤخراً خطر علي الزوار بالإضافة للموظفين اللي بيوصل عددهم لـ 200 موظف؛ وده بيرجع لكونها عُرضة أكبر للزلازل والكوارث الطبيعية بمعدل مرتفع نسبياً، ومع ذلك مازالت شلالات روبي أحد أهم المعالم السياحية واللي بيتوافد عليها الألاف يوميًا، بل وبيعتمد عليها كأحد مصادر للدخل القومي.