المُذنبات هي واحدة من الأجرام السماوية اللي بتتكون من كتل جليدية وصخور وبعض الغازات، والأجرام دي عادة غير منتظمة الشكل، وبتكون أجسام ضخمة جدًا جدًا مساحتها بتتقاس بالكيلومترات، ووزنها بيكون ملايين الملايين من الأطنان.
ولك أن تتخيل إن النيازك والشُهب اللي بنشوفها في السماء، بيكونوا في الغالب عبارة عن فتات بسيط بيسقط من المُذنبات أثناء حركتها؛ وعشان كده البعض بيسموا المذنبات بأقارب الكواكب والكويكبات.
ومن السمات الرئيسية للمًذنب هي إن الجليد أو التلج ده بيكون واخد حيز كبير جدًا من كتلته، ودي طبيعة خاصة بيهم هما مختلفة عن غالبية الأجسام التانية الموجودة في الفضاء.
والمُذنبات موجودة في نظامنا الشمسي عادي وبتدور حوالين الشمس، ومسار تحركها قد يكون عشوائي، وقد يكون في شكل قطاع ممكن كمان يكون بيضاوي زيه زي الكواكب التقليدية، لكن ده ميمنعش أن فيه عدد كبير من المُذنبات بيمر عبر المجموعة الشمسية مرة واحدة بس وما بيمرش تاني أصلًا.

شوميكر ليفي 9

من حوالي 50 سنة ظهر فجأة في محيط المجموعة الشمسية مُذنب ضخم أُطلق عليه اسم (شوميكر ليفي Comet Shoemaker–Levy 9 – 9).
المُذنب ده كان جاي من أطراف المجموعة الشمسية، ومتجه بقوة ناحية الأرض والشمس، وكأنه في نيته يدمر أي حاجة تيجي في وشه، لكن لحسن حظنا ربنا سبحانه وتعالى خلق في نظامنا الشمسي حارس ضخم عملاق اسمه كوكب المُشتري.
أثناء إندافع مذنب (شوميكر ليفي 9) ناحيتنا عدى بالصدفة من جنب المشتري، وتقدر تقول كدا أن المشترى خده تحت باطه، إستناه لما يقرب منه بمسافة مناسبة واللي تم تقديرها بحوالي 40 ألف كيلو متر وراح شادد المذنب ناحيته وأجبره إنه يلف حواليه ويخليه تابع ليه.

وعلى مدار عدة سنوات جاذبية المُشتري فتت المُذنب ده قدر الإمكان وتفكك المذنب لجزئين، وبعدها إتحول المذنب لسلسلة ضخمة من الصخور العملاقة اللي قطرها بيتراوح من 2 إلى 3 كيلو متر.
ومع حلول الفترة من 16 لـ 22 يوليو عام ،1994 بدأت الصخور دي تنزل زي المطر على كوكب المُشترى بسرعة مهولة تخطت 60 كيلو متر ثانية، وأحدثت على سطح المُشتري ندوب وفراغات عملاقة بيتم رؤيتها بسهولة من على سطح كوكب الأرض من خلال التليسكوبات.
واستمر تأثير الصدمات دي في الغلاف الجوي هناك لعدة أشهر لدرجة إن الندوب دي في وقتها كانت بارزة أكتر من (البقعة الحمراء العظيمة Great red spot) اللي موجودة على سطحه، واللي تعتبر أضخم إعصار في المجموعة الشمسية واللي بتميز كوكب المُشتري عن أي كوكب تاني.

اللي رصد السيناريو ده بقى للمرة الأولى كان الجيولوجي الفلكي الأمريكي (يوجين ميرل شوميكر Eugene Merle Shoemaker)، وزوجته (كارولين شوميكر Carolyn Shoemaker)، واللي لما رصدوا ووثقوا حادث الإصطدام عملوا ضجة شديدة في وسائل الإعلام.
والحدث ده سلط الضوء داخل المجتمع العلمي وقتها بأهمية كوكب المُشتري للمجموعة الشمسية، ودوره المهم في تخليص الأرض والكواكب التانية الصغيرة من خطر إصطدام الجسيمات بسطحه.
وفي عام 2009 ظهرت دراسة كان مفادها إن لو كوكب المُشتري مكنش موجود في المجموعة الشمسية وكان موجود مكانه كوكب أخر صغير في الحجم مثلًا، كان زمان الحياة على كوكب الأرض تم إبادتها من آلاف السنين.

مذنب هيل بوب

في عام 1995 كان الفلكي (توماس بوب Thomas Bopp) خارج مع اصحابه بليل وبيتأملوا السما بالقرب من مدينة (ستانفيلد الأمريكية Stanfield)، وأثناء مراقبته لعناقيد النجوم والمجرات، شاف بالصدفة جسم غريب مُضئ بيعدي من جنب كوكبة (القوس)، ولما بدأ يراجع السجلات ويشوف هل المفروض يكون فيه جرم سماوي في المكان ده ولا لأ، إكتشف إنه مفيش.
وهنا أدرك توماس إنه إكتشف مُذنب جديد، وقرر إنه يرسل برقية للمكتب المركزي الفلكي عشان يعلِمهم بتفاصيل الأمر، لكن اللي إستلم البرقية ضحك جدًا نظرًا لكونها وسيلة بدائية في التواصل، ومابقاش لسه حد بيستخدمها، ده غير إنها أخدت وقت طويل على ما وصلت، وفعلًا في الوقت اللي وصلت فيه البرقية من خلال البريد، كان فيه شخص تاني أرسل حوالي تلاتة بريد إلكتروني للمكتب حكالهم فيه عن نفس الواقعة وأرفق الإحداثيات اللي شاف فيها المذنب، والشخص ده كان الفلكي (آلان هيل Alan Hale)؛ وعشان كده المُذنب اتسمى فيما بعد بمُذنب (هيل – بوب Hale – Bopp) نسبةً للأتنين.

والغريب في المُذنب ده إنه فضل ظاهر في السما لفترة تعدت الـ 18 شهر، وبناءًا عليه كان في الصدارة لأطول فترة تم مشاهدة مُذنب فيها بالعين المُجردة، وكان بيلمع أكتر من أي نجم في السما باستثناء نجمة الشعرى اليمانية؛ وعشان كده تم تصنيفه بأنه أحد ألمع وأوضح المذنبات اللي ظهرت في القرن العشرين، ولما بحثوا عن سبب لمعانه الشديد ده، إكتشفوا إنه راجع في الأساس لحجم المذنب الضخم.
المُذنبات التقليدية بيكون قطر نواتها في العادة بيتراوح بين 1.6 إلى 3.2 كيلومتر، المُذنب ده بقى كان قطر نواته 40 كيلومتر، وعشان كده كان بيتم مُشاهدته بوضوح حتى من المدن المضيئة.
وقدر يهرب مذنب هيل بوب من جاذبية كوكب المشترى ومر مرور الكرام بدون أي تصادمات تذكر داخل المجموعة الشمسية.

مذنب هيكوتيك

في يناير عام 1996، مر مُذنب لامع بجوار سطح الأرض، رأسه كانت أشبه بكرة متوهجة باللون الأخضر بتخفي بداخلها نواة كثيفة من الجليد، والمذنب من بعيد كان بمثابة نقطة زرقاء جليدية ليها ذيل غازي خافت، وكان ضوئه واضح في السما لغالبية دول العالم، ودرجة لمعانه فاقت درجة لمعان المُذنب (هيل – هوب)، لكن بعد أقل من شهرين على ظهوره واكتشافه، وتحديدًا في أواخر شهر مارس، بدأ المُذنب ده -والمعروف بـ (مذنب هيكوتيك Comet Hyakutake)- يعمل حاجة غريبة جدًا.
المُذنب بدأ يقترب من كوكب الأرض بشكل ملحوظ، والمسافة بينه وبين الكوكب كانت تقريبًا عُشر (1/10) المسافة بين الأرض والشمس، واللي تعتبر أقرب مسافة يقرب فيها مُذنب من الأرض على مدار القرنين اللي فاتو.
وفضل على الوضع ده فترة، لحد ما قرر لسببٍ ما إنه يسيبنا في حالنا ويستكمل مشواره خارج المجموعة الشمسية، والفلكيين توقعوا أنه مش هيرجع يدخل مجموعتنا الشمسية تاني قبل 70 ألف سنة.
وتم إكتشاف المُذنب لأول مرة على يد عالم الفلك الياباني (يوجي هيكوتيك Yuji Hyakutake)؛ وعشان كده المُذنب بيحمل نفس اسمه، وأطلق عليه أيضًا لقب “المُذنب العظيم لعام 1996”.

مُذنب هالي

في عام 1531 عالم الفلك والرياضيات (بيتروس أبيانوس Petrus Apianus) لاحظ مرور مُذنب غريب في السما، المذنب كان ضخم وغير منتظم الشكل طوله كان حوالي 15 كيلو متر، وعرضه يُقدر بـ 8 كيلو متر، وكان أشبه بنواة مركزية بيُحيط بيها هالة أو غيمة من الغُبار والجسيمات الصلبة، وبينطلق منها ذيل طويل من الغاز وذيل آخر من الغبار.
وفي عام 1607 عالم الفيزياء الألماني (يوهانز كيبلر Johannes Kepler) شاف هو كمان مُذنب غريب بيمر في السما.
وأخيرًا مع حلول عام 1682 عالم الفلك البريطاني (إدموند هالي Edmund Halley) شاف هو كمان مُذنب غريب بيمر في السما، لكنه لما راجع السجلات التاريخية، أدرك إن المُذنب اللي شافه هو نفس المذنب اللي (يوهانز كيبلر) شافه وهو برده نفس المُذنب اللي (بيتروس أبيانوس) شافه، وتنبأ بإن الميعاد التالي اللي المُذنب ده هيمر خلاله في سماء كوكب الأرض هيكون عام 1758م، وقال أن المذنب بيتسغرق حوالي 76 سنة عشان يتم دورة كاملة حوالين الشمس.
وبالفعل مع حلول عام 1758 المذنب مر من سماء كوكب الأرض مرة تانية، لكن إدموند هالي للأسف مالحقش يشوفه؛ لأن كان توفى قبل مرور المُذنب بحوالي 16 عام.
ونظرًا لإكتشاف إدموند هالي للمذنب، وإنه أول شخص أثبت إن المُذنبات بتدور حوالين الشمس، فتم تسمية المذنب الشهير باسمه، وأصبح (المُذنب هالي) أحد أشهر وأقدم المذنبات في التاريخ الحديث.
وأولى الخطوات اللي أخدناها لدراسة المُذنبات وخصوصًا مُذنب هالي، هو إننا التقطنا بعض الصور ليه من داخل كوكب الأرض أثناء مروره، لكن بعد كده الموضوع تطور تدريجيًا وقدرنا نحصل على لقطات من خلال التليسكوبات والأقمار الصناعية، وقدر العلماء كمان إنهم يتتبعوا المُذنب حتى وهو بعيد عن سطح الكوكب، وتم إرسال أربع مركبات فضائية حلقت بالقرب منه ومدتنا بالمعلومات عن طبيعته وتركيبه الكيميائي.