الأكسجين واللي نسبته في الغلاف الجوي حوالي 21 %، هو واحد من أهم أسباب وجود الحياة على سطح الأرض؛ لأننا ببساطة بنتنفسهم، وده بالإضافة لكونه بيدخل في تكوين المياه لما بيتحد مع غاز الهيدروجين، وده غير إنه له دور مهم في تكوين غاز الأوزون اللي بتحمينا من الأشعة المُميتة، يعني من الأخر كده من رابع المستحيلات إننا في يوم نقدر نستغنى عنه أو نلاقيله بديل مثلاً، فـ الحمد لله إنه موجود حوالينا في كل مكان.
لكن إيه ده ثواني، الأكسجين موجود حوالينا ونسبته ثابتة، وبنقدر نتنفسه بسهولة، لكن بالرغم من كده بنشوفه بيدخل في المجال الصناعي والطبي كمان.

ليه بيعبوا الأكسجين في إسطوانات؟

خلينا في البداية نجاوب عن التساؤل المهم، ألا وهو، ليه أصلاً الأكسجين يتعبى في إسطوانات، والحقيقة إجابة السؤال ده بتتلخص في إن أسطوانات الأكسجين بيتم إستخدامها مع الحالات اللي بيكون من الصعب فيها إننا نتنفس الأكسجين بشكل طبيعي، زي مثلاً أثناء الغطس وتسلق الجبال، وكذلك واحد من أهم إستخدامات الأكسجين المُعبأ على الإطلاق، وهو العلاج بالأكسجين وأَغلب الحالات اللي بيتم فيها وضع مريض على جهاز تنفس صناعي، بتكون في حالات أمراض الجهاز التنفسي زي الإصابة بـ فيروس كوفيد 19، لكن أصلاً ليه اللي بيحصل داخل الرئة المُصابة، وبيخليها مش قادرة تقوم بعملية التنفس؟.
لما بنتنفس، الهوا بيدخل من الأنف ويمر من خلال القصبة الهوائية لحد ما يوصل للرئة، وهناك بتبدأ القصبة الهوائية تنقسم لفروع أصغر بتعرف بإسم (القصيبات).

والقصيبات دي بتتصل في النهاية بعدد من (الحويصلات الهوائية)، واللي بتكون عبارة عن أكياس بتشبه البالونات في طريقة عملها، بتنتفخ أثناء الشهيق، وبتنقبض أثناء الزفير، والحويصلات دي بقى، هي اللي بتتصل بالدم بشكل مباشر من خلال شعيرات دموية دقيقة، وبالتالي بتدي أكسجين للدم عشان يقوم بالعمليات الحيوية داخل الجسم، وبعد كده بتاخد منه ثاني أكسيد الكربون مرة تانية.
لما بنصاب بقى بأي مرض رئوي زي فيروس كورونا مثلاً، بيبدأ الفيروس يتحرك في القناة التنفسية إبتداءًا من القصبة الهوائية لحد مايوصل للرئة، وهناك بيوصل للحويصلات الهوائية وبيدمر الخلايا الموجودة فيها، وبناءًا عليه بتبدأ الحويصلات تتملي بخلايا إلتهابية بالإضافة لكمية من السوائل، وبالتالي عملية تبادل الأكسجين مع الدم بتكون غاية في الصعوبة، وبالتالي نسبة الأكسجين في الجسم بتقل جدا عن المعدل الطبيعي وتبدأ نسبة ثاني أكسيد الكربون بتزيد؛ وعشان كده بنكون محتاجين وسيلة تحل المشكلة دي، وترجع الأمور لطبيعتها، والوسيلة دي هي (جهاز التنفس الصناعي).

الأطباء عشان يحطوا مريض على جهاز التنفس الصناعي، بيقوموا في البداية بتخديره، وبعد كده، بيدخلوا أنبوب رفيع من خلال الحنجرة، لحد ما يستقر داخل القصبة الهوائية، وبعد كده بيبدأ جهاز التنفس الصناعي في ضخ الأكسجين بضغط أعلى من الموجود في الهواء الطبيعي؛ وده عشان يقدر يمر من خلال الممرات الضيقة نظرًا لوجود السوائل الإلتهابية في المكان، لحد ما يوصل في النهاية للحويصلات الهوائية اللي مازالت بتعمل، وكذلك الحويصلات اللي بتعمل بشكل جزئي، عشان تتم عملية تبادل الأكسجين مع الدم بشكل طبيعي.
ده غير إن الهدف الأساسي من (جهاز التنفس الصناعي) هو إنه يدي للرئتين وقت مناسب عشان تتعافى وتتعامل مع الخلايا والحويصلات المُصابة، بدون ما نسبة الأكسجين تقل في الدم عن المعدل المطلوب للحياة؛ وعشان كده بيفضل المريض على جهاز التنفس الصناعي لأيام أو لأسابيع، لحد ما الأطباء يتأكدوا إن الرئتين بتوعه تعافوا تمامًا وبقوا قادرين يقوموا بمهامهم.

تاريخ الأكسجين

تاريخ إكتشاف الأكسجين كان في عام 1772 من قبَّل عالم الكيمياء والصيدلي السويدي “كارل فيلهلم شيله Carl Wilhelm Scheele”، لكنه للأسف إتأخر في تسجيل أبحاثه لحد سنة 1777، وفي الأثناء دي قدر الكيميائي الإنجليزي “چوزيف پريستلي Joseph Priestley” في عام 1774 إنه يكتشف الأكسجين بشكل مُستقل وسجل أبحاثه في نفس السنة.
وفي عام 1885 كانت أول مرة يتم فيها إستخدم الأكسچين كعلاج للإلتهاب الرئوي، وده كان على إيد الطبيب “چورچ هولتزابلي Dr. George Holtz”، وبعدها بسنتين بس تم إختراع جهاز يقدر يخزن الأكسجين.
ومع بداية القرن العشرين، وتحديدًا في سنة 1900، تم استخدام قسطرة الأنف لأول مرة كقناة للعلاج بالأكسجين.
وفي عام 1917 صمم عالم الوظائف الإنجليزي “جون سكون هالدين Jon Scott Haldane” جِهاز الأكسجين وإستخدمه في علاج الجنود اللي إتعرضوا للإختناق بالغاز في الحرب العالمية الأولى.
وفي أوائل السبعينيات، بدأ مُوَردين الغاز الطبيعي إنهم يصنعوا إسطوانات أُكسجين بأحجام كبيرة، ومع أواخر السبعينيات، أصبحت مُكثفات الأكسجين اللي تَصميمها بيعتمد على سحب الأكسجين من الهوا المحيط بصورة مباشرة، وتحويله لأكسجين نقي، متاحة للإستخدام المنزلي، ومع تطور تقنيات الصناعة والتعبئة، بدأت إسطوانات الأكسجين تطور بشكل كبير عن الماضي وأصبحت متاحة للمستهلكين، وفي مقدورهم يستخدموها بمفردهم، وبدون أي إشراف كمان.

هو الأكسجين ده بيعبوه إزاي؟

نيجي بقى للسؤال المُحير في نفس الوقت، هو الأكسجين ده بيعبوه إزاي؟، بتبدأ رحلة إنتاج الأكسجين الصناعي من خلال سحب الهوا الجوي عن طريق مكبس توربيني بيشبه الماسورة الضخمة، وبعد كدا ومن خلال وصلات معينة بيمر الهوا ده داخل المكبس؛ عشان يتم ضغطه وتحويله إلى هواء سائل.
والهوا السائل بنحصل عليه لما بنوَّصل درجة حرارة الهوا لحوالي (-183 درجة مئوية)، وبعد ما بنحصل عليه، بيتنقل لخزانات ضخمة معزولة، معروف بأعمدة الفصل، وهناك بيبدأ تسخين الهوا السائل لدرجة مُعينة، عشان يتم التخلص من النيتروجين وغيره من الغازات الغير مرغوبة.
وفي النهاية بيتم الحصول على هوا سائل بيحتوي مُعظمه على الأكسجين، وبتوصل نسبته من 97 ل 100% أكسجين، بعد كده بيتم وضع الهواء السائل ده في خزان معين، وبيتم تسخينه مرة تانية عشان يتحول لغاز، وبعد ما بيتحول لغاز، بيتم عمل وصلات بين الخزان وبين الأنابيب الفاضية، وبطريقة ضغط معينة، بيبدأ الأكسجين يدخل جوا الأنابيب ويشغل حيزها بالكامل.

وبعد ما بتتملي الأسطوانة بالأكسجين بيتم قفلها بإحكام وبتتشخن داخل الإسطوانات من المصنع وتروح على المستشفيات والمصانع وغيرها من الأماكن اللي يتكون محتاجاها؛ فعشان نوصل للاكسجين وهو جوا الأنبوبة بنحتاج نبرده لحد ما يبقى سائل وننقيه ونرجع نسخنه عشان يتحول غاز وإحنا مسيطرين عليه.