معظم الناس عندهم خلفية أو سمعوا بالفعل عن مثلث برمودا في غرب المحيط الأطلسي، بس كتير ما يعرفوش أن فيه منطقة مشابهة للمثلث ده موجودة في المحيط الهادي، وشهدت حوادث اختفاء غامضة وعجيبة مماثلة لمثلث برمودا أو أشد غرابة عنها، وهي المنطقة اللي بتقع بالقرب من الساحل الياباني معروفة باسم مثلث التنين أو مثلث برمودا المحيط الهادي، بس اليابانيين بيطلقوا عليها اسم “مونو أومي ma no umi” أو بحر الشيطان، وحالة الحيرة اللي تسببت فيها المنطقة ده مع ابتلاعها لعدد كبير من السفن والطائرات أدت لظهور عدد من التفسيرات والنظريات العجيبة، منها بيقترح أن المثلث بيضم ثقب أسود أو مدخل بياخدنا لبعد آخر أو عالم موازي.

مثلث ضخم وظواهر غير مفهومة

الإحداثيات الدقيقة لموقع مثلث التنين بتختلف من مصدر للتاني، لكن معظم الدراسات أشارت إن المنطقة ده أشبه بمثلث يقع في المحيط الهادي بين الساحل الياباني في جنوب طوكيو وبين الفلبين وجزر الماريانا بالقرب من الخندق اللي بيحمل نفس الإسم، وبتوصل مساحة المنطقة ده لحوالي 800 ألف كم مربع بتغطي فيها جزء كبير من بحر الفلبين.
وشهد مثلث التنين على مدار التاريخ عدد متلاحق من حوادث اختفاء غير طبيعية بالمرة، والحوادث ده هي الأمر الوحيد اللي قادرين التثبت منه؛ فأنت بتتكلم على سفن أو طائرات دخلت المنطقة واختفت منها بدون سابق إنذار، لكن على الجانب الآخر فيه أمور عجيبة مرتبطة بالمكان بيدّعي أصحابها أنهم مروا بيها في بحر الشيطان.
فبعض الناس اللي مروا بالمنطقة وخرجوا منها بسلام صرّحوا إن الطقس فيها بيتغير بشكل جذري ومفاجئ، وبدون أي سبب أو مقدمات تديهم فرصة ياخدوا احتياطاتهم، وفيه اللي أّدعى رؤية سفن غير طبيعية بتمر في المنطقة مافيش على متنها أي عاملين أو ركاب أطلقوا عليها إسم سفن الأشباح، وروايات عن تعطل الأجهزة الالكترونية في المنطقة وتوقف البوصلة عن العمل أو حركتها بشكل غير طبيعي.
وأخيرًا ناس بتدعي احساسها بتنقاضات زمنية في مثلث التنين، يعني شوية يحس إن الوقت أصبح أبطأ من الطبيعي وشوية يفاجئ إن الوقت عدى بسرعة وفيه ساعة فاتت من عمره بدون ما يحس بيها.
طبعًا رد الفعل الأول عن كلام زي ده إنه مجرد هري وإدعاءات غير منطقية لكن لما نربط الكلام ده بمدى غرابة حوادث الاختفاء ممكن الأمور تخرج من حيز الإدعاءات الخيالية لإدعاءات محتملة أو مبررة، خاصة إنك بتتكلم عن سفن عملاقة وطائرات مجهزة بأحدث أجهزة الاتصالات في عصرها، ومع ذلك اختفوا بدون أثر وبدون نداء استغاثة واحد، والأدهى أن معظمها اختفى في أيام اتوصفت بهدوء أجوائها المناخية، يعني لا فيه عواصف ولا أمواج عالية ولا سبب يدعو لغرق سفينة أو سقوط طائرة، بل أن البعض أرجع الاجابة عن لغز وفاة “إميليا إير هارت” أول أمرأة طيارة في التاريخ، واللي سقطت طائرتها في ظروف غامضة بالمحيط الهادي عام 1937 للأجواء المريبة المحيطة ببحر الشيطان، عوضًا عن رأي البعض أنه تم أسرها وإعدامها على يد اليابانيين.

مقبرة جماعية من مئات السنين

وعن تاريخ بدء وقوع الحوادث بالمنطقة هنلاقي إن فيه حكايات من القرن الـ 13 عن محاولتين للمغول بأوامر من حفيد جنكيز خان لغزو اليابان، انطلقت فيهم غارتين أعوام 1274 و 1281 ميلاديًا واتحركت القوات بأعداد ضخمة على متن السفن عبر بحر الشيطان في طريقها لليابان، وفي المرتين إنتهى الحال بغرق السفن وموت ما يقرب من 40 ألف مقاتل، ومازالت بقايا السفن المحطمة من الأسطول المنغولي موجودة في قاع المحيط بمثلث التنين.
وفي 8 سبتمبر عام 1980 اتحركت سفينة الشحن العملاقة “ديربي شاير Derbyshire” بالقرب من الساحل الياباني محملة بـ 150 ألف طن من خام الحديد، والسفينة ده كانت كبيرة بشكل لا يتصور؛ لدرجة أنها كانت ضعف حجم سفينة تيتانيك وطولها بيوصل لـ 294 متر أي ما يعادل طول 3 ملاعب لكرة القدم، وعمر السفينة في الوقت ده كان لا يتجاوز الـ 4 سنين، يعني بتتكلم على سفينة حديثةأي حد على متنها هيكون مطمن على نفسه، لكن في 9 سبتمبر وبعد يوم واحد بس من انطلاقها في بحر الشيطان؛ اختفت السفينة وكل الطاقم اللي عليها بدون أي أُثر، وكانت أكبر السفن البريطانية اللي اختفت في البحار على مر التاريخ، وبالرغم أن طاقم العمل عليها كان ليهم باع في عالم البحار؛ إلا إن السفينة المهولة اختفت بدون أي نداء استغاثة، وكأن البحر باغتهم في لحظة واحدة وابتلعهم بدون سابق إنذار.

ضيف على كده إنه وبعد 14 سنة من غرق السفينة؛ خرج فريق بحثي في محاولة للعثور على حطامها، واستعانوا بجهاز سونار إسمه سونار المسح الجانبي، وهو جهاز بيتحرك في أعماق المحيط وبيرسل صور واضحة للمساحات الكبيرة تحت سطح المياه، وبالفعل التقط السونار في منطقة ببحر الشيطان على عمق 4 كم صور لما يشبه حطام السفينة، بس الغريب أنه مع تحرك السفينة للموقع ده فوجئوا إن الجهاز توقف عن العمل وأنهم فقدوه هو كمان في المياه، ولما سحبوا السلك الحديدي المقوى اللي كان رابط الجهاز؛ لقوه مقطوع بشكل عجيب وكأن كائن بحري فرتكه بأسنانه الحادة، وفي النهاية تم العثور على حطام السفينة وأرجع الباحثين السبب في غرقها لقوة الأمواج.

اختفاء 9 سفن في 4 سنوات

وفي الفترة من 1950 لـ 1954 شهد بحر الشيطان ارتفاع وتيرة حوادث السفن واختفاءها في ظروف غامضة، ابتلع البحر 9 سفن بشكل متوالي بدون أي إشارة عن سبب الاختفاء أو سوء الأحوال الجوية وقت اختفائهم، ومن الـ 9 سفن مافيش غير واحدة منهم بس اللي صدر منها نداء استغاثة، ووقتها قررت السلطات اليابانية إنها تتدخل بشكل فعلي وتشوف إيه المسألة ده وإزاي السفن ده بتختفي كده، وقامت بإرسال سفينة الأبحاث “كايو مارو رقم 5 Kaio Maru 5″؛ لإلقاء نظرة فاحصة على مثلث التنين والتحقق من الأمر، وبدل من رجعوها بنتائج وإجابات؛ انتهى بيها الحال بالإنضمام لحصيلة السفن الغارقة ببحر الشيطان.
بس الغريب أن جميع أفراد طاقم السفينة المكون من 22 واحد بخلاف 9 علماء كانوا على متن السفينة، كلهم اختفوا بدون أي أثر واليابانيين ماقدروش يسترجعوهم لا أحياء ولا أموات، وبعد الحادثة ده قررت السلطات اليابانية غلق ملف التحقيق وعدم إرسال أي سفن تانية لإستبيان الأمر خوفًا من العواقب، والموضوع ما انتهاش لحد هنا واستمرت حوادث غرق السفن والمركبات واختفاء بعضها في عرض مستمر بمثلث التنين.
وأصدرت السلطات في اليابان تحذير رسمي عن مخاطر المنطقة بدون ما تقدم تفسيرات حقيقية عن سبب الحوادث اللي بتحصل، والمجال أصبح مفتوح لإجتهادات العلماء والباحثين في محاولة للإجابة عن لغز مثلث التنين، وهل فيه علاقة حقيقية ما بينه وبين مثلث برمودا ولا لأ؟

العلاقة بين مثلث التنين ومثلث برمودا

بخلاف تشابه الحوادث اللي بتقع في مثلث التنين ومثلث برمودا؛ فأنت كمان لو رسمت خط أفقي من مركز مثلث التنين في موقعها على خريطة العالم بالمحيط الهادي ومشيت بيه بشكل مستقيم، هتلاقي الخط بيمر مباشرة في قلب مثلث برمودا في المحيط الأطلسي، طيب هل ده معناه إن المنطقتين بيرتبطوا بشكل أو بآخر مع بعضهم، وهل معنى كده إن السبب في تكرار الحوادث هنا وهناك هو واحد؟ وإن اللغزين بيُجيب عنهم نفس الإجابة؟
فيه نظرية بتقول إن مثلث التنين أو بحر الشيطان شأنه شأن مثلث برمودا هو واحد من “الدوامات الدنيئة vile vortex” المنتشرة على سطح الأرض، ومصطلح الدوامة الدنيئة هو مصطلح أطلقه عالم الأحياء الاسكتلندي “أيفان تي ساندرسون Ivan T. Sanderson” واللي حدد 12 منطقة في العالم باعتبارها دوامات دنيئة، وصنف المناطق ده كمواقع لنشاط كهرومغناطيسي غير طبيعي.
وبيشير “ساندرسون” للمواقع ده باعتبارها مقابر نظرًا لكم الحوادث اللي حصلت فيها، وبيعتقد العالم الاسكتلندي إن المناطق ده بتتشكل خطورتها بسبب التقاء مزيج من الهواء الساخن والبارد والتيارات المائية، وإن النشاط الكهرومغناطيسي اللي بيحصل في المناطق ده بيوقف أحيانًا عمل الأجهزة الالكترونية وأدوات الملاحة.
وأدّعي “ساندرسون” أن الدوامات مش بس ممكن تؤدي لاختفاء الأجسام داخلها لكن كمان ممكن تؤدي لحدوث خوارق طبيعية أو ظهور بوابات لأبعاد مختلفة أو أكوان موازية، والجزء الخاص بالبوابات والأبعاد المختلفة بيدعمه أكتر من روائي وباحث في الظواهر الخارقة، منهم الكاتب الياباني وعالم الظواهر الخارقة “جانوتشي ياويا Junichi Yaoi”، لكن وعلى الجانب الآخر عدد كبير من العلماء بيشوفوا إن النظريات ده مش أكتر من خيال علمي وقلة حيلة من أصحابها مش أكتر، وبيطرحوا تفسيرات تانية ممكن تكون أكتر منطقية في نظر البعض.

نظريات عقلانية للإجابة عن لغز بحر الشيطان

واحدة من النظريات ده بتفسر ظواهر الاختفاء بالمنطقة للنشاط البركاني، وإن وجود عدد من البراكين بالقرب من مثلث التنين ممكن يكون السبب في الحوادث، زي ما اقترح الباحث الأمريكي “لاري كوشِ Larry Kusche”، وكشف إن السبب ورا غرق سفينة التحقيق اليابانية “كايو مارو رقم 5 Kaio Maru 5” هو ثوران بركان “مايوجين شو Myojin-Sho” الواقع على مجموعة من الجزر البركانية المعروفة باسم جزر إيزو باليابان، والكلام ده بيتفق عليه عدد من العلماء والباحثين؛ لأن النشاط البركاني ممكن يتسبب في حدوث الزلازل والعواصف الرعدية، وهي كلها أمور ممكن تعرض السفن لخطر الغرق.
وفيه نظرية تانية بتتكلم عن المجال الواسع لـ هيدرات الميثان في قاع المحيط والموجودة داخل منطقة بحر الشيطان، وهيدرات الميثان ليها تركيبة أشبه بجزيئات الجليد ومع إنفصالها عن قاع المحيط بتتحول لشكلها الغازي وبتُنتج فقاعات بتظهر على سطح المياه، وهي الحالة اللي بتصعب على السفن الطفو بصورة طبيعية وبتعرضها لخطر الغرق.
وسواء كنت مايل أكتر للنظريات المنطقية لتفسير الحوادث الغامضة ببحر الشيطان أو حابب إثارة نظريات الثقوب السوداء وبوابات العوالم الموازية، في النهاية يظل بحر الشيطان واحد من أقسى وأغرب ألغاز عالم المحيطات؛ حاله حال مثلث بيرمودا وخندق ماريانا وغيرهم من عجائب البحار، ومن الممكن في المستقبل يظهر لينا أدلة وبراهين أكتر اقناعًا عن التفسير الحقيقي للحوادث اللي بتحصل في المناطق ده، ممكن بعضها يكون أكتر إثارة من اللي تم طرحه على الساحة لوقتنا الحالي، وممكن بعضها يكون أقل إثارة، لكن اللي احنا متأكدين منه إنه ولغاية النهاردة ومع كل التقدم التكنولوجي ومستوى السفن والغواصات والماسحات وقدرتنا على التنبؤ بالطقس وغيرها، مازالت البحار ليس لها سيد ولا حاكم إلا الله.